Welcome to @Manal And @Alaa's space, where we record our thoughts and feelings, keep in touch with friends and upload the occasional file.

Every now and then we write a post in English, you can find them all under the English Posts category.

بروتوكول دستوري

نشرت في جريدة الشروق بتاريخ 2 نوفمبر 2018 بعد اصدار تأسيسية الأخوان للمسودة الأولى لدستور 2012. خرجت علينا اللجنة بعدها بمسودة اسوأ بمراحل و خصوصا بسبب مواد عسكرة الدولة.

اعيد نشرها آملا عدم تكرار نفس الأخطاء. و ان كنت لا اعول كثيرا على اي آلية لصياغة الدستور بدون مشاركة شعبية حقيقية. .


تمسك أغلب المشاركين فى الثورة بكتابة دستور جديد، معتبرين أن إسقاط دستور مبارك جزء من عملية إسقاط النظام، وبالتالى فصياغة دستور جديد هى بالتأكيد جزء أصيل من عملية تصحيح الأوضاع التى استقرت أثناء حكم نظام مبارك، ومعالجة آثار ذلك النظام. الطبيعى فى هذه الحالة أن يحيد الدستور عن دستور مبارك تماما، وأن يكون معنيا بعلاج كل أوجه القصور فيه.

ولكن كالعادة: ما يبدو بديهيا لعموم الثوار نجده عصيا على فهم قياداتنا ونخبنا السياسة. خرجت علينا اللجنة التأسيسية بمسودة لدستور جديد لا يتخطى القديم، وبدلا من علاج كل مساوئ الدستور القديم (دستور ١٩٧١) اكتفى أعضاء اللجنة بأن مسودتهم أفضل منه، ولو قليلا ثم قاموا بتسوقيها على أنها أفضل دستور فى تاريخ مصر.

مع نشر المسودة تخطينا مرحلة السجال على تشكيل اللجنة، وبدأ الجميع فى انتقاد تفاصيل المحتوى مادة مادة، وبدأنا نرى اتفاقا واسعا على ما يلزم تغييره، لكنى أخشى أن الاكتفاء بادخال تعديلات ــ حتى ولو جوهرية ــ مع الاحتفاظ بنفس المنهجية لن يأتى بدستور يختلف تماما عما كنا سنصل إليه لو كنا ارتضينا أن نعدل دستور 71 بدلا من إسقاطه. دستور الثورة يحتاج، من ضمن ما يحتاج، الانتباه للنقاط التالية

أولا ــ أحكام الصياغة:

بعد قراءة عاجلة للدساتير الحديثة يمكن حتى لغير المتخصص التمييز بين دستور يكتب ليطبق ودستور يكتب ليتم التحايل عليه، دستور يلزم السلطات ويقيدها ليضمن ما نص عليه من حقوق ودستور يكتب «سد خانة»؛ ينص على حقوق بلا ضمانات تذكر.

كتبت المسودة ــ خصوصا فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ــ بلغة فضفاضة لا تنص على الحقوق صراحة إلا فى أضيق الحدود، لذا نجدها مليئة بعبارات مثل «تعمل الدولة»، و«تسعى الدولة»، و«تكفل الدولة»، و«ترعى الدولة»، لكن نادرا ما نجد صياغة صريحة بأن لجميع المواطنين الحق فى كذا.

إلزام الدولة بأن تعمل لتحقيق هدف ما لا يعنى إلزامها بتحقيق هذا الهدف، يكفيها أن تشكل لجان «لتعمل على» الهدف. فمثلا النص على أن الزراعة مقوم أساسى فى الاقتصاد لا يضمن للفلاح ائتمانا يساعده فى تحمل تكاليف الزراعة، ولا يقيد بنك التنمية والائتمان الزراعى بحيث يتوقف عن ابتزاز الفلاحين بالحبس فى قضايا شيكات (وفقا للقانون واتفاقات حقوق الإنسان والشريعة لا يجوز حبس المتعسر فى سداد الدين، ومع ذلك تكتظ سجوننا بفلاحين مديونين لجهاز حكومى أنشئ بغرض تطبيق مواد الدستور المعسولة عن «مقوم أساسى» للاقتصاد).

حتى أبسط الحقوق وأكثرها أصالة، «الحق فى الحياة»، لا يذكر صراحة فى دستورنا. يقول الإعلان العالمى لحقوق الإنسان: «لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وسلامة شخصه»، وفيما تلى هذا الإعلان من مواثيق وعهود ــ بما فيها الميثاق العربى لحقوق الإنسان ــ نجد: «الحق فى الحياة حق ملازم لكل شخص» ــ لكنه لا يذكر صراحة فى دستورنا المقترح.

نعرف بالطبع أن إغفال ذكر «الحق فى الحياة» لا يعنى أن للدولة الحق فى قتل المواطن، فالقتل مجرم فى المسودة، لكن الفارق فى النص على «الحق» صراحة أنه يجعل للدولة مسئولية أكبر عن من يهدر حقه فى الحياة بسبب إهمال حكومى أو إخفاق فى تقديم الرعاية الصحية، ويفتح النص على الحق صراحة الباب لمحاسبة قوات الشرطة عند إزهاقها أى روح، ولا يسهل (دستوريا على الأقل) تبرير القتل بأن القتيل «قاوم السلطات» أو بأنه «مسجل خطر». يؤدى النص على «الحق فى الحياة»، مثلا، إلى اعتبار ندرة الحضانات المجهزة فى المستشفيات جريمة فى حق الجنين وليس فقط الأم، إلى آخر الممارسات التى صار الكل يعرفها والتى تعبر عن عدم اهتمام الدولة بحياة المواطن.

العرف فى الدساتير الحديثة أن ينص على الحقوق الأساسية صراحة كل حق فى مادة منفصلة، ويرفق بالحق الأساسى الحقوق المتفرعة منه، متبوعة بجميع الالتزامات السلبية (أى القيود الصريحة على الدولة حتى لا تنتهك هذا الحق) ثم بالالتزامات الإيجابية (أى الإجراءات الضامنة لتحقيق الحق).

ثانيا ــ السياق الزمنى:

لم يتوقف الزمن عام ١٩٧١، وبالتأكيد لم يتوقف تطور المجتمع البشرى ــ وبالذات مع تطور التقنية. ومع ذلك عندما قررت اللجنة التأسيسية إبداع باب جديد فى الدستور للمؤسسات الرقابية والمستقلة أهملت ذكر ما استحدث من مؤسسات ــ وعلى رأسها مرفق الاتصالات الذى لا يقل أهمية ولا خطورة عن البنك المركزى.

الدستور فى وضعه الحالى يسمح بإلغاء مرفق الاتصالات، وجعل قرار تنظيم القطاع فى يد السيد الرئيس أو رئيس وزارته أو حتى وزير الاتصالات بلا رقيب ولا حسيب، بينما كنا نأمل أن تبدع اللجنة وتدرك أن الاتصالات ــ وخصوصا شبكة الإنترنت ــ صارت أكبر من مجرد تقنية أو سوق، وإنما هى مورد أساسى، وبنية تحتية ضرورية، وحق منفرد بذاته، علاقتها بالمعرفة مثلها مثل علاقة شبكة الطرق والمواصلات بحرية التنقل وتنمية الاقتصاد.

إغفال (أو عدم إدراك) أعضاء التأسيسية لتطور المجتمع الإنسانى انعكس فى تجاهل مخاطر مستجدة لم تواجه كاتبى دساتيرنا القديمة. تنص المسودة على التزام الدولة بتنمية وحماية الأصناف النباتية، وهو أكيد أمر محمود، لكنها أهملت التعامل مع ما يواجهه الفلاح اليوم من إغراق للسوق بأصناف معدلة جينيا تعديلات لا تحسن جودة المنتج وإنما تحسن فرص الشركات الدولية العملاقة فى تعاظم الربح. والحقيقة أن تلك الأصناف المعدلة تهدد الأصناف المحلية بالانقراض. كما تجاهلت المسودة أن قواعد ملكية فكرية مجحفة، تطبق الآن على الجينات. وتهدد تلك القواعد تراثنا الزراعى والحيوى. يفاقم هذه المخاطر تقاعس الدولة عن دورها فى توثيق وحماية الأصناف المحلية، وتمويل تطويرها. وقد أدى هذا، مثلا، إلى لجوء المركز القومى للبحوث الزراعية اضطر لشركات أجنبية لتمويل دراسات عن أصناف زراعية مصرية، وفى النهاية تحتفظ الشركة بملكية نتائج الأبحاث، ومن ضمنها الحق الحصرى فى تصنيع التقاوى والبذور.

لو انتبهت اللجنة لأصوات العلماء والفلاحين ونشطاء البيئة لربما أبدعت لنا مواد دستورية غير مسبوقة، تجرم تصنيع واستيراد البذور العقيمة التى تُخضِع الفلاح لسلطان الشركات الدولية أو تنص على إنشاء هيئة منوطة بدراسة وتوثيق وحماية وتطوير الأصناف المحلية وتحدد لها نسبة من الميزانية تضمن ألا يتحول علماؤنا إلى أُجَراء عند ذات الشركات. أو ربما، بدلا من انشغال اللجنة بموقف الشريعة من زواج القصر، كانت نقلت لنا موقف الشريعة من أن يسمح لشركات بامتلاك فصائل حية بأكملها ملكية تفوق ملكية الفلاح لأرضه وما زرع فيها وما حصد.

حتى الحقوق المتعارف عليها تحتاج الآن إلى التنبه والتطوير بسبب تطور التقنية. تنص المسودة بالفعل على احترام حرمة البيوت والمراسلات، وبلغة محكمة بما يكفى. لكن فاتها أن تنص على وجوب تنظيم ما يسمى بـ «الاحتفاظ بالبيانات». فمثلا شركات المحمول تحتفظ بسجلات تفصيلية عن تحركات المشترك بناء على اتصال الهاتف المحمول الدائم بأبراج الاتصال. يمكن بناء على تلك السجلات تحديد الموقع الجغرافى للمشترك فى أى وقت ــ بما فيها فى الماضى البعيد ــ بدقة عالية تصل لعشرات الأمتار. لا يملك المواطن أمام هذه القدرة المرعبة على متابعته أى حماية تشريعية؛ فلا ضابط للمعلومات التى يمكن للشركة الاحتفاظ بها، ولا ضابط للمدة الزمنية المسموح لها الاحتفاظ بها (هل تملك الشركة سجل بتحركاتى للعشرة سنوات الماضية؟) ولا قواعد لمن يحق له الاطلاع على تلك البيانات، هل تبيعها الشركة لشركات دعاية وإعلان، مثلا؟ هل تسلمها للأمن الوطنى بمجرد الطلب أم تشترط أمر قضائى؟

لن يتوقف التطور بعد صياغة الدستور، وليس من الممكن مواكبة كل جديد، ولكن حين تستحدث مشكلات وينتشر الوعى بها فتصبح مادة لبرامج التوك شو بل والأفلام الروائية ناهيك عن الأبحاث والدراسات ــ فمن الطبيعى أن نتوقع أن ينعكس هذا فى دستور يكتب اليوم.

ثالثا ــ السياق المحلى:

لو قرأت دستور إيطاليا المكتوب فى عام ١٩٤٦، سيتبين لك قلق واضعيه من عودة الفاشية، وبالمثل دستور جنوب افريقيا المكتوب عام ١٩٩٦ تهيمن عليه معالجة آثار نظام الفصل العنصرى. الدساتير الحديثة بنات خبرات ونضالات شعوبها، والدساتير المكتوبة بعد الثورات تعكس أسباب قيام الثورة وهموم الثوار

فهل يعقل أن دستورا يكتب بعد اندلاع الثورة المصرية لا يذكر حتى كلمة تعذيب؟ دستور ١٩٧١ نص على أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، لكن كاتبه ترك تعريف جريمة التعذيب للقانون، فتحايل ترزية النظام وفصلوا قوانين تجعل أغلب ممارسات الداخلية ــ حتى القاتلة منها ــ تبدو لمحاكمنا وكأنها مجرد تجاوزات بسيطة، فيحكم القاضى بـ«القتل الخطأ» أو «ضرب أفضى إلى موت» فى قضايا تستدعى الإطاحة بإدارات أمنية كاملة. الحد الأدنى المنطقى لدستور ثورتنا هو النص على تعريف للتعذيب متوافق مع تعريف الاتفاقية الدولية لمناهضته مع العلم بأن طموحات الجماهير أوسع من هذا.

من يقرأ دستورا كتب بعد أحداث ماسبيرو يتوقع أن يرى مادة تجرم مواجهة المواطنين بالجيش، وتحمى الجندى الذى يرفض تنفيذ أوامر إجرامية. من يقرأ دستورا كتب بعد محاكمة المخلوع (التى أفلت من القصاص فيها الجميع إلا من نص الدستور صراحة على مسئوليته) يبحث عن صياغة دستورية تدين كل تسلسل القيادة فى حال ارتكاب جرائم ضد المواطنين، بحيث يُدان القناص وقائده ومديره ووزيره ورئيسه وكل من كان بيده وقف تنفيذ الأوامر ولم يوقفها.

من يكتب دستورا لمصر الشابة التى انتفضت ضد دولة العواجيز، كان سينتبه لمقترحات الجماهير بمادة دستورية توحد سن المعاش وتطبقه بصرامة (ووقتها كان الرئيس تخلص من النائب العام ومن هم على شاكلته بلا حرج ولا هرج).

كيف ينشغل من يكتب الدستور اليوم بزواج القاصرات فى حين أن المشكلة الكبرى التى تواجه الأسرة المصرية هى تأخر سن الزواج لضيق الحالة الاقتصادية؟ بأى منطق ينشغل من يكتب الدستور اليوم بالتأكد من حماية الدولة من خطر ممارسة المواطنين لحريات قد تتعارض مع العادات والتقاليد، بينما المشكلة الكبرى التى تواجهنا هى دولة اعتادت اغتصاب المواطنين فى أقسام الشرطة.

رابعا ــ العلانية:

من أعجب ما مر بنا، فى مسارنا الدستورى المتعرج، الطبيعة شبه السرية لمداولات لجان التأسيسية. اجتماعات اللجان الفرعية لا تبث ومحاضر اجتماعات اللجان ومضابطها لا تنشر. يحاول المواطن ــ فى غياب أى وسيلة رسمية ــ فهم ما يدور فى اللجان من خلال تراشق الأعضاء فى البرامج الحوارية، فيشخط رئيس التأسيسية فى الأعضاء آمرا إياهم أن يأتوا بخلافاتهم إلى مكتبه بدلا من الإعلام.

وفى كل مرة ترتفع الأصوات معترضة على مادة تسربت هنا أو هناك جاء الرد بإنكار تداول تلك المادة، ولاحقا يتضح أن الإنكار كاذب فيقال لنا أنها مجرد مقترح. ألا يحق لنا أن نعرف كل المقترحات ومن طرحها ومن اعترض عليها ومنطق من اقترح وأسباب من اعترض؟ ألا يحق لنا فهم ما يجرى فى كواليس كتابة دستورنا، وتقييم الأعضاء وأحزابهم وجماعاتهم سياسيا؟ من الذى تجاهل مقترحات المواطنين ومن الذى انتصر لها؟ من يقول فى اللجان عكس ما يقوله فى الإعلام؟ ألا يحق لنا أن نعرف كيف وصلنا إلى اقتباس مواد الوصاية العسكرية من وثيقة السلمى فى المسودة رغم تصدر جماعة الإخوان المسلمين ــ الحائزة على أغلبية التأسيسية ــ لمظاهرات الاعتراض على وثيقة السلمى؟

وصل الغموض لدرجة جعلت العلاقات الشخصية هى الطريق الوحيد الذى عرف من خلاله مواطن ما يأتى: أن العاملين فى رعاية أطفال الشوارع طالبوا بتجفيف أحد منابع الظاهرة الرئيسية، فتجاهلتهم تأسيسيتنا، بحجة أن دسترة حماية الأطفال من القلة القليلة من الآباء الغير أمينين على تربية أولادهم ــ لدرجة الانتهاك والأذى المتكرر ــ يمثل تعديا على الشريعة وعلى حق الآباء فى استخدام الضرب كوسيلة تربوية.

لكن السرية ليست مجرد أمر مزعج للمواطن المطلع ولا تنتهى عواقبها بانتهاء عمل التأسيسية، فتفسير الدستور بعد إقراره، من قبل المشرع والمحاكم، سيعتمد على الأعمال التحضيرية، والتى تشمل مضابط ومحاضر الاجتماعات المخفية عنا. كيف نضمن عدم التلاعب فى تلك المضابط والمحاضر، بحيث يتم تغيير معنى المواد الدستورية بعد الاستفتاء، ما لم تتح لنا متابعتها أولا بأول؟

أم أن المطلوب من المشرع والقاضى والموظف العام والمواطنين مقابلة السيد رئيس التأسيسية فى مكتبه كلما التبس علينا تفسير أحد الألفاظ الفضفاضة؟

أخيرا.. المشاركة المجتمعية:

تقدم حوالى عشرة آلاف مواطن لمخاطبة التأسيسية، من خلال مئات جلسات الاستماع، حاملين معهم فوق الثلاثين ألف مقترح، بالإضافة لمائة ألف مقترح أو أكثر وصلت إلى التأسيسية عبر صفحاتها على الإنترنت. كما تقدم مئات العاملين والمتطوعين بمنظمات المجتمع المدنى التنموية والحقوقية والخيرية، فى محاولة للتعبير عن طموحات وشكاوى الفئات الأقل تمثيلا كأطفال الشوارع وذوى الإعاقة.

عملت مجموعة من المتطوعين من الشباب الثورى على فرز كل تلك المقترحات، ورفع توصيات كاملة بمعايير صارمة، بحيث لا يرسل للتأسيسية مقترح إلا وكان على لسان آلاف المواطنين وعليه توافق من أغلبية من تواصل معهم. فى حال انقسام الآراء رفعت توصيات كاملة ببدائلها، لتختار منها اللجان ما تراه الأصلح، فمثلا رفع للجنة نظام الحكم مقترحين متكاملين للحكم المحلى على درجات مختلفة من عدم المركزية.

قطاع من الشعب صدق الدعوة للمشاركة فى كتابة الدستور، ذهبوا إلى اللجنة حاملين طموحات ومظالم، أحلام وآلام، وفقا لدعوة رسمية. واختارت التأسيسية أن تلقى بكل هذا جانبا وتستغل ثقة الجماهير فى تجميل صورتها فقط. نعرف هذا اليوم لأن الدكتورة سحر طلعت استقالت من التأسيسية، وذكرت من ضمن أسباب استقالتها «المسودة الأولية المكتملة لا ترقى لطموحات الشعب المصرى والتى ظهرت جلية من خلال مقترحاتهم المقدمة والتى تم تجاهلها».

لم يكتف أعضاء التأسيسية بتجاهل مقترحات الجماهير، بل وصل الأمر لأن يدعى عضو علنا أن غالبية المقترحات طالبت ببقاء مجلس الشورى! هذا كذب بين، والكل يعلم انه كذب بين، والعضو يعلم إننا نعلم انه كذب بين، فالمصريين ابهروا العالم بالعزوف عن المشاركة فى انتخابات الشورى. العجيب أن المسودة الحالية بها مواد انتقالية للرئيس ولمجلس النواب لكنها أهملت أن تنص صراحة على مصير مجلس الشورى الحالى، وكيفية تشكيل مجلس الشيوخ القادم. أظن من الواضح أن النية مبيتة للمحافظة على مجلس الشورى الحالى، كضمان فى حال تغيرت موازين القوى وخسرت جماعة الإخوان المسلمين أغلبيتها.

وبعكس أعضاء التأسيسية المبجلين، كان من تقدم من المواطنين إلى اللجنة بآلامه وأحلامه باله مشغول تماما بمصر الثورة. إليكم مثالا واحدا فقط: مادة قدمها للتأسيسية متطوعو لجنة التواصل المجتمعى:

«يجب أن تشمل الموازنة العامة للدولة، وحسابها الختامى، جميع مصادر الدخل والإنفاق دون استثناء، ويحظر وجود أى مصدر دخل أو إنفاق خاص بأى من مؤسسات الدولة خارج إطار الموازنة العامة للدولة وحسابها الختامى، وتكون الصناديق الخاصة وجميع مصادر الدخل والإنفاق خاضعة لرقابة الأجهزة الرقابية».

بهذه المادة البسيطة تبدأ أول خطوة فى حل مشكلتين من أكبر المشكلات التى شغلتنا فى السنوات الماضية: مشكلة الاقتصاد الموازى للمؤسسة العسكرية، ومشكلة الصناديق الخاصة. ترى لِمَ اختار الأعضاء تجاهلها؟

منذ اندلاع الثورة ونحن نرى نفس المشهد يتكرر: تنفتح أبواب التاريخ على وسعها أمام وجهائنا وحكمائنا، كل المطلوب منهم ــ ليمروا من خلالها وتخلد ذكراهم ــ خطوة، خطوة واحدة بسيطة تكفى، ومع ذلك فى كل مرة يصر من ساقه حظه لعتبة التاريخ أن يتكعبل ويخسف بأحلامنا الأرض. الخطوة سهلة. تواضعوا، تواضعوا واسمعوا من وضعوا ثقتهم فيكم، وحملوكم أمانة أحلامهم وآلامهم. والكعبلة أيضا سهلة: عليك فقط أن تقنع نفسك أن الهوان والخذلان بروتوكول.

لماذا رفضت دستور 2012: عسكرة الدولة

نشرت على فيس بوك بتاريخ 21 ديسمبر 2012، اعيد نشرها هنا بمناسبة تجدد الأمل في حظر المحاكمات العسكرية للمدنيين من خلال لجنة تعديل الدستور.


اولا المحاكمات العسكرية

مادة (197)

ينشأ مجلس للدفاع الوطنى، يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم فى عضويته رئيس مجلس الوزراء، ورئيسى مجلسى النواب والشورى، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. ويختص بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، ويجب أخذ رأيه فى مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة. ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى .ولرئيس الجمهورية أن يدعو من يرى من المختصين والخبراء لحضور اجتماع المجلس دون أن يكون لهم صوت معدود.

مادة (198)

القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة؛ ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى. وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون، غير قابلين للعزل، ويكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء الجهات القضائية.

يصر مؤيدي الدستور على التهوين من خطورة السماح بمحاكمة المدنيين عسكريا بنص دستوري، مدعين ان قصر المحاكمات العسكرية للمدنيين على الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة في حد ذاته ضمانة. المحاكمات العسكرية اصلا ظلم، فهي مصممة لسرعة التقاضي بناء على ترتيب القيادة العسكرية، و الاتجاه في الديمقراطيات لالغائها حتى للعسكريين طالما ان المحاكم المدنية متاحة و قادرة على النظر في القضية، و ينحصر دور المحاكمات العسكرية في محاكمات الميدان للمخالفات العسكرية التي يرتكبها عسكريين وقت الحرب او خارج حدود البلاد مثلا. بالتالي محاكمة اي مدني امام محاكمة عسكرية حتى لو بتهمة اعتداء على رئيس الأركان ظلم، فلا يوجد ما يمنع ان يحاكم نفس المتهم بنفس التهم امام القضاء الجنائي. و بالفعل المسودة الأولى للدستور نصت صراحة على حظر محاكمة اي مدني امام محكمة عسكرية، تم التراجع عن هذا الموقف المنحاز للعدالة في عملية السلق الأخيرة حماية لمصالح المؤسسة العسكرية.

المادة 198 لا تغير من الوضع القائم بشيئ، فقانون القضاء العسكري الحالي متوافق معها بعد تعديله من قبل مجلس الشعب قبل حله، و قد تم بالفعل محاكمة عشرات المدنيين بناء على هذا القانون، المادة 198 تسمح بمحاكمة فلاحوا القرصاية لمجرد ان الجيش قرر ان يضع يده بلا وجه حق على ارض جزيرتهم و رفض او مقاومة قرار وضع اليد تتحول الي جريمة تضر بالقوات المسلحة. و بالطبع المسكوت عنه لكن المفهوم للجميع ان رغبة الجيش في ارض القرصاية لا علاقة لها بحماية البلاد بل هي طمعا في ارض ذات قيمة عالية بغرض استغلالها في مشاريع تنمية عقارية كبناء فنادق او منتجعات بدلا من زراعة الأرض. قبل النص على ان القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة كان القانون يعترف بطبيعة القضاء العسكري كاحد مكونات القوات المسلحة و بالتالي جهة تابعة لوزير الدفاع، اي جزء من السلطة التنفيذية، و كان بامكان المواطن الذي تعرض لظلم المحاكمات العسكرية ان يطعن في قرار احالته للمحكمة العسكرية امام محكمة القضاء الاداري (بالفعل تنظر محاكم مجلس الدولة دعاوي كهذه)، كما ان احد اهم الطعون التي كنا نتقدم بها هو عدم دستورية محاكمة المدنيين عسكريا، الآن بعد النص على استقلال القضاء العسكري (و هو استقلال زائف لأن الغرض منه هو وجود آلية لمحاسبة العسكريين تخضع للقيادة) يقفل باب الطعن امام مجلس الدولة او الدستورية.

يدعي المبررون ان هذه الثغرات يمكن اصلاحها بالقانون، لكنهم يتجاهلون المادة 197 التي تفرض على البرلمان اخذ رأي مجلس الدفاع في صياغة اي قوانين متعلقة بالقوات المسلحة (و تشمل بالطبع قانون القضاء العسكري و تحديد اي جرائم تخضع لاختصاص القضاء العسكري)، اي ان الجيش سيكون الخصم و الحكم و سيكتب القوانين ايضا. و ان ادعى احدهم ان رأي مجلس الدفاع استشاري فقط فالواقع يقول ان رأي حامل السلاح لا يكون استشاريا ما دمت مجبرا على استشارته، و الدليل هو جلسة سلق الدستور و مناقشة المادة 197 نفسها، ما يفوق 80 عضو مدني في مواجهة اللواء شاهين وحده، و عندما حاول البلتاجي تعديل تشكيل مجلس الدفاع شخط فيه اللواء بجملته الشهيرة "هتحط واحد هحط واحد" بمعنى لو اضفت مدني للمجلس ساضيف عسكري، اخرس اللواء شاهين البلتاجي و كافة اعضاء التأسيسية بل و رئيسها الذي سبق ان استنكر ان يعامل القضاء العسكري كهيئة قضائية مستقلة، فبالله عليكم كيف نتوقع ان يخرج البرلمان بتشريع يتعارض مع رغبة و مصالح الجيش حتى لو المصلحة فساد بين؟

و كل هذا لا يهم، فحتى لو شرب البرلمان بيريل و صاغوا قانون محكم يتحدى فساد المؤسسة العسكرية و يحصر محاكمة المدنيين عسكريا في اضيق الحدود، النص على استقلال القضاء العسكري يعني ان لو تجاوزت النيابة العسكرية حدود ذلك القانون سيكون الطعن بعدم الاختصاص امام المحكمة العسكرية. و يبقى تطبيق القانون خاضع لمزاج المؤسسة العسكرية بما انه الطعن امام المحاكم الأخرى مستحيل. اما اذا حدث العكس و اصدر البرلمان قانون معيب يسمح بالتوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين بما يخالف مواد اخرى في الدستور، فلا مفر للمواطن ايضا لأن الدفع بعدم دستورية القانون سيقدم امام القضاء العسكري لنفس الأسباب.

لا يتوقف ضرر المادة 198 على اهدار حقوق المدنيين في حال اتهامهم من قبل عسكريين، تهدر حقوقهم ايضا لو كانوا مجني عليهم، فالنص على ان القضاء العسكري يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة و ضباطها و افرادها يعني ان اي جريمة يرتكبها اي شخصية عسكرية حتى لو هي جريمة سرقة او اختلاس او اعتداء او تهرب من تنفيذ حكم نفقة تنظر امام القضاء العسكري. بالتالي محاكمة اعضاء المجلس العسكري على جرائمهم خاضعة لمزاج القضاء العسكري التابع لوزير الدفاع. و اخيرا تفتح الجملة الأخيرة و خصوصا النص على ان لاعضاء القضاء العسكري كافة واجبات اعضاء الهيئات القضائية الباب لمشاركة القضاة العسكريين في الاشراف على الانتخابات!!!

ثانيا استقلال المؤسسة العسكرية عن الرقابة

مادة (195)

وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة ، ويعين من بين ضباطها.

مادة (197)

ينشأ مجلس للدفاع الوطنى، يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم فى عضويته رئيس مجلس الوزراء، ورئيسى مجلسى النواب والشورى، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. ويختص بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، ويجب أخذ رأيه فى مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة. ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. ولرئيس الجمهورية أن يدعو من يرى من المختصين والخبراء لحضور اجتماع المجلس دون أن يكون لهم صوت معدود.

ان يفرض الدستور ان يكون وزير الدفاع احد ضباط القوات المسلحة معناه صراحة ان يتفاوض الرئيس مع المؤسسة على من يرأسها و ان تبقى المؤسسة مستقلة عن الرئيس، و بما انها المؤسسة حاملة السلاح بالاضافة لقوتها الاقتصادية المبالغ فيها، تصير القوات المسلحة مؤسسة اقوى من الرئيس. المفروض ان القيادة الفنية للقوات المسلحة مسئولية رئيس الأركان و وزير الدفاع قيادة سياسية مثله مثل اي وزير آخر، و المفروض ان تعيين وزير سياسي تابع لرئيس الجمهورية المنتخب يضمن خضوع المؤسسة العسكرية حاملة السلاح للقيادة المدنية المنتخبة من ناحية و من ناحية اخرى ينهي السياسة عن مكتب الوزير و يحمي البلاد من تسييس المؤسسة العسكرية كلها. اضف الي هذا مادة مجلس الدفاع، دار جدلا كثيرا حول التوازن بين العسكريين و المدنيين في مجلس الدفاع، و في هذا الجدل مغالطتين، اولا احتساب وزير الداخلية و مدير المخابرات العامة كمدنيين، لكن الحقيقة انها مؤسسات امنية و في حسابات العلاقات المدنية العسكرية هم اقرب للعسكريين. و الأهم هو تجاهل ان اغلبية الاعضاء المدنيين وزراء و ليسوا من مناصب منتخبة.

تحتاج الديمقراطية لرقابة صارمة على كل السلطة التنفيذية، و المسئول عن تلك الرقابة بالأساس البرلمان (و يضاف اليه القضاء). السلطة التنفيذية قوامها الأساسي موظفين معينيين، و تملك التصرف في الميزانية و ادارة موارد الدولة. كما انها تملك و تدير السلاح (الجيش و الشرطة). السلطة التنفيذية هي السلطة الأقوى، و الاكثر تدخلا في حياة المواطنين اليومية، و بالتالي هي الأكثر قدرة على الأذى و الأكثر عرضة للفساد. كما ان السلطة التنفيذية متجانسة، على رأسها رئيس منتخب فقط، او ربما رئيس منتخب و رئيس وزراء من اختيار البرلمان، لا معارضة داخلية مثل البرلمان ولا هي مكونة مجلس متنوع و مداولاته علنية. لذا هي السلطة الأخطر التي تحتاج لرقابة دائمة و ضوابط تحكمها و تشكمها. الجانب المسلح من السلطة التنفيذية يتحاج ان يكون خاضع تماما للادارة المدنية و يحتاج لرقابة اكثر صرامة و قيود شديدة، فالسلاح ان وجه بشكل خاطئ ضاعت الحرية و الديمقراطية و الأمان و عم الفساد و القهر.

المادة 197 ترسخ لمجلس دفاع مسئول بشكل كامل عن كل ما يخص حاملي السلاح، و المسئولية حصرية، ففي الدستور لفظ يختص تعني بالضرورة يختص وحده، اي ان لا معقب عليه و لا رقيب غيره. المادة 197 تجعل القوات المسلحة و المخابرات العامة و اي شيئ آخر يمكن تصنيفه على انه جزء من وسائل تأمين البلاد و سلامتها غير خاضعة للرقابة البرلمانية. فالمجلس تشكيله كله عدا اثنان فقط من اعضائه من السلطة التنفيذية، ناهيك عن ان اغلبيتهم عسكريين او من مؤسسات امنية.

ثلاثة اعضاء مدنيين منتخبين فقط، و اثنان فقط من البرلمان، و غالبا رؤساء المجالس النيابية تكون شخصيات حزبية لا استقلالية لها و اكيد ليست من المعارضة، اي ان العسكريين و الأجهزة الأمنية خارج نطاق الرقابة و يشمل هذا الميزانية و ما يعنيه تحصينها من الرقابة من فساد و افساد، و المشورة في التشريع كما ذكرنا سابقا.

و طبعا اللغة الفضفاضة تسمح لمجلس الدفاع بالتدخل في اي شيئ و كل شيئ، فتاريخيا حجة "الأمن القومي لمصر" استخدمت لاقحام المؤسسة العسكرية و الأمنية في كل شيئ من توزيع اراضي الدولة لرغيف العيش و البحث العلمي.

اخيرا السخرة و اقتصاد الجيش

مادة (64)

العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. ولا يجوز فرض أى عمل جبرا إلا بمقتضى قانون. ويعمل الموظف العام فى خدمة الشعب، وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين على أساس الجدارة، دون محاباة أو وساطة، ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتكفل الدولة حق كل عامل فى الأجر العادل والإجازات، والتقاعد والتأمين الاجتماعى، والرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية فى أماكن العمل؛ وفقا للقانون. ولا يجوز فصل العامل إلا فى الحالات المنصوص عليها فى القانون.والإضراب السلمى حق، وينظمه القانون.

تماديا في حماية مصالح الفساد في الجيش عدلت المادة الخاصة بالحق في العمل في اللحظات الأخيرة لتسمح بالعمل القسري و بقانون، و لم تنص حتى على حكر هذا في خدمة الوطن ولا ان يكون بمقابل عادل ولا اي ضوابط. حاول المبرراتية التغطية على جريمة دسترة السخرة بربط هذه المادة بالتجنيد و هو كذب فالتجنيد منصوص عليه بالفعل في المادة 7، و ادعى اخرون ان المادة مطلوبة لاستحداث عقوبات كخدمة المجتمع او الحبس مع الشغل، و هذا كذب ايضا فالاصل ان العقوبة هي تقييد لحرية و حرمان من حق، فالحبس حرمان من الحق في حرية الحركة و العمل و الخصوصية، و الاعدام حرمان من الحق في الحياة و مع ذلك لا توجد استثناءات في المواد المنظمة لتلك الحقوق.

الحقيقة واضحة كالشمس، تستغل مؤسستي الجيش و الشرطة التجنيد الاجباري لتشغيل فقراء الوطن بالسخرة، و السخرة المقنعة عندنا لها ثلاث اشكال، السخرة لصالح القيادة عندما يستغل ضابط ذا رتبة مرتفعة مجند في خدمة في مكتبه او بيته، و السخرة في مشاريع الجيش الاقتصادية من مصانع مكرونة و سخانات و قاعات افراح و فنادق و محطات بنزين و غيرها من استثمارات امبراطورية الجيش الاقتصادية (و السخرة هنا اعتداء على حق المجند و اعتداء على السوق ايضا فمن يقدر على منافسة شركة تملك عمالة مسخرة؟)، و النوع الثالث هو استغلال التجنيد في اعمال الشرطة و خصوصا الأمن المركزي (و المشكلة هنا لا تتوقف عند انتهاك حق المجند، لولا التجنيد لما تمكنت الدولة من بناء جهاز شرطة قادر على قمع ملايين المصريين و حشد قوات امن مركزي تكفي لقمع مدينة بأكملها مثلما حدث مع المحلة في 2008 و مع السويس في مطلع الثورة).

مع دخول الثورة في صدام مع حكم العسكر ارتفعت لأول مرة اصوات منادية بانهاء الاقتصاد العسكري و انهاء السخرة، و بدأت بالفعل عملية مقاضاة ضباط على تسخير المجندين لخدمتهم، كما انطلقت حركة عمالية لأول مرة في المصانع الحربية. و لذا ظهر الاحتياج لدسترة و تقنين عملية السخرة لحمايتها من هجوم وشيك.

الحقيقة ان المواد الخاصة بالمؤسسة العسكرية كلها صيغت لتحمي و ترسخ الوضع القائم بكل ظلمه و فساده، و بدلا من ان يدعم الدستور الحركة الثورية صيغ ليجهضها.المواد 195 و 197 و 198 مجتمعة تجعل الجيش و معه المؤسسات الأمنية ليست فقط دولة داخل الدولة لا تسأل عن فسادها و اهمالها و انتهاكاتها، بل ترسخ لها كدولة فوق الدولة، ننتخب و نتداول السلطة كيفما نشاء و تشكل حكومات و تجتمع برلمانات و تكتب قوانين كل هذا في النهاية تابع و خاضع لاملاءات حاملي السلاح بدلا من ان يكون مدير و رقيب و ضابط و حاكم لحاملي السلاح.

هي الشباب عند وزارة الداخلية ليه؟

تدوينة قديمة نشرتها على فيس بوك بتاريخ 3 فبراير 2012 بعد اندلاع معركة بين الثوار و الداخلية في شارعي المنصور و محمد محمود ردا على مذبحة بورسعيد. احداث اليومين دول معقدة بس مش مفروض ننسى ان في قلبها فيه شباب معركته الأولى ان لم تكن الوحيدة مع الداخلية. اعيد نشرها عشان منساش. http://fb.com/alaaosh/posts/10151223823200291


س: هي الشباب عند وزارة الداخلية ليه؟
ج: عشان غضبانة من القتل المجاني

س: أيوه يعني ناويين يعملوا ايه؟
ج: محدش عارف، هما نفسهم مش عارفين، هما عارفين الموت و الغضب بس

س: طيب ليه متقولهمش يروحوا التحرير؟
ج: عشان التحرير فشل يجيب حق اللي مات بدل المرة عشرة

س: طيب متقولوهم ... ؟
ج: أقولهم ايه بس، حد فيكم عنده حل بجد؟ أروح أضحك عليهم ولا أقولهم كلام شعارات؟

س: أصل مش عايزين دم؟
ج: القاتل مش مستنيك تروحله عند وزارته، بيخطفنا من الشوارع و يقتلنا في ماتش كورة، تفرق في ايه بقى!

س: طيب هما عايزين ايه يعني؟
ج: عايزين عيش و حرية و عدالة اجتماعية و كرامة انسانية، عايزين حق الشهيد، عايزين يفهموا ليه عواجيز بتخطط لمستقبل و أطفال بتكتب وصيتها

س: ايوه بس عايزين ايه دلوقتي حالا؟
ج: ولا أعرف، دي مش مظاهرة رافعة مطالب، بس هما بيهتفوا ضد المشير تعرف تجيبلهم المشير؟

س: سيبنا التحرير ليه؟ التحرير واسع!
ج: لا التحرير بقى ضيق قوي، كله مشاكل و خناقات و مخترق من التحريات و فيه ناس بتركب على المنصات و تزعق و ناس بتعمل حفلات تعذيب و ناس بتفرض ارضية على البياعين و ناس ثانية بتضرب البياعين و أخوان بتشارك بمطالب عكس مطالب الجماهير و ماخوانش نازلة عشان تتخانق مع الأخوان مش مع اللي بيقتلنا، انتم ازاي مش شايفين ده كله؟

س: طيب معلش و النبي مشيهم كفاية دم!
ج: و الله العظيم ما أعرف أمشيهم، محدش يعرف يمشيهم.

س: طيب لما أنت مش عارف موجودين ليه، و مش عارف عايزين ايه، و ملكش كلمة عليهم واقف معاهم ليه؟
ج: عشان اتعلمت في الثورة أقف مع دائما مع اللي بيتحدى الرصاص، مع اللي بيرفض السلطة، مع اللي يبدوا ضعيف و هو قوي، اتعلمت أن اللي بيوجع أكثر مش جرح الرصاص لكن جرح الغدر و البيع من على المنصات و الفضائيات، اتعلمت أني لو مش المكان اللي ممكن أتصاب أو اتقتل أو اعتقل فيه و فيه غيره بيتصاب أو بيتقل أو بيعتقل يبقى بعمل حاجة غلط. لو مش فاهم ده مش هعرف أفهمك.

س: طيب أنا أعمل ايه دلوقتي؟
ج: متشتمش اللي قدام الرصاص حتى لو أنت مش فاهمه، بلاش تنظير ما تقولش بلطجية ولا مندسين، متتكلمش كأنهم خراف في حد بيسوقهم، الشباب دي مش فاضله الا الارادة، اتاخد منه العمر و الحلم و الأخ و الصديق و العين و الرجل و الروح و نادي الكورة و الميدان و الثورة و كل حاجة و أي حاجة، مش فاضله الا الارادة، أنه هو اللي بيقرر يعمل ايه و محدش متحكم فيه، و قمة الارادة هي أنك تختار هتموت ازاي و تعيش ازاي.

س: اه بس أنا عايز أعمل حاجة ايجابية؟
ج:انزل اقف معاهم، مش لازم تشارك في الاشتباك بس انزل شم من نفس الغاز اللي بيشموه و افهم يعني ايه رش و خرطوش، انزل اتطوع في مستشفى ميداني أو وزع عليهم خل أو أكل.

س: مش عاجبني المواجهة مش عايز أنزل هناك؟
ج: خلاص انزل اتظاهر قدام وزارة الدفاع، أو في ميدان التحرير، أو شارك في مسيرات تسليم السلطة، أو انزل قدام ماسبيرو، أو اعمل عرض كاذبون، أو شارك في حملة حاكموهم، أو اشتغل على المحاكمات العسكرية، أو انزل سلاسل الثورة، أو انضم للجان الشعبية. المهم اعمل حاجة.

س: و لحد امتى هيفضل الحال ده؟
ج: لحد ما يسقط النظام

نصف ساعة مع خالد

آخر مقال كتبته من محبسي على ذمة قضية ماسبيرو، كتب بعد أول لقاء لي مع ابني خالد

نشر بجريدة الشروق بتاريخ 19 ديسمبر


شاءت الأقدار أن يرتبط حبسى بالقضاء الطبيعى: اعتقلت فى عام 2006، مع خمسين زميلا من حركة كفاية، ومئات لا تحصى من الإخوان المسلمين، بسبب تضامننا مع انتفاضة القضاة ضد مبارك ونظامه. اعتصمنا لأجل استقلال القضاء والإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، فحبستنا نيابة أمن الدولة شهرا ونصف الشهر.

والآن، فى زمن الثورة، حبستنى النيابة العسكرية، عقابا على إصرارى على المثول أمام قاضيَّ الطبيعى، وربما أيضا عقابا على دورى فى مذبحة ماسبيرو، الذى ارتبط بالقضاء الطبيعى أيضا، فوقفتنا فى المستشفى القبطى لضمان تحقيق جاد من النيابة العامة، وإصرارنا على تشريح دقيق من الطب الشرعى، هذه الوقفة هى السبب فى إدراج اسمى فى محاضر تحريات الشرطة والمخابرات العسكرية.

مع تساقط الشهداء مجددا فى ميدان التحرير، انتزعنا انتصارا فى قضية ماسبيرو، لكنه انتصار بطعم الجنزورى، فالقضية حولت بالفعل للقضاء المدنى ولكن بدلا من مثولى أمام قاضى تحقيق مستقل وجدت نفسى مجددا أمام نيابة أمن الدولة العليا.

فى زمن المخلوع كنا نرفض التحقيق أمام نيابة أمن الدولة لأنها قضاء استثنائى، لكن فى زمن الجنزورى رضينا بها على أساس أن الاستثنائى المدنى أفضل من الاستثنائى العسكرى. ولأنه انتصار جنزورى لم أفرح، بالعكس؛ عدت من النيابة فى حالة نفسية سيئة جدا، ومر علىّ أصعب أسبوع فى السجن، فما سبق كان نضالا ضد المحاكمات العسكرية، والنضال يلهمك الصبر ويسهل الصمود، لكن ما معنى استمرار حبسى بعد تحويل القضية؟ ما الهدف من صمودى؟

طمأننى المحامون أن استئناف قرار الحبس الاحتياطى سيكون أمام قاض طبيعى: أخيرا سأمثل أمام القاضى الذى تحملنا الحبس والسحل لإعلاء مقامه ومكانته، والمحافظة على هيبته وسلطته واستقلاله.

لم يكن يشغلنى وقتها إلا خروجى لحضور ولادة ابنى الأول، خالد. نصحنا الطبيب بولادة قيصرية مبكرة حرصا على صحة منال، ومع كل تجديد للحبس خاطرنا بتأجيل الولادة على أمل أن ننتصر وأحضرها.

خالد تضامن معنا؛ أضرب عن الخروج رغم مرور التسعة أشهر المقررة له، وانتظر أملنا الأخير: الاستئناف أمام القاضى الطبيعى. أملنا كان كبيرا، فلا يوجد سبب لحبسى أصلا، فأنا برىء حتى تثبت ادانتى، وعودتى من السفر خصيصا للمثول أمام النيابة دليل على أنى لم أهرب، وأصلا التهم الموجهة إلىّ واضح أنها ملفقة، والتحريات واضح أنها غير جادة، وشهود الزور شهاداتهم متضاربة، والأدلة قدمناها وطلبنا سماع شهود لإثبات عدم تواجدى فى مسرح أحداث ماسبيرو أصلا وقت المجزرة، فالحق بين.

خالد عمل اللى عليه وانتظر القاضى، ترافع المحامون، وختموا مرافعتهم بتقدم منال أمام القاضى وطالبت بإخلاء سبيلى لحضور الولادة، لكن قاضيّ الطبيعى نظر لها نظرة غريبة. أظننى عرفت حين رصدت تلك النظرة أنه لن ينصفنى.

انهارت معنوياتى تماما، وغرقت فى هلع وقلق على خالد وأمه. لأول مرة صعبت عليا نفسى، حبسى صار ضربا من العبث، ومخى وقلبى لا حمل لهما على العبث. أفهم لماذا حبستنى نيابة أمن الدولة.

ولكن لماذا حبسنى القاضى؟ ما العداوة بينى وبينه؟ وما مصيرى الآن؟ هل سأتحول لواحد من آلاف الكائنات البائسة بسجن طرة، تحقيق؟ ننتظر شهورا ــ وأحيانا سنوات ــ حكم لا يأتى، من أيدى قضاة يقول لهم القانون إننا بريئون إلى أن تثبت إدانتنا ويقول لهم الدستور إن حريتنا وحقوقنا لا تقيد إلا بحكم قضائى ولكنهم لا يسمعون، فيستمر حبسنا ولا تنتهى قضايانا وينسانا العالم الممتد خلف الأسوار؟ كل من فى السجن باهت وبائس، حتى القطط شاحبة؛ حركتها بطيئة، وعيونها منطفئة منكسرة.

عا أن هذا مصيرى، أمامى نصف عام على الأقل قبل أن تحال القضية للمحكمة وشهور من التأجيلات قبل البراءة، كيف سأصمد؟

ثم جاء خالد! فى عصر اليوم التالى وصلتنى رسالة تطمئننى على سلامته وعلى صحة منال، وصورة. حب من أول نظرة، حب من أول صورة. تبدد السجن وأسواره وقططه، تبدد كل شىء إلا حبى لخالد وفرحتى بقدومه. ونمت مرتاح البال.

فى يومه الثالث زارنى خالد. كانت مفاجأة. توقعت ألا يسمح الطبيب بزيارة إلا بعد أسبوع على الأقل. زارنى خالد لمدة نصف ساعة. حملته فى يديا عشر دقائق.

يا الله! إزاى جميل كده؟ حب من أول لمسة! فى نصف ساعة أعطانى فرحة تملأ السجن أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة أعطيته محبة تمنيت أن تحيطه أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة تغيرت وتغير الكون من حولى. أفهم الآن لماذا يستمر حبسى: أرادوا أن يحرمونى من الفرحة. أفهم الآن لماذا سأصمد: حبسى لن يمنع محبتى، سعادتى مقاومة، أن أحمل خالد لدقائق نضال.

لم أقاوم وحدى لحظة؛ يشاركنى دائما متضامنون. لذا لم أسعد وحدى بخالد، غمرتنى سعادة المتضامنين. اعتدت تلقى تويتات فى صورة برقيات فى محبسى: تهانى بعيد الأضحى وبعيد ميلادى، وصلتنى أيضا تهانى بعودة الثوار للميدان، لكن خالد حاجة ثانية! كم رهيب من البرقيات، أغلبها من ناس لا أعرفهم وربما لن أتشرف بلقائهم أبدا، كتبوا ليعبروا عن فرحهم بقدوم خالد وحبهم له. كتبوا يعرفون أنفسهم، أسماء أفراد عائلاتهم، عنواينهم، وظائفهم، مدنهم، كتبوا أن لخالد عمو وطنط فى مئات البيوت فى كل مكان فى مصر.

للأسف لا يسمح لى بالاحتفاظ بالبرقيات، أقرأها مرة واحدة على عجل ثم تختفى، لن أتمكن من ترديد أسامى كل طنط وكل عمو لخالد، لكن محبتهم وصلت. نصف ساعة تلهمنى سعادة أعيش عليها أسبوعا. مجرد خبر قدومه يلهم أناسا لا يعرفوننا سعادة تدفعهم لإرسال برقيات لأب محبوس.

نصف ساعة لم أفعل فيها سوى النظر إليه، ما بالكم بنصف ساعة أغَيَّر له فيها، أو نصف ساعة أطعمه فيها، أو نصف ساعة ألاعبه فيها؟ ماذا عن نصف ساعة يحكى لى فيها عن مدرسته؟ نصف ساعة نتناقش فيها عن أحلامه؟ نصف ساعة نختلف فيها على نزوله المظاهرة؟ نصف ساعة يخطب فيها بحماسة عن الثورة وكيف ستحررنا كلنا؟ عن العيش والحرية والكرامة والعدالة؟ نصف ساعة أفتخر فيها أن ابنى راجل شجاع شايل مسئولية بلد قبل ما يصل لسن يشيل فيه مسئولية نفسه؟

ما مقدار السعادة فى نصف ساعة كهذه؟ كآخر نصف ساعة قضاها أبو الشهيد مع ابنه؟

يحرمنى السجن من خالد إلا نصف ساعة. أصبر لأننا سنقضى باقى ما كتب لنا من أنصاف ساعات معا. كيف يصبر أبو الشهيد؟

الشهيد خالد، فى قلوبنا خالد، فى عقولنا خالد، فى التاريخ خالد، وفى الجنة خالد. لكن هل يجلب خلوده السعادة لأبيه؟ قلبه سينفجر بمحبة ما بقى من العمر من أنصاف ساعات. هل يفرغ ما فى قلبه بحضن التاريخ؟ أنا أنتظر الإفراج وأصمد. ماذا ينتظر أبو الشهيد؟ أن يلحق بالخالد فى الجنة؟

تصورنا أن القاضى سينصفنا، فى 2006 هتفنا «يا قضاة يا قضاة خلصونا من الطغاة»، فحبسنى القاضى الطبيعى ليحرمنى من خالد. تصور أبو الشهيد أن الجندى الطبيعى سينصفه، وفى فبراير هتفنا «الجيش، والشعب، إيد واحدة»، فدهسنا الجندى الطبيعى ليحرمنا من الخالد.

البحث عن أسباب حبسى عبث. حبسى لن يعيد دولتهم. بالمثل سقوط أغلب الشهداء عبث، ربما قتلوا الشهداء فى البداية لوقف الثورة، لكن لماذا استمروا فى القتل بعد أن ثَبُت مرارا وتكرارا أن الثورة تستمر؟ بل يزيد القتل كلما اقتربوا من الهزيمة. أذكر جيدا ظهور القناصة يوم الجمال، جاءوا متأخرين بعد أن تبين أن الميدان سيصمد، كان قتلا لأجل القتل، بلا هدف استراتيجى: القتل فقط ليحرمنا من الخالد. عبث، فقتلنا لن يعيد دولتهم.

علينا أن ننتبه: هم لا يقتلوننا ليعيدوا دولتهم؛ هم يقتلوننا لأن القتل والحبس سلوك طبيعى فى دولتهم. نعم سلوك طبيعى، احنا بس اللى بنضحك على نفسنا. لم تخذلنا فقط شرطة دولتهم، ألم يشاركهم عمداء كلياتها فى دهس أولادنا؟ ألم تخذلنا مستودعات بوتجازها وأفرانها؟ ألم تخذلنا عبّاراتها وموانيها؟ ألم تخذلنا عجلة إنتاجها التى لا تبخل على المدير والمستشار بالملايين ــ حتى وهى متوقفة، وتستكثر على العامل والموظف الفتات وهى تدور؟

ألم يخذلنا اقتصادها الذى يغلق مصانع الغزل رغم تكدس القطن فى بيوت الفلاحين، ويشغل مصانع السماد رغم تكدس السموم فى الماء؟ ألم تخذلنا نوادى كرتها التى تترك جمهورها فريسة الأمن لو شجعوا بصخب وتتدخل لإنقاذ لاعبيها من المحاسبة حتى لو رفعوا سلاحا على أعزل؟ خذلتنا وتخذلنا كل مؤسساتها وكل قوى ومسئول قيادى فيها، وغدا سيخذلنا برلمانها ورئيسها.

لم أكن أتصور أن بقلبى محبة كالتى اندفعت مع ولادة خالد، كيف استوعب ما فى قلب أبو الخالد من الحزن؟ يا الله إزاى قاسية كده؟ أن تدفن ابنك لا أن يدفنك، هل هناك ظلم يفوق هذا؟ هل هناك اختلال للميزان أكثر من هذا؟ نضحك على أنفسنا ونفترض أنه حدث استثنائى ومن الممكن إصلاح تلك الدولة، لكن كل الشواهد انه حدث طبيعى ولا أمل إلا اسقاط تلك الدولة.

نعم لتسقط دولتهم. نخاف مواجهة الحقيقة، نخاف على البلد إن سقطت الدولة، لو أسقط الميدان الدولة ماذا يتبقى لنا؟ مصر ليست الميدان.

صحيح مصر ليست الميدان، لكننا لم نفهم الميدان. ماذا نفعل فى الميدان؟ أبدا، نلتقى، نأكل، ننام، نتناقش، نصلى، نهتف، نغنى، نبذل الجهد والخيال لتوفير احتياجاتنا، نفرح ونهلل فى زفاف، نحزن ونبكى فى جنازة، نعبر عن أفكارنا وأحلامنا وهويتنا، نتشاجر أحيانا، نحتاس ونرتبك ونتخبط بحثا عن المستقبل، ونقضى اليوم بيومه لا ندرى ما يخبئه لنا المستقبل.

أليس هذا ما نفعل خارج الميدان؟ لا شىء استثنائيا فى الميدان إلا لَــمِّتنا. خارج الميدان نتصور أننا نفرح فى الزفاف لأننا نعرف العروسين، فى الميدان فرحنا لزفاف أغراب واحتفلنا. خارج الميدان نتصور أننا نحزن فى الجنازة لأننا نعرف الفقيد، فى الميدان حزننا على أغراب وصلينا عليهم.

لا شىء جديدا فى الميدان إلا أننا نحيط أنفسنا بمحبة الأغراب. لكن محبة الأغراب ليست حكرا على الميدان: مئات أرسلوا لى برقيات محبة لخالد من خارج الميدان، بعضهم كتب عن نفسه أنه من حزب الكنبة. ملايين حزنوا على الشهيد فى كل بيت فى مصر.

نفرح بالزفاف لأنه زواج. نحزن فى الجنازة لأنه الموت. نحب المولود لأنه إنسان ولأنه مصرى، ينفطر قلبنا على الشهيد لأنه انسان ولأنه مصرى. نذهب للميدان لنكتشف أننا نحب الحياة خارجه، ولنكتشف أن حبنا للحياة مقاومة. نجرى نحو الرصاص لأننا نحب الحياة، وندخل السجن لأننا نحب الحرية.

البلد هو ما نحب وما نحيا، ما يفرحنا وما يحزننا. لو سقطت الدولة لن يبقى فقط الميدان، ستبقى محبة الغريب وكل ما دفعنا للميدان وكل ما تعلمناه فى الميدان.

الحب خالد والحزن خالد والميدان خالد والشهيد خالد والبلد خالد، أما دولتهم فلساعة، ساعة فقط.

عودة لسجون مبارك

أول مقال كتبته بعد اعتقالي بأوامر من النيابة العسكرية

نشر بجريدة الشروق بتاريخ 2 نوفمبر 2011


لم أكن أتوقع أن تتكرر التجربة بعد مرور خمسة أعوام، بعد ثورة أطحنا فيها بالطاغوت، أعود إلى سجونه؟

تعود إلىَّ ذكريات الحبس، كل التفاصيل، من مهارات النوم على الأرض مع ثمانية زملاء فى زنزانة ضيقة (٢ x ٤ أمتار)، لأغانى السجن وحوارات الجنائيين. ولكنى أعجز تماما عن تذكر كيف كنت أحافظ على نظارتى أثناء النوم. دُهِسَت ثلاث مرات فى يوم واحد. أدرك فجأة أنها نفس النظارة التى صحبتنى فى حبسة القضاة ٢٠٠٦، وانى محبوس، الآن، احتياطيا أيضا، على نفس نوعية التهم الفضفاضة والأسباب الواهية لتلك الحبسة، الفرق الوحيد أننا استبدلنا نيابة أمن الدولة بالنيابة العسكرية: تغيير يليق باللحظة العسكرية التى نحياها.

المرة السابقة، شاركنى الحبس خمسين زميلا من حركة «كفاية»، أما الآن فأنا وحيد، يشاركنى ثمانية مظاليم، المذنب منهم مظلوم كما البرىء.

ما أن عرفوا انى من «شباب الثورة»، حتى انطلقوا فى لعن الثورة وكيف فشلت فى «لَمّ» الداخلية. أقضى أول يومين أستمع فقط إلى حواديت التعذيب على يد شرطة تصر ألا تنصلح، بل وتنتقم لهزيمتها على أجساد الغلابة، البرىء منهم والمذنب.

من حواديتهم أكتشف حقيقة الإنجازات العظيمة لعودة الأمن. اثنان من زملائى يرون الأقسام والسجون لأول مرة، شباب بسيط بلا ذرة عنف وتهمتهم؟ تشكيل عصابى! نعم، أبوملك وحده عبارة عن تشكيل عصابى مسلح. الآن عرفت ما تقصده وزارة الداخلية وهى تخرج علينا كل يوم بأخبار القبض على التشكيلات العصابية. هنيئا لنا عودة الأمن إذن.

فى الساعات القليلة التى يدخل فيها نور الشمس الزنزانة المظلمة دائما، نقرأ ما نقشه بخط عربى بديع على الحائط زميل سابق، أربعة حوائط من الأرض للسقف مغطاة بقرآن وابتهالات وأدعية وخواطر، وما يبدو كرغبة طاغية فى التوبة.

اليوم التالى نكتشف فى الركن تاريخ إعدام الزميل، ويتملكنا كلنا البكاء.

يخطط المذنبون للتوبة. أما الأبرياء فلا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا ليتفادوا نفس المصير.

أسرح عنهم فى الراديو، وأستمع لخطاب سيادة اللواء وهو يفتتح أطول علم فى العالم، الذى سيدخل بالتأكيد موسوعة الأرقام القياسية. وأتساءل: هل الزَجّ باسم الشهيد مينا دانيال كأحد المحرضين فى قضيتى رقم قياسى فى الصفاقة؟ على أساس انهم أول من يقتل القتيل ولا يكتفى بالمشى فى جنازته، وإنما يبصق أيضا على جثته ويتهمها بالجريمة؟ أو ربما تفوز هذه الزنزانة بالرقم القياسى فى عدد الصراصير؟ يقاطع أفكارى أبوملك: «والله العظيم لو ما نَصَفِت المظلوم، الثورة دى مش هاتنجح».

بل وثائق عدة

نشرت بجريدة الشروق الجمعة 25 نوفمبر 2011

كتبت هذا المقال من محبسي كختام لثلاثية عن ما سمي بوثيقة السلمي و خطورتها، تأخر خروجه طويلا بعد كشفت ادارة السجن كيف كنت أهرب المقالات. وقت كتابته كان الجدال مازال مستمرا حول جدوى اقامة انتخابات. وقت نشره كانت معركة محمد محمود في ذروتها و الاحداث تخطت السجال حول الجمعية التأسيسية و الدستور.

المقال عبارة عن سرد و تفصيل لمقترح توافقي قديم لكيفية تشكيل للجمعية التأسيسية

أعيد نشر المقال هنا كتعليق على قرارات مجلسي الشعب و الشورى فيما يخص معايير اختيار الجمعية التأسيسية. لكن أذكركم أيضا أن حتى لو اتفقنا على تمثيل توافقي مثالي لازلنا نمشي في مسار لصياغة الدستور يتجاهل و يتفادى مشاركة الجماهير.


هل نحتاج لوثائق توافقية تحدد ملامح الدستور القادم واللجنة التأسيسية التى ستقوم على صياغته؟

من يجيب بنعم عليه أن يوضح بالتفصيل لماذا وكيف، فالأصل فى الأمور أنه ما دام سينوب عن الشعب قلة لصياغة وثائق تشريعية فيجب أن يتم اختيار هذه القلة بالانتخاب. والأصل فى الأمور أيضا أن الهيئة التى تشرع ــ خصوصا لو كانت تأسيسية تضع دستورا ــ لا يفرض عليها قواعد ولا آليات عمل من خارجها وإنما تضع هى قواعد بنفسها.

وبالفعل هذا هو ما يحدث فى تونس: انتخب الشعب جمعية تأسيسية، ولها مطلق الحرية فى تحديد كيف ستعمل.

يدعى البعض أن ضرورة الاتفاق على معايير تنبع من بطلان فكرة أن يقوم البرلمان باختيار اللجنة التأسيسية، ولكن الواقع يقول إن أغلب دساتير العالم كتبتها برلمانات أو لجان اختارتها برلمانات. وطبعا أغلب دساتير العالم يمكن لبرلمانات تعديلها. وبالمقابل أغلب الجمعيات التأسيسية المنتخبة قامت بدور السلطة التشريعية المؤقتة.

أى أن قيام البرلمان باختيار اللجنة التأسيسية ليس بالأمر الشاذ. أين المشكلة إذن؟

يقولون المشكلة هى فى خطر انفراد أغلبية بكتابة الدستور، فالدستور يجب أن يكون توافقيا. وهذا كلام فيه وجاهه.

ولكن من ينادى بالتوافق يطلق كلاما مرسلا، فالتوصل لتوافق بين قوى وكيانات سياسية يحتاج للإجابة عن ثلاثة أسئلة.

أولا: من القوى الممثلة فى عملية التوافق؟

هل للأحزاب المنبثقة عن الحزب الوطنى المنحل مكان فى هذا التوافق؟ هل تشارك كل أحزاب السلفيين أم حزب النور فقط؟ هل تشارك كل مشاريع الأحزاب أم المشهرة فقط؟ ماذا عن القوى الثورية؟ هل كل الائتلافات سواء؟

ثانيا: ما هو الوزن النسبى لكل فصيل سياسى؟

هل يتساوى الجميع مثلا؟ أم توزع مقاعد حسب حجم القاعدة الشعبية لكل فصيل؟ وهل توزع على أساس تقسيم تيارات واسعة فنقول عدد كذا من المقاعد للإسلاميين؟ أم توزع بشكل أكثر تفصيلا فنقول هذه مقاعد الإخوان وهذه مقاعد السلفيين؟ أم توزع على كل كيان حزبى فيصير لكل حزب من أحزاب السلفيين حصة؟

ثالثا: من يمثل كل فصيل؟

كيف سيتم اختيار ممثلى كل كتلة فى هذا التوافق؟ هل تختارهم هيئات حزبية عليا مثلا؟ من يحدد إذا كان مرتضى منصور، مثلا، يحق له المشاركة أم لا؟

لا أفهم دعوة للتوافق لا تجيب عن تلك الأسئلة ولا أرى طريقة للإجابة عنها غير الانتخابات. فالشعب، حين ينتخب، سوف يحدد القوى التى تعبر عنه ويحق لها المشاركة فى صياغة التوافق، وسيتحدد وزن كل فصيل بمقدار ما حقق من مكاسب فى الانتخابات. ثم ينتخب هؤلاء الذين أنابهم الشعب عنه من يمثلهم فى اللجنة التأسيسية.

عدا هذا يكون الكلام فعلا عن وصاية، وغالبا سينتج عنه مهزلة شبيهة بدعوة ائتلافات الثورة للقاء المجلس العسكرى بالفاكس.

ولكن من ينادى بالانتخابات أيضا يقع فى زلة الحق الذى يراد به باطل حين يتحدث عن أغلبية تصيغ الدستور. بل والآن ينادى التحالف الديمقراطى باختيار اللجنة عن طريق أغلبية بسيطة لا ثلثَىّ البرلمان! هل يعقل أن يتم تجاهل ٤٩٪ من الناخبين أثناء صياغة الدستور؟

لذا أرى أننا بالفعل نحتاج لمعايير لاختيار اللجنة لضمان أن تكون لجنة توافقية، وقد ساهمت سابقا ــ أثناء محاولة من ضمن محاولات عديدة لتوحيد النخب السياسية باءت كلها بالفشل ــ بصياغة مقترح لتشكيل الجمعية التأسيسية، من هذا المنطلق أكاد أجزم بأن وثيقة السلمى اقتبست من مقترحى بعد تشويهه، لذا أعيد طرحه هنا.

اقترحت أن توزع نصف مقاعد اللجنة التأسيسية على الكتل الحزبية الممثلة فى البرلمان بنفس أوزانها: فمن حصل على ١٠٪ من البرلمان يحصل على ١٠٪ من المقاعد الخمسين فى اللجنة.

ونظرا لصغر حجم لجنة صياغة الدستور مقارنة بالبرلمان سوف يستحيل أن تعكس اللجنة تشكيل البرلمان بدقة، لذا اخترت فى مقترحى الانحياز للتنوع والتوافق على حساب انضباط النسب. ومن هنا جاءت فكرة أن الحد الأدنى لكل كتلة هو مقعد واحد (ليس المقصود أنه كان يمكن مشاركة حزب بنصف مقعد، وإنما المقصود أنه حتى لو فاز حزب بمقعد واحد فقط فى البرلمان يحق له مقعد فى اللجنة)، وتوزع المقاعد على الكتل الأصغر فالأكبر وبحد أقصى عشرين مقعدا، وطبعا ينتخب نواب البرلمان من يمثلهم.

اقتبست وثيقة السلمى مقترحى ولكن فرغته من معناه، فقَصْر التمثيل النسبى للكتل الانتخابية على خُمْس بدلا من نصف اللجنة، وتحديد الحد الأقصى بخمسة مقاعد فقط، يلغى تماما الفرق بين من فاز بثلث البرلمان ومن فاز بمقعدين، ويُحَوِّل المسألة من محاولة لخلق توافق بدون التعدى على اختيارات الشعب إلى تمثيل مشرف والسلام.

كما قلت: الأصل هو أن ينوب عن الناس منتخبون، لذا من ينادى بإدخال أعضاء من خارج البرلمان فى لجنة إعداد الدستور يطلب أمرا استثنائيا وعليه أن يشرح لماذا يطلبه. أغلب من نادى بتوزيع مقاعد على هيئات أو مؤسسات مختلفة بَنَى اقتراحه على عدم أهلية الناخب المصرى.

أما اقتراحى بحصر الكتل البرلمانية فى نصف اللجنة فقط فمبنى على قناعتى بعدم أهلية الأحزاب لا الناخبين. فالأحزاب للأسف يهيمن عليها شخصيات نخبوية، أغلبهم من كبار السن، أثبتوا قصور خيالهم، وانفصالهم عن الواقع، والشارع. الناخب كامل الأهلية، ولا يحق لأحد الوصاية عليه ولكنه يختار من المتاح، والمتاح شحيح.

لذا اقترحت أن تخصص باقى مقاعد اللجنة لممثلين لنقابات عمالية مستقلة واتحادات فلاحين ونقابات مهنية ولجان الثورة الشعبية وائتلافات شباب الثورة والمشتغلين بالقانون والمشتغلين بحقوق الإنسان والفنانين والمبدعين والصحفيين والإعلاميين والمعاقين وغيرها من فئات شعبنا المختلفة.

ولكن: من يحدد ممثلى تلك الفئات؟ هل نجعل نقابة الأطباء وصية على الشعب كله باختيارها ممثل لها؟ ماذا عن الفئات الفضفاضة مثل ائتلافات الثورة؟ لا مفر من العودة للبرلمان إذا، وهنا المنطقى الالتزام بالأغلبية ولتكن أغلبية الثُلثين، فيفرض على اللجنة تنوع خلاق يدعم التوافق، لكن تحترم إرادة الشعب وتُعوِّض الأغلبية أى نقص فى حصتها من النصف الحزبى من اللجنة.

وبما أنه معروف عن نخبنا السياسية مركزيتها وانغلاقها على نفسها، اقترحت أن يكون التمثيل فى مجمله يشمل عضوا من كل محافظة مع رفع الحصة لعضوين فى حالة الجماعات ذات الخصوصية الثقافية (البدو والنوبة). وأن يكون ربع اللجنة على الأقل من الشباب وربع على الأقل من النساء.

وثيقة السلمى، بالمقارنة، خصصت ٨٠٪، لا النصف، لممثلى الهيئات وقلصت دور البرلمان فى أن يختار بين اثنين ترشحهم كل هيئة. أما الأخطر فى مقترح السلمى فهو اقتراح تمثيل هيئات رسمية ــ وأغلبها بالتعيين لا الانتخاب ــ بل وتخصيص عدد كبير من المقاعد لممثلى السلطة التنفيذية، بما فيهم الجيش والشرطة وممثلى السلطة القضائية.

وفى هذا قمة الوصاية: فالدستور والمجالس النيابية وجدت لتقويم أداء السلطات المعينة، ولحماية المواطن من بطشها واستبدادها، ويتساوى فى ذلك الشرطة والقضاء. ولا أعرف كيف يلتبس على دعاة الديمقراطية والليبرالية مفهوم الفصل بين السلطات بهذا الشكل. فبحُجَّة عدم حياد البرلمان فى قضايا مثل نسبة العمال والفلاحين نترك للقضاة تحديد اختصاص المحاكم وللعسكر تحديد شكل الدولة؟

تزامن هذا المقترح مع مقترحات لمبادئ دستورية تحدد الحد الأدنى للتوافق بين القوى السياسية. وكان الهدف منها هو طمأنة فريق الدستور أولا، حتى يتوافق الجميع على إقامة الانتخابات فى لحظة بدا فيها احتمال عدم إقامة الانتخابات قائم. أما وقد بدأت بالفعل ترتيبات الانتخابات، وبمشاركة أغلب القوى والأحزاب، انتفت أسباب صياغة مبادئ واحدة توافقية، بل أظننا الآن بحاجة لوثائق عدة.

فعلى كل تحالف انتخابى أن يصيغ وثيقة مبادئ تعبر عن خطته للدستور، وتكون بمثابة برنامج انتخابى يختار الناخب على أساسه ممثليه، ويحاسبهم إن حادوا عنه.

أما المشترك ما بين تلك الوثائق فسيدخل تلقائيا فى الدستور الجديد؛ فهو محل اتفاق بلا اجتماعات ولا لقاءات ولا ضغط فيه، والمختلف عليه سيكون محل الجدل والنقاش والتفاوض داخل اللجنة التأسيسية إلى أن نصل للتوافق.

نحتاج لوثائق عدة، ليس فقط من الأحزاب؛ فيجب على كل التنظيمات والكيانات الشعبية أن تتقدم بوثائقها ومبادئها وموادها المقترحة للدستور، تطرحها على الرأى العام أولا وعلى اللجنة التأسيسية ثانيا، فاللجنة تنوب عن الشعب فى التفاوض والصياغة، ولكن لا تنوب عنه فى الحوار والجدل والإبداع.

و بالفعل لدينا مبادرات، مثل «بردية المبادئ الدستورية لحماية حقوق الإنسان» التى اقترحها تجمع للمنظمات الحقوقية، ومسودة مادة عن دور ومكانة الثقافة قدمها ائتلاف المؤسسات الثقافية المستقلة، وغيرها، وغيرها.

لذا ذيلت مقترحى لتشكيل اللجنة بفقرة ــ لم تقتبسها وثيقة السلمى ــ عن آليات عمل اللجنة التأسيسية، تنص على علنية مداولاتها، وإقامة جلسات استماع علنية لمقترحات المواطنين، وآليات لاستقبال مقترحات من جميع الهيئات والتنظيمات خصوصا الشعبية.

هل سنتوافق على الخروج من نفق وثيقة السلمى لبراح الوثائق المتعددة؟ هل يمكننا أن نتخلى عن منطقى الوصاية والمغالبة لصالح ديمقراطية حقيقية؟ أم سنظل سجناء صراعاتنا النخبوية حتى نصطدم بدستور صاغه حفنة من اللواءات بمشاركة بعض القضاة لزوم الواجهة المدنية؟

التبس علي الأمر

نشرت بجريدة الشروق الأربعاء 16 نوفمبر 2011

كتبت هذا المقال من محبسي مساهمة في جدل حول المشاركة في مليونية رفض وثيقة السلمي الجمعة 18 نوفمبر 2011. الجدل دار أساسا لأن الدعوة للمليونية صدرت من القوى الاسلامية. تلا المليونية أحداث محمد محمود أكبر معركة مباشرة مع السلطة العسكرية و تساقط عشرات الشهداء و مع هذا انسحبت القوى الاسلامية الداعية للمليونية من المعركة.

أعيد نشرها هنا لتطرقها لقانون القضاء العسكري محل النقاش حاليا في مجلس الشعب.


تلتبس على الأمور فى زنزانتى، فالجرائد لا تصلنى بانتظام والتلفزيون والراديو الأرضى أبعد ما يكون عن الأحداث.. التبست على الأمور فبدا وكأن هناك خلافا على العودة لميدان التحرير لإعلان رفض وثيقة السلمى وللمطالبة بسرعة تسليم السلطة، وكأن هذه مواقف خلافية.

بل زادتنى العزلة التباسا حتى ظننت أن هناك من يروج لفكرة أن الدعوة ليوم ١٨ نوفمبر صادرة من التيارات الإسلامية فقط وكأن رفض استمرار الحكم العسكرى موقفا ايديولوجيا.

ولكن هذا لا يعقل، فأكيد الكل يعلم مدى خطورة أن تستمر فى يد المجلس العسكرى أى صلاحيات تشريعية، حتى لو حُصِرَت فى التشريعات الخاصة بالقوات المسلحة، فتجربة المحاكمات العسكرية وحدها خير دليل. قانون القضاء العسكرى صيغ وعدل مرارا وفقا لمزاج المؤسسة العسكرية، فماذا كانت النتيجة؟

النتيجة مادة تنص على أن اختصاص القضاء العسكرى يحدده القضاء العسكرى، يعنى لو أراد السادة اللواءات يمكنهم أن يختصوا بقضايا الأحوال الشخصية. والأدهى مادة تنص على اختصاص النيابة العسكرية بالتحقيق فى أى قضايا ضد أى شخصية عسكرية حتى لو متقاعدة وحتى لو كانت قضايا فساد مالى.

وهكذا تحول تشريع فى الأصل للمؤسسة العسكرية وحدها إلى أداة لاغتصاب السلطة القضائية حتى تتجمع فى يد المجلس العسكرى السلطات الثلاث، وتصبح أداة لقمع المعارضين وترويع المواطنين، بل وأداة لحماية الفاسدين. فهل يعقل بعد هذا أن نتردد فى العودة للتحرير؟

المحاكمات كاشفة، ليس فقط لنوايا العسكر، ولكن لاستعدادهم لتَقَبُّل سلطة المدنيين وإرادة الشعب. فكل القوى السياسية والثورية وكل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية رفضت المحاكمات وأدانتها. بل وثَبت فشلها فى الردع:

فلا «البلطجية» ارتدعوا ــ بل استمر الانفلات الأمنى، ولا «الثوار» ارتدعوا ــ بل رأيناهم يخرجون من السجن إلى المظاهرة مباشرة. ومع ذلك يصر المجلس العسكرى على التمسك بها، ويرفض تماما الانصياع لإرادة الشعب والاحتكام للسلطة القضائية المدنية. فكيف إذن نثق فى أنه ــ بدون ضغوط ــ سيسلم السلطة قريبا؟

الدولة الرهينة

نشرت بجريدة الشروق الجمعة 18 نوفمبر 2011

أثناء زيارة أردوغان لمصر دارت على الانترنت نكتة تقول أن الإسلاميين و العلمانيين و العسكر يعجبهم النموذج التركي متصورين فيه غاية طموحاتهم وأن هذا دليل على أن اﻷطراف الثلاثة لا تفهم أصلا تركيا و تاريخها و واقعها السياسي.

اليوم يعبر الكثير منا عن غيرتهم من تونس خصوصا بعد نجاح انتخابات المجلس التأسيسي، و أخشى أن تكون هذه الحفاوة أيضا مبنية على صورة غير واقعية للنموذج التونسي.

المؤكد أن العسكر و مريديهم ﻻ يحبون النموذج التونسي، ليس لأنه سينتج عنه دستور أولا، و لا لأنه أنتهى بفوز كبير للإسلاميين. فهذه تفاصيل غير مهمة، المهم في تونس هو أن سلطة منتخبة ستستلم كافة السلطات لتبدأ المرحلة الأنتقالية الحقيقية.

في البدايات دار جدلا في تونس حول صلاحيات المجلس التأسيسي و تمكن الشعب و القوى السياسية من فرض إرادتهم بحيث يكون المجلس هيئة تشريعية و ليس فقط هيئة لصياغة الدستور. ثم أحتدم الجدل حول السلطة التنفيذية و حسم قبل الانتخابات مباشرة، سينتخب المجلس التأسيسي رئيس مؤقت يشكل الحكومة.

و بهذا لن يكتب التوانسة دستورهم إلا بعد تسلم ممثلي الشعب كافة السلطات. و رغم أن الدور الرئيسي للمجلس التأسيسي هو صياغة الدستور ركزت الدعاية الانتخابية لأغلب القوائم على البرامج التشريعية و التنفيذية للأحزاب و المرشحين. وبهذا حلت تونس معضلة الثورة التي لم تنتزع السلطة. أما نحن فمازالنا غارقين فيها، و ما وثيقة السلمي إلا دليل على عمق أزمة تسليم السلطة.

كثر الكلام على المادتين 9 و 10 لما تكشفان من نوايا العسكر. لكن الأخطر هى المادة الملحقة بالوثيقة التي تنص على أحقية المجلس العسكري في الأعتراض على مشروع الدستور، و المادة التي تنص على قيام المجلس العسكري بتشكيل لجنة بديلة على مزاجه في حال فشل اللجنة البرلمانية في الأتفاق على دستور في سته أشهر.

ما يعنيه هذا الكلام أن الدولة المصرية مختطفة كرهينة لو لم يسمع البرلمان الكلام وينجز دستورا بسرعة ايا كانت الظروف و الخلافات، وبغض النظر عن التدخلات التي سيقوم بها العسكر و الفلول. و لو لم يسمع الشعب الكلام و يصوت بنعم على هذا الدستور متغاضين عن أي نواقص فيه لن يطلق العسكر سراح الدولة. بل أظن لو تجرأنا و صوتنا بلا على الدستور ربما يعاقبنا المجلس العسكري بحل البرلمان (بحجة أن رفض الدستور دليل على سحب الشرعية) و وقتها سنرى إنقلاب عسكري صريح (للمجلس العسكري تاريخ في تأويل الاستفتاءات كأنها تصويت على الشرعية).

مشكلة الدولة الرهينة لا تتوقف عند وثيقة السلمي، فحتى لو سحبت الوثيقة بدون تسليم سلطة سنظل في نفس المأزق. أثبتت التجربة سهولة دفع نخبنا و أحزابنا السياسة إلى استقطاب عنيف و صعوبة لم شملهم.

و موضوع الدستور موضوع الاستقطاب المفضل لديهم، و المجلس العسكري في إعلانه الدستوري أعطى لنفسه صلاحية تحديد متى يبدأ العمل على الدستور، رغم أن الاستفتاء أعطى البرلمان مهلة ستة أشهر. سيستغل المجلس العسكري هذه الصلاحية في تأخير تسليم السلطة التشريعية عن طريق التعجيل ببدأ السجال و الخلاف حول الدستور.

و لن يمكننا الاعتراض فالدولة رهينة، لو تأخرت صياغة الدستور سيتأخر انتخاب الرئيس و يمتد الحكم العسكري. لكن ما أن يبدأ العمل على الدستور سيشتد الاستقطاب وسيتفرغ له البرلمان و الأحزاب، و انسى أى اصلاحات تشريعية أو أي رقابة حقيقية على أداء العسكر و الحكومة.

مثل تونس لم تنتزع ثورتنا السلطة و مثل تونس أخذت الثورة المضادة و بقايا النظام الدولة رهينة.

حان الوقت لنعترف أن مصر مثل تونس، و أن الثورة التي بلا قيادة مركزية و تحمل في طياتها تيارات متعددة بينها خلافات عميقة و بلا قواعد شعبية عريضة تسهل حل تلك الخلافات لن تنتزع السلطة إﻻ بالانتخابات. لا التفاوض مع المجلس العسكري سيغير من هذا الواقع و لا محاوﻻت التوافق السابقة على الانتخابات ستنفع.

إذا تقبلنا أن مصر مثل تونس يكون لزاما علينا أن نفعل في مصر مثل تونس. نضغط و نتوحد بحيث تسلم السلطة كاملة لأول هيئة منتخبة، تسقط شرعية ممثلي الشعب أي شرعية أخرى.

في تونس أنتخبوا مجلس تأسيسي لصياغة الدستور لكنه تسلم السلطة التشريعية و التنفيذية. في مصر سننتخب مجلس الشعب أحد هيئات السلطة التشريعية. و علينا أن نفعل مثل تونس و لا ننتظر انتخابات الشورى و الرئاسة و أن نعود لميادين الثورة حتى يطلق سراح الدولة و تسلم السلطات كاملة لمجلس الشعب فور انتخابه.

فكروا فيها مليا ﻻ يمكن صياغة الدستور بحرية في ظل هيمنة المجلس العسكري، حتى لو قاومنا محاولات التدخل كوثيقة السلمي، مجرد وجوده يخل بالميزان. فمثلا النقاش حول نظام الدولة هل هو برلماني أو رئاسي يختلف معناه جذريا في ظل وجود مجلس عسكري ذا سلطات واسعة أو في غيابه. و ساستنا أثبتوا في فضيحة التوقيع على وثيقة عنان أنهم ليسو بالحنكة المطلوبة للتفاوض على رهائن.

يأجل السجال على الدستور وتوحد الصفوف لتشكيل حكومة إنقاذ وطني بوزير دفاع جديد فور انتخاب مجلس الشعب. و ينتهي دور المجلس العسكري تماما، و تبدأ مرحلة أنتقالية ثانية بقيادة نواب الشعب المنتخبين نختلف فيها على الدستور براحتنا.

Letter to Om Khaled

Om Khaled,

My partner, my friend, my half, my all, my love, the mother of my child, my support in life. I MISS YOU I LOVE YOU.

The only reason I can bear being separated from you is your support.

I just got the photos, I'm confused about my feelings now but I'm mostly happy. It's so unfair that I can't be with you to comfort you, it's so unfair that I wait for you to get well and get back to comforting me. It is beyond unfair that I can't hold Khaled for hours the way I've held countless other babies, I gave so much love and attention to sons and daughters of friends and family. Yet I can't do the same to my own child.

I wonder how old will Khaled be when I finally get out of here, I wonder what else I will miss? His Sobo3? The first time he grips your fingers? The moment you realize he is focusing his eyes on you? Or is going to be even worse and I'll miss his first smile?

What does it feel to hold him? How does he smell? How does he sound when cries?

My son, our son, our little Khaled.

I showed the photos to everyone in the cell, they're genuinely happy for me but like everything in this cell it is all subdued, made me feel more alone and lonely.

I've been thinking a lot about our life in South Africa the bliss of just being together having an easy comfortable life, yet still doing good work. We used to comment a lot on how Egyptian youth only aspire for a home and a family and a job to support them. Turns out as usual al sha3b got it right, the day we can enjoy just being a family in Egypt while secure in the future, content in our comforts and fulfilled in our jobs is the day that revolution is complete.

Until then we'll make do by sticking together facing whatever life throws at us, knowing that as long as we are all one all is fine.

I miss you so much it hurts, I guess you know the feeling, I'm overwhelmed by how unfair it is, how meaningless it has become at this stage, but I know we are both in good hands, Khaled is blessed with the unconditional love of not just his parents but large extended families and hundreds of aunts and aunties, I hope he grows to appreciate it all.

علاء: عيد بأي حال عدت يا عيد

English Translation by Sarah Abdelrahman & Sarah Carr

بقالي تلات سنين بقضي العيد بعيد عن الأهل بسبب الغربة، كان بيعدي كأنه يوم عادي نروح الشغل الصبح و نروح متأخر. لولا مكالمة يتيمة نعيد فيها ممكن مناخدش بالنا أنه عيد أصلا.

كنت عامل حسابي على العيد ده، أول عيد نقضيه مع الأهل بعد رجوعنا، بس العسكر قرروا أن مش من حقنا نفرح. قضيت العيد في الزنزانة و أهلي قضوه في طابور زيارة دام نهار العيد كله عشان في الآخر يدخل عينة منهم فقط زيارة لدقائق معدودة بحضور عدد مخبرين ضعف عدد الأهل.

ما بين الاطمئنان على أمي اللي بدأت اضراب عن الطعام للافراج عني و ما بين توتر الحرمان من تبادل الجوابات مع منال راحت دقائق الزيارة و عدى أول يوم العيد.

الموظفين و الشوايشة و بتوع المباحث لازم يعيدوا و ده معناه السجن يشتغل بنص طاقته. يبقى أقفل الزنازين بقى أربع أيام متواصلة لا فسحة و لا زيارات و لا جرائد و لا أكل من بره و لا أي حاجة أنت عايز المجرمين تعيد لا سمح الله؟

لولا تويتاتكم اللي وصلت في صورة برقيات تهنئة بالعيد ما كنت حسيت أن بره فيه عيد من أصله. شكرا لكل اللي تعب نفسه و شكرا لأصحاب الفكرة.

عدى العيد و راح خلاص، و جاي بقى دور عيد ميلادي، عيد ميلادي بقى بقالي أربع سنين بحتفل بيه بعيد عن العائلة. بس المرة دي كان مفروض مرة خاصة جدا، عيد ميلادي الثلاثين، أول إدراكي و اعترافي أني دخلت عالم الكبار بلا رجعة. قبل ولادة خالد بأيام. في يوم 18 نوفمبر يوم عودتنا للتحرير. كنت ناوي أحتفل مع رفاق الثورة في الميدان و مع الأهل بالليل. و طبعا لأنه يوم جمعة لا هينفع يجي فيه زيارة ولا حتى هيتفتح لينا الباب.

يالا بقى ابقوا احتفلولي في الميدان، لما بتوصلني أخبار تضامنكم معايا بتبقى اللحظات الوحيدة اللي بفرح فيها. من المظاهرات قدام سجن الاستئناف (اللي للأسف محستش بيها لأني كنت محبوس في الناحية التانية بس سمعت بيها من باقي المساجين)، للمظاهرات ضد المحاكمات العسكرية اللي بطول و عرض البلد من الأقصر للأسكندرية، و كمان في أوكلاند و سان فرانسيسكو اللي زرتهم زيارة قصيرة بس دخلوا قلبي بعد ما حضرت اعتصاماتهم و اجتماعاتهم.

طيب العيد و عدى، و عيد ميلادي و هيعدي اتعودت اقضيهم بعيد عن الأهل. لكن ولادة خالد، ابني البكري هفوتها إزاي؟ هستحمل إزاي مبقاش جنب منال في الوقت ده؟ هستحمل إزاي استنى الأخبار و أعرف هما بخير ولا لأ؟ هستحمل إزاي مشوفش وشه؟ مشوفش وش أمه لما تشوف وشه؟ و هستحمل إزاي ابص في وشه لما أطلع و أنا وعدته أنه هيتولد حر؟ سميناه خالد وفاء لجزء من دين كبير مديونين بيه لخالد سعيد. و بدل ما نحبس اللي قتلوه نتحبس إحنا؟

مع الشهداء ذلك أفضل جدًا

English Translation

نشرت في جريدة الشروق الخميس 20 أكتوبر 2011

مع الشهداء ذلك أفضل جدًا

يومان قضيناهما فى المشرحة، يومان مع جثامين تناضل للاحتفاظ بلقب شهيد، تناضل ضد نظام مبارك كله؛ ليس فقط عسكر مبارك الذين دهسهم، ولا إعلام مبارك الذى سحب منهم لقب شهيد ونعتهم بالقتلة، ولا نيابة مبارك التى تملصت من البحث عن حقهم، بل ناضلت الجثامين لتحتفظ ببهاء يليق بالشهادة فى مشرحة مستشفى حكومى فقير منعدم الإمكانيات. ناضلت ضد خرافات عصر مبارك القائلة إن التشريح تمثيل بحرمة الميت لا انتصارا لحقه، ناضلت ضد سطوة فقهاء وقساوسة السلطان القائلين إن الباحث عن العدالة فى الحياة الدنيا وكأنما تخلى عنها فى الآخرة، ناضلت ضد طائفية مبارك التى تجعل فقير يرى فى فقير مثله عداوة ليلتهى عمن سرق لقمة عيشهما.

يومان برفقة موت رحيم وخجل لا يرحم، لماذا يا ربى أغلب شهدائنا فقراء؟ كيف ميزت المدرعة والبندقية؟ الدم واحد والقبر واحد ومع ذلك خذلنا الشهادة مرة تلو الأخرى.

مصر معجبانية وبتختار أحلانا، ومينا دانيال زين ما اختارت. لولاه ما انتصرنا فى المشرحة.

طوبى للضعفاء

جاءوا للمستشفى بالمئات بحثا عن أجساد جريحة لعلاجها وأجساد مقتولة لدفنها، جاءوا للمستشفى بحثا عن مأوى فى ليلة تجسدت فيها كل مخاوفهم، جاءوا للمستشفى بحثا عمن يشاركهم الغضب، بحثا عن قوة فى العدد. جاءوا كقطيع الكنيسة. وحاصر المستشفى معتدون مدنيون (ربما هم المواطنون الشرفاء الذى يخاطبهم عسكر مبارك ليل نهار) وبتواطؤ من حماة الأمن وحماة الثورة ليؤكدوا لهم ألا انتماء لكم سوى لقطيع الكنيسة.

جئنا نحن نبحث عن رفيق ميداننا، صاحب البسمة الساحرة، مينا الذى يشبهنا ونشبهه. اختارت الشهادة مينا لأنه ينتمى لقطيع الميدان والثورة، هكذا فهمت من أسرته التى أصرت أن تشرك زملائه فى كل قرار ــ لأنهم زملاؤه. ناضل مينا من خلف ستار العالم الآخر لتنفتح قلوب أهالى الشهداء لنا ونصبح رفاق كفاح واحد. فالدم واحد والدمع أيضا واحد، وكما رأينا الحقيقة فى دموع أمهات الشهداء بعد أن افتقدناها فى شاشات التليفزيون رأوا الحقيقة فى دموعنا. فهموا أننا رفاق مينا ونسوا أن يسألونا عن أسامينا بالريبة المعتادة.

أصدر المستشفى تقريره على نهج ماسبيرو: ماتوا بسكتة قلبية، أو كانت مشاجرة؟ تقدم القساوسة بنصيحتهم: لندفنهم سريعا فالجو حار والمشرحة بلا ثلاجات. تدخلنا نحن بغرور الميدان وسذاجته: ماذا عن العدالة؟ ماذا عن القصاص؟ هؤلاء آخر فرصة لإثبات الجرم، نحتاج لتقرير طب شرعى.

أى خبل هذا، أنمثل بأجساد أبنائنا بحثا عن عدالة لم نرها ولا مرة؟ ولا حتى مصادفة؟ أى عدالة ونحن فقراء؟ أى عدالة ونحن أقباط؟ أى عدالة والقاتل يحكم؟ ألا تفهمون أننا ضعفاء؟

لكن بين صفوفنا مينا، وكانت أخته أول من وافق على التشريح، وبدأوا يقتنعون الواحد تلو الآخر، على مضض وتحت إلحاحنا وتشجيع الحقوقيين، ساعات من البكاء والنقاش والأحضان. نحارب الزمن خلالها بألواح ثلج ومراوح بائسة عسى أن تكون محبتنا كافية للحفاظ على طهارة الجثامين.

بمطلع نهار اليوم الثانى جاءت النيابة لتجد نصف الأهالى يطالب بالتشريح، فأصدر سيادة القاضى فرمانه: إما أن يصدر تصاريح دفن أو تكليف للطب الشرعى، أليس الكل فى الموت سواء؟ وطبعا لم يبخل القساوسة بنصائحهم: رفاقهم سيصلى عليهم سيدنا بعد وقت وجيز، لو تأخرتم يكون قد رجع إلى قلايته، ارحموا أبناءكم فجزاؤهم فى الجنة كبير.

وقفنا صفا واحدا على جبهة صراع مع النظام، لكن هذه المرة الجبهة فى العقل، وخط النار على القلوب. وكما انهزم النظام أمام صفوف الهتاف وصفوف الطوب، انهزم أمام صفوف التضامن. بعد سجال طويل أصدرت النيابة أمر بتشريح كل الجثامين.. بشرط أن نؤمن نحن عمل لجنة الطب الشرعى.

نعم، بدأ الأمر بأننا مسئولون عن تأمين تظاهراتنا، ثم تطور لنصبح مسئولين عن تأمين المنشآت العامة، وها نحن اليوم مسئولون عن تأمين موظفى الدولة إن أردنا أن تتصرف الدولة وكأنها دولة. لم نشغل نفسنا بسؤال «وما دور الشرطة والجيش»، فالإجابة واضحة على أجساد الشهداء.

قلنا للأهالى التشريح سيطول، دعونا ننقل الجثامين لمشرحة زينهم حيث الإمكانيات أفضل. عاد الخوف إلى عيونهم؛ صحيح نقل مينا لهم عدوى الإيمان بمصر، لكن ماكينة الإشاعات لم تتوقف عن العمل وعصابات الشرفاء لم تتوقف عن ترويع الجمع طوال الليل. لم يقولوها صراحة إكراما لنا لكننا فهمنا: لن نترك الحى القبطى، فنحن لا ندرى أى شر ينتظرنا خارجه.

كان علينا إذن أن نؤمن المستشفى، ونضمن للجنة ظروفا مناسبة للعمل. كان علينا أن نخلى المبنى من آلاف خائفة، ونضبط سلوك آلاف غاضبة. وما نحن إلا قلة دخيلة. كان علينا، ويا للمفارقة، أن نقوم بدور يشبه دور الأمن المركزى. جبهة جديدة ولا نملك إلا وحدة صفنا.

بدأت اللجنة عملها تحت حمايتنا، وتحت إشراف محامينا وأطبائنا، جنودنا المجهولين الذين خبروا كل مظاهر الظلم فأصبحوا أعلم بشواهد القتل والتعذيب وقرائن الجرائم والمذابح من خبراء الطب الشرعى. باشرت اللجنة عملها وكلنا قلق أن يدخل أحد الأهالى ويرى المشرط فى جسد ابنه فيهيج، أو أن تنهار صفوفنا أمام هجوم الشرفاء أو غضب المنكوبين.

مملكتى ليست من هذا العالم

تقلق وحدة صفنا كل المستفيدين، وأخطرهم تجار القضية، حلوا علينا بسمهم المعسول: أتثق فى تلك المحامية؟ دى شابة ومش عارفة حاجة.. أنا عندى خبرة طويلة، ومين دول؟ دول كلهم مسلمين، تأمن لهم إزاى؟ لقد حذرتنا من شهور يا مينا عندما قلت لنا: ضرورى ينضم ماسبيرو للتحرير، ضرورى مطالب الأقباط تبقى مطالب الشعب ومطالب الشعب تبقى مطالب الأقباط. والاختبار صعب يا مينا، فالسلطة غشيمة تضرب بعشوائية، أما هؤلاء فيعرفون موضع الجرح بدقة. قضينا باقى اليوم نحارب شائعاتهم الكاذبة واتهاماتهم الباطلة. نعيد كسب ثقة الجمع ونعيد له هدوءه.

قمنا بدور تصورنا فى البداية أنه شبيه بدور الأمن المركزى، لكن شتان، لن أفهم أبدا بعد اليوم كيف يتصور أى جهاز أمنى فى أى مكان فى العالم أن العنف وسيلة فعالة فى ضبط سلوك جماهير غاضبة أو خائفة، من الذى أشار على كل حكومات الأرض أن النزول بسلاح فى مواجهة جماهير سيهدئهم؟ لم نملك سلاحا أمام موجات الغضب إلا الأحضان، رمينا أجسادنا أمام الجموع وبالحضن وبدموع تبكى الشهداء استطعنا أن نبدد ضلالات واقع طائفى عسكرى وننشر حقيقة حلم مصر الحرة.

يا مينا، مصر الميدان هشة ممكن رصاصة واحدة طائشة تطيح بها.. يا مينا، مصر الميدان قوية ممكن حضن واحد ينقذها.. يا مينا، فى حضرتك فهمت تعاليم الأنبياء، متى يفهم العسكر؟

عندما بدأت لجنة الطب الشرعى عملها تذمر الخبراء من نقص الإمكانيات، من سوء الظروف، من فرض رقباء عليهم، ولكن فى النهاية فرض عليها أن تقوم بعملها. عندما قاربت اللجنة على الانتهاء من التشريح وبدأت فى كتابة أسباب الوفاة فجر أحدهم إشاعة أن التقارير كاذبة، ولأن أسباب الوفاة قد تذكر جرحا واحدا فقط هو القاتل حتى لو كان بالجسد عشرات الجروح صدق أهالى الشهداء وهاج الجمع وانهارت صفوفنا.

ونحن على شفا الانتصار واجهنا أصعب محنة، الأهالى آمنت بحلم العدالة، وتركتنا نعبث بأجساد أبنائها، وفاتها كرامة أن يصلى عليهم سيدنا بل وقد يتأخر الدفن لليلة أخرى، ضحوا بكل ما طلبنا منهم أن يضحوا به رغم ترددهم فى البداية، والآن يريدون ضمانا، يريدون أن يحسوا بتلك العدالة، ونحن نقدم لهم كلاما تقنيا وكعابيل قانونية غير مفهومة. لماذا يقول التقرير دهس بمركبة ثقيلة؟ الحق بيّن وكلنا نعلم أنها مدرعة، لماذا لا يقول مدرعة؟ ما هذا المقذوف النارى؟ لماذا لم تكتبوا «رصاص ميرى؟»، ألم تعدونى بعدالة؟ أين اسم الجانى وكلنا نعرفه؟

لم أعِ متى انتصرنا، فقد كنا غارقين فى تفاصيل التفاصيل، لكن فى لحظة نظرت حولى فوجدت وحدة صفنا صارت تشمل العاملين فى المستشفى والأطباء والقساوسة. ماذا فعلت يا مينا؟ هل أيقظ ضعف ورقة حال أهلك ضميرهم أم أيقظت قوتك خيالهم؟ هل تخطينا كل تلك الحواجز فى ساعات فعلا؟ بل انضم لنا أطباء الطب الشرعى أيضا، كان الحل الوحيد هو أن نجلس مع كل أسرة على حدة، نشرح معنى أسباب الوفاة، والتفاصيل التى ستضاف لتقرير الطب الشرعى، ودور النيابة، ودور المحامين، وانتقلت العدوى للطبيب الشرعى وتحول من مجرد موظف إلى مشرف على العدالة، ربما عندما اضطر أن يترجم لغة تقارير اعتاد ألا يقرأها إلا الأقوياء إلى لغة الضعفاء تذكر أن الحق دائما مع الضعفاء؟ رأيتهم يصفون ملامح الشهداء للأهل ليطمئنوهم أنهم ليسوا مجرد جثث، ليثبتوا أنهم يعرفونهم ويهمهم ذكراهم. رأيت ما استشهدت أنت من أجله يتحقق ولو للحظة.

فى طريقنا للكنيسة كان انتصارنا كاملا، لم يعد أحد يسأل عن اسم من شارك فى حمل الشهداء، ومن قاد الهتاف، هل كان مسلما من اقترح أن نهتف «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم»؟ يا له من سؤال سخيف. الدم واحد والدمع أيضا واحد.

فأدر له الخد الأيسر

قبل المستشفى القبطى كنا فى مستشفى آخر بعيدا عن الأحداث، ننتظر صورة أشعة على قدم أحمد المصاب برصاص حى.

وجدنا أحمد فى شارع طلعت حرب، كان يحاول مع رفاقه إنقاذ الوطن بالعودة لميدان التحرير. لم يكن قد مر على سقوط الشهداء إلا ساعات معدودة، لم يفكر الشباب فى موازين القوة، هل عددهم يكفى أم لا، ما العمل والقوات غير المسلحة (وفقا للمؤتمر الصحفى العالمى) تطلق الرصاص بسخاء. فكروا فقط فى هول ما سيحدث إن تُرك الميدان لمظاهرة المرتزقة التى انطلقت بمباركة الجيش والشرطة تهتف «إسلامية إسلامية». كنا جميعا نعلم أنها مظاهرة مفتعلة، محاولة لصبغ مذبحة عسكرية بصبغة أهلية وإلصاق التهمة بالسلفيين.

بدا لنا أحمد كبطل أسطورى وهو يقاوم زملاءه رافضا الذهاب إلى مستشفى متعللا بأن الجرح خفيف وأكيد الطلق مجرد خرطوش. أقنعناه أن نذهب لمستشفى خاص بعيد عن الأحداث وحملناه على أكتافنا. فى التاكسى حكى لنا أنه اعتقل وذاق تعذيب الجيش الذى لا يخطئ وجرب «نزاهة» قضائه العسكرى، حكى لنا عن إصابته فى موقعة الغدر بالعباسية. لم تمنعه الإصابات من النزول مجددا فى مواجهة الرصاص.

فى المستشفى بعد أن اكتشفنا أنه مصاب برصاص حى لا خرطوش حل علينا ضابط مباحث لاستجوابه، أبهرتنا صلابة أحمد وهو يرد على الضابط بكل برود وتحد، وأبهرنا أكثر اشمئزازه من تعليق ضابط المباحث «مسلم يعنى» عندما سأل عن اسمه. هل كان سيمنعه من العودة إلى بيته لو كان مسيحيا مثلا؟

لم يتبين لنا أن أحمد ضعيف مثلنا إلا من بكائه فى حضننا عندما طهر الطبيب جرحه، ولم ننتبه إلى أنه فتى فى سن الثانوى إلا وهو يرد بخوف على والدته فى المحمول: «ماسبيرو إيه بس يا ماما، لا أنا خارج مع أصحابى».

هل يعرف اللواء حمدى بدين أن بين صفوفنا من يخاف والدته الحنون أكثر مما يخاف الرصاص والمدرعات؟ هل سمع المشير هتافنا «يا مشير يا مشير من التحرير هنزف عريس» ونحن نصحب مينا فى زيارته الأخيرة للميدان؟ هل يفهم أى من العسكر معنى زيارة أم خالد سعيد لأم مينا دانيال؟ أم أنهم نسوا الدم والدمع والحضن والحلم ولم يعد لهم مكان فى صفوفنا حتى بعد أن اتسعت لتشمل من خذلونا من قبل؟

علاء بيفكركوا: تضامنك لوحده مش كفاية

أنا زرت علاء في السجن امبارح و طلب مني أوصلكوا الرسالة دي:

من أسوأ ما في الحبسة دي العطلة. الوقت جوة السجن بيمر ببطء شديد و الاحساس المسيطر علي الملل، بره بجري وراء الوقت أدور على ساعة زيادة عشان أعرف أخلص اللى ورايا.

و بما أن الحبسة شكلها هتطول خايف إن مبادرات الثورة اللي كنت هشارك فيها تتأثر. لحسن الحظ الثورة مش واقفة على أي حد فأنا هعتمد على المتضامنين معايا يسدوا مطرحي بقى.

قبل الحبس كنا بنخطط لإعادة إحياء مبادرة تعالوا نكتب دستورنا اللي كل شوية تعطلها الأحداث. محتاجين ناس تساعد فى إنهاء موقع المبادرة بسرعة و محتاجين متطوعين يلفوا الشوارع و الميادين و الحواري و القرى يجمعوا إجابات أهالينا على أسئلة بسيطة جداً عن مصر اللى بيحلموا بيها. و محتاجين التنظيمات الشعبية زى النقابات المستقلة و المحررة و اللجان الشعبية والحركات الثورية الشابة تشارك في المبادرة دي. إصدار وثيقة شعبية ترسم ملامح مصر الثورة فى رأيي أفضل حل للمأزق اللي القوى السياسية و النخب و العسكر و الفلول عمالين يدخلونا فيها في موضوع الدستور. هل من متطوعين؟ لو مهتمين أتصلوا بـ مها مأمون من مركز هشام مبارك للقانون للتنسيق.

لو كنت بره كنت هدعم تحالف "الثورة مستمرة" في الانتخابات. التحالف ده نازل بالقوائم و المرشحين الأقرب للتعبير عن الثورة. و مش نازل يدور على سلطة نازل يستكمل النضال من خلال الدعاية الإنتخابية و برنامج ضد حكم العسكر و مع العدالة الإجتماعية و حقوق الإنسان.

"الثورة مستمرة" أفقر التحالفات من ناحية الفلوس و بالتالي معتمد تماماً على المتطوعين و الشباب الثورى و الإعلام الإجتماعى في حملته، محتاجينه يكسب أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان عشان يبقى فيه معارضة بحق داخل المجلس و يبقى فيه ناس نثق فيهم أنهم يراقبوا الحكومة و باقي القوى السياسية. محتاجينهم عشان يبقى فيه ناس تطرح مشاريع قوانين شعبية شارك فى صياغتها قوى شعبية و نشطاء و مناضلين، زي قوانين الحرية النقابية و التأمين الصحي و الحد الأدنى و الأقصى للأجور و زي مبادرة شرطة لشعب مصر "أهم وأشمل خطة لإصلاح الداخلية".

فيه مرشحين محترمين خارج التحالف ده كنت ناوي أدعمهم بغض النظر عن أحزابهم وتحالفتهم زى جميلة اسماعيل مثلاً.

دعم مرشحي الثورة ميكونش بس بالدعاية لهم، دعمهم يكون بالضغط عليهم عشان مينسوش قضايا الثورة وميسرحوش عن الانحياز للناس. اضغطوا عليهم عشان يبقى العدالة و حقوق الشهداء، وقف التعذيب و المحاكمات العسكرية، تسليم السلطة و التطهير فى قلب برامجهم و حملاتهم.

في كمان القناة الفضائية الشعبية ، ده مشروع صعب و سهل يتوه و أسهل يقع فى فخ أن يهيمن عليه عواجيز و خبراء نواياهم حسنة، لازم كل الشباب اللى مهتم بالاعلام (جديد و قديم) يشارك ويفرض نفسه كمان و لازم نبدع آليات لتنظيم العمل في القناة تبقى ديمقراطية يشارك فيها العاملين و الجمهور قبل قاعدة الملاك الواسعة. عشان يبقى عندنا اعلام أهلي بجد بيوصل أغلب البيوت ويقدر يقاوم ثنائي السلطة و رأس المال.

مش محتاج أوصيكم نرجع الميادين يوم 18 نوفمبر بعد وثيقة المبادىء فوق الدستورية بقى واضح أن المجلس العسكري حتى لو سابنا ننتخب رئيس بعد عمر طويل مش ناوي يسيب السلطة أبدا.

دي الحاجات اللى أنا كنت ناوي أعملها الوقت ده، لكن فيه غيرها ألف طريقة و طريقة للمساهمة فى أستمرار و نجاح الثورة انضموا أو شكلوا لجان شعبية لحماية الثورة فى أحيائكم و أماكن العمل و الدراسة، انخرطوا فى حملة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين ، شاركوا فى مبادرات الرقابة الشعبية على الإنتخابات، ادعموا النقابات المستقلة و الاضرابات العمالية، نظموا تويت ندوة فى مدنكم، افضحوا الفلول و عرفوا الناس بانتهاكات العسكر.

أحسن طريقة للتضامن مع مسجون سياسي هو أنكم تثبتوا أنه مش مهم أصلاً و فيه ملايين أحسن و أقيم منه.

علاء يدون من السجن: دكر

بكتب التدوينة دي و أنا مكسوف من نفسي، اتنقلت سجن طرة تحقيق بناء على الحاحي و زني لأني لم أحتمل الأوضاع الصعبة في سجن الاستئناف، الضلمة، القذارة، الصراصير اللي بتتمشى على جسمي ليل نهار، إن مفيش فسحة و ما بنشوفش الشمس، الضلمة تاني، بس أكتر حاجة تعبتني الحمام، معرفتش اتعامل خالص مع قذارة الحمام و زحمته و غياب الأبواب و قعدت خمس أيام صائم و مزنوق مزنوق مزنوق.

أربكتني مقالة نوارة اللي بتحتفل فيها برجولتي، لكن مقالة نجلاء بدير فكرتني أن في حبستي السابقة كانت المدونة ملاذي و كنت صريح فيها مع نفسي.

معرفتش استرجل و استحمل، رغم إن آلاف مستحملين الأوضاع دي و أسوأ، رغم إني مجربتش فظائع السجن الحربي ولا اتعذبتش زي باقي زملاء المحاكمات العسكرية.

خذلت زملاء حبسة ماسبيرو و حبسة وزارة الدفاع و غيرهم من السياسين، خذلت الجنائيين اللي حركتهم الدوشة اللي معمولة عشاني و قرروا أنهم يحكولي على فظائع الداخلية عشان أعرّف الناس، فرحوا إن يمكن حد يوصل صوت البلطجية و التشكيلات العصابية. و أنا هربت عشان الحمام.

استبدلت صحبة الجنائيين اللي كلها شباب و صخب و مرح بصحبة الأموال العامة اللي كلها عواجيز و كئابة و ملل. في الاستئناف كنت كل يوم بكتشف مظلمة و قضية مهمة، أمناء الشرطة اللي اتحبسوا بعد أول مظاهرة لهم و اتُهموا بحرق الوزارة. مكنتش مصدق أن فيه حاجة بجد في صفوف الأمناء لحد ما قابلتهم. تامر رشوان اللي معموله قضية غامضة جدا تخلينا نشك إن أمن الدولة بتجرب تطور أدوات جديدة مستترة بدل الاعتقال، و التعذيب و الاهمال اللي كان بيحصل قدام عيني اللي كنت بحوّشه علشان أحكيلكم عنه لما أخرج.

مش الجنائيين بس اللي حسوا أني ممكن ألعب دور جوه، المباحث كانت بتبهدل و تفتش كل اللي يتكلم معايا و كتر المرشدين و كل كلامي كان بيوصل للإدارة.

سبت ده كله، عشان زنزانة نضيفة و واسعة و منورة، و عشان معرفتش استرجل و استحمل حمام الاستئناف. دي طاقتي و دي حدودي و ده ضعفي.

حتى قرار رفض التحقيق قدام النيابة العسكرية اللي بتحتفلوا بيه كان فيه ذرة جبن، يوم ما أجتمعنا ناخد القرار ده مكانش عندي أي شجاعة إني أسمع رأي منال اللي هسيبها لوحدها في آخر أيام الحمل و هسيبها لوحدها تشرف على العمال اللي بتجهز أوضة خالد، اللي هتحبس و تتبهدل و هي بتجري على طلباتي و اعاشتي و تصريحات زيارتي و الحملة اللي معمولة عشان قضيتي.

دبستها و خدت القرار في اجتماع سمعت فيه لزملاء الثورة و مسمعتش فيه لمراتي و اعتمدت بس على إنها أكيد هتدعمني أي كان اختياري.

بس أنا برضه فخور، صحيح أنا مش الدكر اللي فاكراه نوارة بس أنا مش جبان برضه، عرض على من خلال شخصية مهمة في الثورة صفقة تضمن خروجي العاجل، اخرج بس ما تشتمش المشير. بس كده، اتطلب تنازل بسيط قوي و رفضته. كنت هواجه أهلي إزاي يعني لو رضيت؟

نبدأ من الأول: ازيكم، أنا علاء، جندي مشاه في الثورة، فيه اللي ضحى أكتر مني بكتير، و فيه اللي أشجع مني بكتير، و فيه اللي دوره أهم مني بكتير.

أنا علاء و فخور جدا أني بعمل اللي أقدر عليه و بفاجئ نفسي أحيانا بمدى اللي أقدر عليه. و عارف نفسي و عارف ايه اللي مقدرش عليه. و بحاول متأخرش أبدا و بحاول أتغلب على الخوف دائما و بحاول أكون في الصفوف الأمامية بانتظام.

لو شفتم فيا شجاعة أو شهامة أو جدعنة اعرفوا إنها مستمدة من أمي و أخواتي البنات الأصغر مني و مراتي (اللي فراقها أصعب حاجة في الحبس).

البيان الختامي لملتقى المدونين العرب الثالث بتونس : مدونون بلا حدود و لا قيود

البيان الختامي لملتقى المدونين العرب الثالث

نحنُ المدونون العرب المجتمعون في تونس الحرة، بعد أن أدركنا منذ لقاءنا الأولِ عِظَمَ افتقادنا للقاء و فرحتنا به و حماسنا لتكراره، قد قدِمنا من أرجاء العالم العربي لنتحاور و نتعارف و لنتبادل خبرات الثورة، و حكايات الانتصارات و دروس الانكسارات، و لنتعلم و ننسج شبكات التعاون و التنسيق عبر مجتمعات العالم العربي، عازمين على أن ننفخ نار العافية في جذوة الثورة المتقدة في أرواح العرب جميعا مُنطلقين من إيمان لم يبرحنا قطُّ بأننا شركاء في هذا العالم و هو إيمان شعرنا به يملأ كل ساحات الحرية و ميادين التحرير. نحن جِيلٌ ألِف التواصل مع العالم ليُبدع و يخلق دون أن يعبأ بحدود. في منطقتنا العربية اصطُنِعَت حدودٌ فما كانت سوى عائقٍ أمام التنمية، و مبررا لِنَزعاتٍ شوفينية أذكتها حكومات عاجزة، و لِتُفقر مجتمعات و تُقوِّضَ أنماط حياة ازدهرت لقرون قبلها، بلا بديل مُجدٍ مطروحٍ. اليوم و نحن نصنع ثورات تنطلق من حواضر البلاد العربية و ريفها و بواديها فإننا نتطلع إلى وطن عربي تحكمه الشعوب من البلديات و القُرى و الضَّيعات، لا ضلالاتُ مؤامراتٍ و لا مُمانعاتُ قصورِ رياسةٍ، و لا عسكر. موقنين أن الشعوب بطبيعتها تميل إلى التواصل و فتح الحدود أمام الناس بعد أن زالت بفعل الواقع الحدودُ عن الأفكار، و حتى عن التنظيمات.

مع هذا فإن أحدَ عَشر مقعدًا خاويا في قاعة اجتماعنا لا تنفك تُذكّرنا بأن رفاقا لنا فلسطينيون لا يزالون يُقاسون قمع المستعمر في فلسطين، لكن المؤسف حقا هو أن مانِعَهم عنّا ليس سوى عجزٍ موروثٍ و تواطؤ انطبعت عليه مؤسسات دُولنا ما كان له أن يستمر إلى اليوم، نراه في تونس كما نراه في مصر، و نأمل ألا نراه في غيرهما بعد اليوم و لا فيهما.

يُغضبنا ذِكرُ رِفاقٍ لنا مُطاردون و مقموعون في بلادهم؛ منهم علي عبد الإمام و عبدالجليل السنجيس و حسن سلمان أبو علي في البحرين، و مايكل نبيل سند في مصر، و حسين دِرَخشان في إيران، لا لشيء غيرَ تعبيرهم عن آراءهم و إفصاحهم عما يشغلُهم و أقرانَهم،و هو قمع لا يقع على المدونين و النشطاء وحدهم و إن كانوا هم أكثر عزما على تحدّيه.

حيثيات الحكم بإبطال ترشيح أصحاب المؤهلات العليا والعسكريين على مقاعد العمال والفلاحين

ده حكم للادارية العليا من 2010 بيرسي مبادئ تحديد أحقية الترشيح على مقاعد العمال و الفلاحين.

لما ارتأت المحكمة في سياق التكييف القانوني والجدل الموسع بين دوائر المحاكم الإدارية حول تفسير نصوص القانون 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب في مادته الثانية بشأن تعريف صفة الفلاح والعامل

فإنه ووفقا لما هو مقرر في القانون وأصول التكييف القانوني والحكمة من التشريع التي تغياها المشرع وما تضمنته اللائحة التفسيرية للقانون وما عرض من مناقشات بمضبطة مجلس الشعب حتي إصدار القانون والقواعد العامة في الدستور وغاية النص

فقد رأت المحكمة ولتوحيد القواعد ولإزالة مشقة القضايا عن عاتق محاكم مجلس الدولة انتهت المحكمة إلي التفسير الموسع للنص بما يتفق مع الحكمة من التشريع وقضاء النص الذي عرف الفلاح بأنه من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيسي ويكون مقيما في الريف وبشرط ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر ملكا أو إيجارا أكثر من عشرة أفدنة

بما مفاده أن يكون المرشح بصفة الفلاح فلاحا حقيقيا يتفق مع غاية المشرع ومن ثم يخرج عن هذه الصفة من يعمل في وظيفة ايا كان نوعها ومن هو حاصل علي مؤهل عالي إذ يتعارض ذلك وبغية المشرع في ممارسة الفلاحة للتعبير عن ما يعن لأرباب هذه المهنة من مشاق ويكون صوتا حقيقيا عن هؤلاء الطائفة

وصاغ المشرع النص وعرف العامل بحد تعبير المشرع ويعتبر عاملا من يعتمد بصفة رئيسية علي دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات ولا يكون منضما إلي نقابة مهنية أو يكون مقيدا في السجل التجاري

ونظرا لما ارتأته المحكمة من تحايل حول هذه الصفة ونظرا لما ابتغاه المشرع وظروف الحال بالاستثناء المتعلق بقبل وبعد 1971 وحيث أن الحكمة من الاستثناء قد زالت فيزول السبب بالمسبب وتنتفي صفة العامل عن من جاهد وأخرج نفسه عن دائرة الوصف وتغيرت أوضاعه بتحسين معيشته وحصوله علي مؤهل عالي ومن ثم ينسحب عليه ما كلن يجب أن يدركه بذاته حتي لا يكون التفسير مجالا للإلتفاف

في أهمية السفارة

كتبت مرتين تفسيري لوضع التظاهر أمام سفارة الصهاينة كأولوية.

مرة في سياق استعراض رمزية الثورة و مركزية الحلم

وقف شباب أغلبهم تحت العشرين وحدهم بصدر عار في مواجهة الرصاص أمام سفارة الصهاينة، هل ظنوا أنهم سيحرروا الأرض بفعلهم؟ لا.. بل كان استعراضا، حتى المطلب كان رمزيا: انزلوا العلم. لكنهم مثل بوعزيزي أدركوا ما لم ندرك، أن الثورة صراع على أفكار. جاءوا لينتصروا لفكرة أن السلطة للشعب، ولا تقرر أية قوة داخلية أو خارجية لنا، لا السياسات ولا الأولويات، حتى سياستنا الخارجية، حتى علاقاتنا بالقوى العظمى، وبالتأكيد علاقاتنا بأشقائنا.

الفكرة مزعجة جدا للسلطة، أي سلطة، حتى الانتقالية "الشريفة"، حتى المنتخبة القادمة (ولهذا غابت عن هذا المشهد كل القوى المرشحة وذلك للنيل منها)؛ العيال ستُملي علينا كيف ندير البلاد؟! ليسوا ثوار إذن وإنما هم شباب متطرف مختل لا يفقه الأولويات. هكذا اتفقت السلطة والنخبة: استعرضت السلطة قوتها بلا رمزية وإنما بمباشرة فجة، وظنت أن سقوط الشباب برصاصها انتصار لها؛ أما النخبة فتجاهلت رمزية أن يوجه رصاص حماة حدودنا إلى صدورنا حماية لعلم الأعداء. نسوا أن الواقع يتغير في العقول أولا.


و مرة في سياق طرحي لتصور دور الشارع الثائر في عملية التحول الديمقراطي

بل أن جمهور الثورة في استنفاره في الشارع يفرض أسئلة أخرى مصيرية عن شكل الجمهورية الثانية والحكومة القادمة تبدو غائبة عن السجال، فالتظاهر ضد المحافظين والإصرار على انتخاب عمداء الكليات بمثابة فرض أسئلة عن مدى مركزية الدولة، والتظاهر بهذه الحرقة و الاستعداد للتضحية ضد سفارة الصهاينة يمكن اعتباره حوار عن طبيعة سياسة مصر الخارجية وهوية الدولة.

ومحاولة حسم أو التأثير على تلك القضايا من الشارع لا يتعارض مع الديمقراطية، فكافة الديمقراطيات ترى سجالا على الأجور والعدالة الاجتماعية في صورة إضرابات وتظاهرات وليس فقط في صندوق الاقتراع والمناظرات الحزبية.

ورغم أن الانتخابات أفضل وسيلة لتداول السلطة لكنها ليست بالضرورة أفضل وسيلة للإجابة عن أسئلة بذلك التعقيد، فرأينا في ديمقراطيات غربية عريقة تطابق ما بين كل الأحزاب في قضايا عديدة مما يقلل من فرصة الناخب على الاختيار، ورأينا ائتلافات ما بين أحزاب لم تحصل أيا منها على أغلبية تشكل حكومات، بل ورأينا حكومات تخوض حروب ضد رغبات كتل شعبية أكبر من تلك التي انتخبتها.

...

إذن تحركات كل القطاعات ليست فقط للتأثير على الحكومة الانتقالية والمجلس العسكري، وإنما أيضا على برامج وأطروحات المرشحين والأحزاب للانتخابات والدستور. وهذا التخبط هو صورة من صور الحوار المجتمعي المنشود ومدخل للنقاش في محاولتنا للحلم بالجمهورية الثانية.

مقترح توافقي لتشكيل الجمعية التأسيسية

لمدة شهر كامل انخرتط في محاولة أقل ما يقال عنها أنها فاشلة لتوفيق القوى و النخب السياسية في مصر و اقناعهم بضرورة التحرك بسرعة في انتخاب سلطات و انهاء الخلافات على الدستور لتفادى خطر الحكم العسكري و التدخل الأجنبي.

في تقديري أغلب القوى السياسية و خصوصا الحزبية و النخب السياسية أثبتت أنها لا تؤمن بالثورة بالمرة و تتعامل مع الحكم العسكري كواقع لا فرار منه و مركزة فقط في تحسين أوضاعها و بعضها يلهث وراء صفقات، و كلها مسيطر عليها جيل عواجيز بيحاول يفضل في الصورة و خايف الشباب يشيله و هو بيشيل النظام.

يعني المهم المقترح ده دلوقتي غالبا ملوش معنى، بنشره هنا عشان أوضح بس أن المشاكل اللي بتصدر لنا على أنها أسباب الخلاف لها حلول سهلة.


مقدمة

أهم ما يقلق من يرفض قيام البرلمان باختيار الجمعية التأسيسية هو عدم ملائمة منطق الأغلبية على عملية صياغة الدستور، و هو قلق في محله، و لكن يمكن حله بسهولة بدون الاحتياج للتخلي عن ترتيبات الفترة الانتقالية المنصوص عليها بالاعلان الدستوري ان توافقت القوى الوطنية على أن تشكل الجمعية التأسيسية بتمثيل نسبي لكل الكتل الحزبية في البرلمان.

الواقع أن صياغة البرلمانات للدساتير أمر دارج و نسبة كبيرة من دساتير أوروبا صاغتها برلمانات لكن دائما ما كانت تعتمد على مبدأ التمثيل النسبي لكل الأحزاب. نظرا لعدم نضج مشاريعنا الحزبية يفضل تفادي المغالبة بوضع حد أقصى للتمثيل في الجمعية التأسيسية للكتلة الواحدة، فان حصل حزب على الأغلبية يحصل فقط على هذا الحد الأقصى. و هكذا يتم اقصاء أي أجزاب متطرفة لم تعرها الجماهير اهتمام و يعطي للناخب فرصة في التأثير على تشكيل الجمعية في حدود لا تدفع بمصالح فصيل واحد على حساب الباقي.

أما ثاني مصدر للقلق فهو احتمال تغليب السلطة التشريعية على باقي السلطات نظرا لتمثيل الجمعية التأسيسية لمصالح البرلمان، نقترح أن تتوافق القوى الوطنية على حصر الكتل الانتخابية في نصف كراسي الجمعية التاسيسية و تعيين النصف الآخر لأعضاء غير حزبيين من خارج البرلمان ممثلين لكافة فئات الشعب بحصص محددة. يمكن تزكية مرشحين من مؤسسات المجتمع المدني و التنظيمات الشعبية المعنية لكن القرار النهائي يكون لأغلبية الثلثين من البرلمان.

أخيرا انفتاح الجمعية التأسيسية على الشعب و مجتمعه المدني في عملها يضمن توازن أكثر في الدستور و عدم اهمال أي تفاصيل قد تفوت الخبراء و البرلمانيين.

نظن أن ذلك الاقتراح كاف لتهدئة مخاوف فريق الدستور أولا و بدون التعارض مع الاعلان الدستوري ولا التقليل من دور نواب الشعب المنتخبين. كل المطلوب هو التوافق على المبدأ و التناقش في تفاصيل المقترح المدرجة أدناه، و التعاهد على أن اصدار قانون متضمن طريقة و معايير اختيار الجمعية التأسيسية و آليات عملها فور انعقاد المجلسين و بأغلبية ثلثي الأعضاء المنتخبين، على أن يقوم المجلس العسكري بالتصديق على القانون و نشره في الجريدة الرسمية.

المقترح بالتفصيل:

أولا الكتل البرلمانية:

يوزع 50 مقعد من مقاعد الجمعية التأسيسية (النصف) على الكتل البرلمانية المختلفة بحسب نسبة تمثيلها في المجلسين، و تكون كل كتلة مسئولة عن اختيار ممثليها من داخل أو خارج البرلمان:

  • يعامل المستقلون ككتلة برلمانية موحدة.
  • توزع المقاعد على الكتل الأصغر أولا (شمولية التمثيل أهم من نسبيته).
  • الحد الأدنى لتمثيل أي كتلة مقعد واحد (أي ان كل الأحزاب ممثلة حتى و ان حصلت على مقعد واحد).
  • الحد الأقصى لتمثيل أي كتلة 20 مقعد (بسبب توزيع المقاعد على الكتل الأصغر أولا قد لا تصل أي كتلة للحد الأقصى).

ثانيا التمثيل الفئوي:

يوزع 50 مقعد من مقاعد الجمعية التأسيسية (النصف) على ممثلين غير حزبيين لكافة فئات المجتمع بحسب الحصص المنصوصة أدناه و بموافقة ثلثي الأعضاء المنتخبين للمجلسين:

  • اربعة مقاعد للمشتغلين بالقانون (أساتذة القانون بالجامعات، المحامين، القضاة)
  • اربعة مقاعد لصناع الرأي العام (اعلاميين، صحفيين، مدونيين، كتاب)
  • خمسة مقاعد للنقابات المهنية (يستثني منها المحامين ان مثلوا في حصة المشتغلين بالقانون)
  • خمسة مقاعد للنقابات العمالية المستقلة (يراعى تمثيل الصيادين و عمال المناجم لخصوصية أوضاعهم)
  • خمسة مقاعد للاتحادات الفلاحين المستقلة
  • اربعة مقاعد للفنانين و المبدعين
  • اربعة مقاعد للعلماء
  • اربعة مقاعد للمنظمات الحقوقية
  • خمسة لرجال الدين من كل الطوائف
  • اربعة مقاعد للجمعيات الأهلية المعنية بالتمنية أو البيئة
  • اربعة مقاعد للجان الشعبية الثورية
  • مقعدين لذوي الاحتياجات الخاصة

ثالثا التمثيل النسبي:

يراعى أن يخضع التشكيل الكامل (مائة مقعد) للجمعية التأسيسية لتمثيل نسبي لطوائف المجتمع المصري الأساسية بغض النظر عن كون المقاعد موزعة على أي فئة أو كتلة حزبية:

  • مقعد واحد على الأقل لكل محافظة
  • 25 مقعد على الأقل للنساء (تونس اعتمدت المناصفة، ربما يمكن رفع النسبة)
  • 25 مقعد على الأقل للشباب (تحت الأربعين)
  • 10 مقاعد على الأقل للمسيحيين
  • مقعدان لأهل النوبة
  • مقعدان لبدو سيناء
  • مقعدان لبدو الغرب (مطروح و الواحات)

رابعا قواعد عمل الجمعية التأسيسية:

استبيان عن تصويت المغتربين - survey on the abroad vote

بدأ عدد من المغتربين المصريين بالخارج حملة للمطالبة بحق المغتربين فى التصويت فى الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية القادمة فى مصر .. هذه الإنتخابات ستكون فاصلة فى تحديد مستقبل مصر و من حق كل مصرى أن ينال فرصته كاملة للمشاركة فيها و من ثم المشاركة فى رسم صورة مصر فى المستقبل. الإستطلاع التالى موجه للمصريين فى الخارج لجمع بعض المعلومات التى يمكن أن تساعد القائمين على الحملة فى تحقيق هدفهم

 http://nohasspirit.blogspot.com/2011/07/blog-post_4050.html

A Group of Egyptians abroad are campaigning for the right to vote. The upcoming elections will be a decisive in determining Egypt's constitution and will have long term effects on the country. The group would like to know more about  Egyptians living abroad to understand the scale and effort needed to run electoral stations outside of Egypt.

http://nohasspirit.blogspot.com/2011/07/blog-post.html

دعوة للمشاركة في ملتقى التقنيين العرب الثاني

يسر شبكة تقنيين عرب و مؤسسة التعبير الرقمي العربي الأعلان عن تنظيم ملتقى التقنيين العرب الثاني الذي سيعقد من 28 و حتى 31 يوليو/تموز 2011 في القاهرة - مصر.

عقدت شبكة تقنيين عرب لقائها الأول في القاهرة عام 2008 بهدف التعارف و التواصل ما بين مجتمعات التكنولوجيا المعنية بدورها في المجتمع. اليوم و وسط موجة من الثورات هناك ما يدعو الی عقد لقاء عام ذو نظرة للمستقبل، يشعر اعضاء الشبكة ان هناك دور من الممكن لعبه وسط العملية الجارية لإعادة تحديد العلاقة بين الشعوب والأنظمة الحاكمة و يستلزم هذا الدور اللقاء و الحديث و التشبيك حيث اصبحت الأحلام بوابة إلى واقع.

من خلال الأجندة التشاركية للقاء سوف نتطرق للمواضيع التي تهم الحضور مثل كيفية التأثير الفاعل علي الحكومات في تبني حقوق المعرفة و القوانين العادلة الخاصة بالتكنولوجيا و الاتصالات و المعلومات إضافة الي سبل التنظيم و التشبيك و التعاون في اللحظات الراهنة حول قضايا طالما تبناها نشطاء المعرفة مثل البرمجيات مفتوحة المصدر و الأرشفة و التعريب غيرها.

سوف يخلق اللقاء أيضا مساحة للمشاركين لتقديم مشاريعهم و الحملات التي يعملون عليها و ذلك علي سبيل الاعلام و تبادل التجارب و إتاحة فرص للتعاون.

اللقاء من تنظيم شبكة تقنيين عرب ومؤسسة التعبير الرقمي العربي بتمويل من شبكة اوميديار و سوف يعقد في مقر الجامعة الامريكية بالقاهرة بالتعاون مع مركز إتاحة المعرفة من أجل التنمية. ستتكفل إدارة الملتقى بتكاليف السفر والإقامة.

على الراغبين في المشاركة الاتصال بنا على info@arabtechies.net و التفضل بالإجابة على الأسئلة التالية:

تعالوا نكتب دستورنا في الميدان

أخبار مبادرة تعالوا نكتب دستورنا

أولا راجع الورقة التعريفية بالمبادرة http://www.manalaa.net/node/88049

التقدم في المبادرة بطيئ بسبب تسارع و تعاقب الاحداث، فبعد أنتهاء أول اجتماع للمتطوعين وجدنا أنفسنا في معركة 28 يونيو مع الأمن المركزي، و شارك بالفعل أغلب المتطوعين في حماية ميدان التحرير و اعتقل من بيننا لؤي نجاتي و حول للمحاكمة العسكرية (أخلى سبيله بعد أيام شاقة لكن لا تزال القضية قائمة).

استمرينا في الاجتماعات بجانب انخراطنا في أعمال التحضير لاعتصام التحرير و متابعة لؤي، و حددت بالفعل مجموعة العمل الميداني خطة لعمل تجربة محدودة، و على أساسها قامت مجموعة البحث بتجهيز نسخة أولية من استمارة الاستبيان و تعليمات للمتطوعين. http://groups.google.com/group/dostorna/browse_thread/thread/85503e1d0b28d40e

بالتوازي بدأت مجموعة التكنولوجيا بالعمل على موقع يسجل به المتطوعين و تجمع فيه اجابات المواطنين. بل و يسمح بالاجابة على الاستبيان مباشرة على الموقع خصوصا مع الاهتمام الواسع من قبل المصريين المقيمين في الخارج.

تمهيدا لاطلاق العمل الميداني تفضل رامي رزق الله مشكورا بعمل فيلم دعائي قصير يشرح الخطوط العريضة للمبادرة. (يمكن مشاهدة الفيلم على http://dostorna.net)

لكن الاعتصام فرض نفسه و انشغل أغلبنا بتفاصيل الحياة اليومية فيه و تعطلت التجربة الأولى.

اجتمعت مجموعة العمل الميداني أمس (الأحد 17 يوليو) و قررنا تعديل الخطة بحيث يبدأ العمل الميداني و أول تجربة لجمع الحلم في ميادين الاعتصامات، و قررنا أن تكون أول تجربة اليوم بميدان التحرير.

سنجتمع بالراغبين في التطوع الساعة 11 مساء عند مدخل جراج عمر مكرم، لشرح المبادرة و آليات العمل و توزيع الاستبيان، بعدها ينطلق المتطوعين في أرجاء الميدان لجمع اجابات المعتصمين حتى الفجر.

في نفس الوقت سيتواجد ممثل للمبادرة بخيمة اللجنة التنسيقية للحقوق و الحريات العمالية (خلف تمثال عمر مكرم) للاجابة عن أسئلة المعتصمين عن المبادرة و تسلم الاستمارات و التواصل مع المتطوعين.

ستكرر التجربة غدا (الثلثاء 19 يوليو) و سيكون اجتماع المتطوعين الساعة 8 مساء في نفس المكان.

الطيور على أشكالها تستمر في اعتصامها: تويت ندوة عن المبادرات الثورية

ندعوكم لحضور تويت ندوة عن المبادرات الثورية و كيفية المساهمة بها يوم الأثنين 18 يوليو الساعة السابعة بميدان التحرير دعما للاعتصام.

بعد انفضاض الاعتصام الأول انتقلت الثورة لمواقع العمل و الدراسة و النقابات، لكن ماذا عن الثوار الذين لا ينتمون لأحد تلك المواقع؟ هل من وسيلة لاستكمال ثورتنا بجانب استمرار المظاهرات و الاعتصامات؟

المبادرات الثورية و خصوصا المبادرات الشابة وسيلة لمد الثورة لمواضيع و أماكن مختلفة و لايجاد أدوار أكبر للمستقلين و مساحات للعمل المشترك بعيدة عن التحزب، سنتعرف على عينة من المبادرات التي ولدت في الثورة و نتناقش معا في المبادرات المطلوبة و كيف يمكن لنا أن نشارك.

المتحدثون الأساسيون:

  • لينا مجاهد (عن جريدة جرنال) @linaMegahed
  • أحمد عزت (عن اللجان الشعبية لحماية الثورة) @ahmed3zat
  • خالد عبد الله (عن مجموعة مصرين الاعلامية) @khalidabdalla
  • منى حمد (عن حملة لا للمحاكمات العسكرية) @monasosh
  • جنزير (عن نهاية أسبوع الجرافيتي) @ganzeer

تنبيه تغير مكان التويت ندوة بالميدان

اعتصام ميدان التحرير، عند مخرج مترو قصر النيل بجوار سور موقع بناء المقاولون العرب في الطريق لمدخل قصر النيل (رصيف جامعة الدول العربية)

في النصف الأول من الندوة سنتعرف على مبادرات المتحدثين و امكانية المشاركة بها و كيف بدأت و آليات تنظيمها للاستفادة من الخبرة في مبادرات أخرى، بعدها سيتاح للجمهور التعريف سريعا بأي مبادرات ثورية أخرى ناشطة بالفعل. النصف الثاني حوار مفتوح يشارك فيه الجمهور عن المبادرات المطلوبة لاستمرار و نجاح الثورة.

الطيور على أشكالها تعتصم: تويت ندوة عن تطهير و اصلاح الداخلية في الميدان

ندعوكم لحضور تويت ندوة عن تطهير و اعادة هيكلة وزارة الداخلية و الشرطة يوم الأربعاء 13 يوليو الساعة السابعة بميدان التحرير دعما للاعتصام.

وقف القمع و استبدال الشرطة التي سلطت على المصريين كجيش احتلال بشرطة مدنية تحمي المواطن و تحترم حقوقه أهم مقاصد ثورتنا و عنوان اعتصامنا الحالي، لكن تصور لنا كأنها مهمة مستحيلة. كيف يمكن لنا اعادة هيكلة الشرطة و تطهيرها؟ ما خبرات الدول الأخرى؟ هل قدمت الثورة حلولا؟

المتحدثون الأساسيون:

  • أحمد سيف الاسلام حمد @seifhamad
  • جمال عيد @gamaleid
  • نورا يونس @norayounis

اعتصام ميدان التحرير، عند مخرج مترو المتحف المصري بجوار سور موقع بناء جراج المتحف في الطريق لمخرج ميدان عبد المنعم رياض.

في النصف الأول من الندوة ستطرح خبرات و مبادرات متكاملة في قضية اصلاح الداخلية من قبل المتحدثين، في النصف الثاني سيفتح الباب للنقاش و يشارك الجمهور في بلورة رؤية الميدان لكيفية تحقيق أهم مطالبه.

عايزين حكومة انقاذ وطني

مع العودة للاعتصام في الميادين و التصعيد السريع من قبل أهل السويس و التحرير دخلنا في مواجهة حقيقية مع المجلس العسكري، المواجهة نتيجة لسخط الشارع من كل ما تم في الفترة الماضية و فقدان الثقة في السلطة المؤقتة و بوادر فقدان ثقة في القوى و النخب السياسية.

مقاصد الثورة و مطالب و طموحات الجماهير تحتاج لسلطة انتقالية أمينة بالفعل على الثورة كفانا مساومة، لكننا لم نتفق بعد هل نسقط حكم العسكر تماما أن مجرد نضغط لانتزاع صلاحيات كاملة لوزارة مدنية ثورية، كما نختلف على هل نعجل بالانتخابات و ما ترتيبها و أي محاولة لاقتراح مجلس رئاسي ستؤدي لخلافات، فالثورة رغم قوتها و استمراريتها لا تزال بلا قيادة موحدة (و هو من أهم عوامل قوتها).

لكن لن نختلف على ضرورة وجود وزارة قوية بصلاحيات كاملة و تفويض شعبي من ميادين الثورة و مهمة محددة يشارك الشارع الثائر في تحديدها، فلنتفق اذن على تلك الوزارة.

ما يلي مقترح بوزارة انقاذ وطني تقود البلاد لحين انتخاب سلطات معبرة عن الشعب فعلا، مطروح للنقاش و الاتفاق على بدائل، الأفضل أن تمثل كل محافظات و تيارات الثورة في تلك الوزارة على أن نتفادي القيادات الحزبية و الشخصيات الخلافية و ننحاز للأصغر سنا و الأكثر ثورية.

بالنسبة لمنصب رئيس الوزراء يمكن لعصام شرف الاستمرار اذا عاد لميدان التحرير و فضح القيود التي فرضها المجلس العسكري عليه، أو نختار بديل و ليكن مثلا نبيل العربي أو حازم الببلاوي

وزارة العدل
محمد أحمد عطية
وزارة الثقافة
بسمة الحسيني
وزارة التربية و التعليم
محمود كامل الناقة
وزارة الخارجية
هاني خلاف
وزارة الزراعة
؟؟؟
وزارة الدولة للأثار
فكري حسن
وزارة التعاون الدولي
؟؟؟
وزارة السياحة
عبد الكريم هلال أو عادل وهبي
وزارة الاسكان
؟؟؟؟
وزارة القوى العاملة
خالد علي
وزارة الأوقاف
محمود الخضيري
وزارة التعليم العالي
مصطفى كامل السيد
وزارة الري
عبد الفتاح مطاوع
وزارة الداخلية
أشرف البارودي
وزارة التضامن الاجتماعي
عماد ثروت
وزارة الصناعة
أحمد جابر (أستاذ هندسة كيميائية بجامعة القاهرة)
وزارة الدولة للانتاج الحربي
(يجب أن يتغير سيد مشعل)
وزارة المالية
أحمد سيد النجار
وزارة الاتصالات و المعلومات
م. عصام حشيش
وزارة البترول
د. يحي القزاز
وزارة التنمية المحلية
كمال أبو عيطة أو قيادي باتحادات الفلاحين المستقلة
وزارة الكهرباء و الطاقة
???
وزارة البيئة
هالة بركات
وزارة الصحة و السكان
منى مينا
وزارة الطيران المدني
على مراد
وزارة النقل
؟؟؟
وزارة الاعلام
علاء الأسواني
وزارة الاقتصاد
وائل جمال
وزارة الشباب
شريف عبد العظيم
وزارة التنمية الادارية
م. علاء سويف
النائب العام
أحمد مكي
الطب شرعي
هشام فرج
الجهاز المركزي للمحاسبات
عبد الخالق فاروق

استحداث منصب وزير دولة لمراقبة و متابعة الانتقال لدولة تحترم حقوق الانسان و على رأس أولوياته التأكد من تنفيذ برنامج لاعادة هيكلة الداخلية و وقف السياسات القمعية، و ليسمى مثلا وزارة الدولة لحقوق الانسان، و يتولى المنصب حقوقي بارز.

الحلم أولا

نشرت في جريدة الشروق الجمعة 24 يونيو 2011

الحلم أولا

نوستالجيا

هيمن على الميدان حالة لا يمكن أن يصفها حتى أقلنا التزاما إلا بأوصاف قدسية أو صوفية، عبقرية الفعل العفوي الجماعي جعلت القدر يستجيب. كيف تمكنا من اختراع آليات لاتخاذ القرار من لا شيء؟ كيف دافعنا عن أنفسنا يوم الجمل؟ من أول من بدأ بقرع الأسوار الحديدة لبث الرهبة في نفوس أعدائنا؟ اكتشفنا قداسة فينا عندما وقفنا معا وكانت يد الله مع الجماعة.

هل ألهم القدر بوعزيزي إذن؟ هل كان يعرف أنه باستشهاده يشعل ثورة تعبر الحدود؟ أكيد كان يعرف.. لم اختار الانتحار بأكثر الوسائل ألما إن لم يكن لغرض ثوري؟ الانتحار ملاذ من تسلب إرادته، أما بوعزيزي فقد اختار أن يؤكد على إرادته، اختار أن يستشهد قبل أن يطلق أعداء الثورة الرصاص، فقد عرف أن الثورة تحتاج لبحار من دماء الشهداء، اختار أن يستشهد حتى تبدأ الثورة وقد دفعت أغلى ثمن فلا تقدر الجماهير على اختيار التراجع.

ما بين سقوط مخلوع تونس واندلاع ثورتنا في مصر بضعة أيام، هل تذكرون شهداء تلك الأيام؟ نسيت أساميهم وصورهم في خضم الأحداث التي تلت لكن ما نسيت بوعزيزيو مصر والشهادة تختارهم فيقطعوا الشك باليقين: مصر مثل تونس، مصر هي تونس، وإياكم وأي مطلب أقل من إسقاط النظام، إياكم الآن وأي تضحية أقل من الشهادة.

ولأن يد الله مع الجماعة يغيب عنا كل ما سيحدث في الحياة الأخرى إلا مصير الشهداء؛ لدينا يقين أنهم شهداء، هم في قلوبنا وعقولنا شهداء، ولن تكون رحمتنا أوسع أبدا من رحمة الله.

رمزية

الاستشهاد على طريقة بوعزيزي فعل استعراضي ورمزي. استعرضت الشرطية سلطتها بصفعه، وكان بإمكانه أن يحاول الانتقام إن كان قد تخلى عن رغبته في الحياة، ولكنه رغب الحياة بشدة فاختار أن يذكرنا بقيمتها. كان عليه أن يقف في طريق عام، كان عليه أن يتوهج لنتذكر أن الحياة بلا كرامة ليست حياة.

استعراض السلطة يواجهه استعراض ثوري. وعينا الدرس وكان الميدان مسرح، مبهر، ألوان، موسيقى، أنتجنا وأخرجنا وشاركنا في أكبر استعراض في التاريخ، وتابعتنا جماهير العالم أجمع. حاولت السلطة مواجهة استعراضنا باستعراضها، لذا هاجمتنا بالجمال. لكن فاتها أننا آمنا بعرضنا المسرحي، وصدقنا رمزيتنا ولذا كنا على استعداد لدفع ثمن تحويل الرمز لحقيقة. أما السلطة فأي ثمن تدفع؟

وقف شباب أغلبهم تحت العشرين وحدهم بصدر عار في مواجهة الرصاص أمام سفارة الصهاينة، هل ظنوا أنهم سيحرروا الأرض بفعلهم؟ لا.. بل كان استعراضا، حتى المطلب كان رمزيا: انزلوا العلم. لكنهم مثل بوعزيزي أدركوا ما لم ندرك، أن الثورة صراع على أفكار. جاءوا لينتصروا لفكرة أن السلطة للشعب، ولا تقرر أية قوة داخلية أو خارجية لنا، لا السياسات ولا الأولويات، حتى سياستنا الخارجية، حتى علاقاتنا بالقوى العظمى، وبالتأكيد علاقاتنا بأشقائنا.

الفكرة مزعجة جدا للسلطة، أي سلطة، حتى الانتقالية "الشريفة"، حتى المنتخبة القادمة (ولهذا غابت عن هذا المشهد كل القوى المرشحة وذلك للنيل منها)؛ العيال ستُملي علينا كيف ندير البلاد؟! ليسوا ثوار إذن وإنما هم شباب متطرف مختل لا يفقه الأولويات. هكذا اتفقت السلطة والنخبة: استعرضت السلطة قوتها بلا رمزية وإنما بمباشرة فجة، وظنت أن سقوط الشباب برصاصها انتصار لها؛ أما النخبة فتجاهلت رمزية أن يوجه رصاص حماة حدودنا إلى صدورنا حماية لعلم الأعداء. نسوا أن الواقع يتغير في العقول أولا.

حتى عندما تحاول السلطة الاستعراض لا تقدر على دفع الثمن، فالسيد اللواء لم يجد مفر من الاعتذار الأبوي عندما واجهته فتاة بحقيقة تعذيبها على يد جنوده. ربما كان يمكن له أن يجعل من استعراض أبوته واعتذاره واقع لو أنه آمن به وتحمل ثمنه، لكنه هاج وماج عندما خرج الاستعراض من جدران مكتبه لصفحات الجرائد. السلطة لا تدفع ثمن تحويل الاستعراض لواقع.

سرد

هل كان الميدان حقا مدينة فاضلة "ولا في الأحلام" ذابت فيها فوارق الجنس والدين والثروة؟ أم أننا حلمنا به هكذا فصار الحلم واقع لأننا آمننا؟

الميدان كان استعراضا كبيرا، والفعل الثوري من بوعزيزي للسفارة مشبع بالرمزية، لكن الاستعراض والرمز مجرد جزء من الثورة. الاستعراض يحتاج لجمهور، والجمهور في عصرنا هذا يعتمد على كاميرات وفضائيات. بعيدا عن الكاميرات مجال الاستعراض محدود أكثر، وفرص الرمزية أقل. بعيدا عن الكاميرات الصراع لم يكن استعراضيا. بعيدا عن الكاميرات خاض أهالينا حرب مع شرطة مبارك، حرب سقط فيها الشهداء بالمئات إن لم يكن الآلاف وانتصرت فيها الثورة برد العنف أحيانا، وأتمت انتصارها بحرق قلاع الداخلية.

تغيب عنا الآخرة لكننا نعرف مصير الشهداء، ولكن أغلب شهدائنا فقراء. أسوأ ما في الفقر ليس الحاجة وإنما الإحساس بانعدام الإرادة، فمصيري ليس بيدي. ألهمت الثورة فقرائنا وأقنعتهم أن مصائرهم بيدهم. الثورة حتى في أقل تجلياتها رمزية تظل صراع على الأفكار. وكما أمام السفارة، الفكرة مزعجة جدا للسلطة، أي سلطة، فحتى في الديمقراطيات نرى الفقراء منزوعي الإرادة.

ليسوا شهداء إذن، ما هم إلا بلطجية. والشرطة؟ صحيح من قتلوا الفنانين والمهندسين سفاحين، لكن في الأحياء الشعبية أبطال بواسل؛ في أمن الدولة سلخانات، لكن في الأقسام رموز لهيبة الدولة طبعا. هيبة الدولة هي ما تَفرض على من لم ير ثمار الانصياع لقواعد الدولة ومن لن يرى فرصة في تحديد مصير الدولة الالتزام بتلك القواعد (مع أنهم لن يروا منه خيرا) وتقبل ذلك المصير (مع أنهم لم يشاركوا في صياغته). كيف يمكن لنا أن نسمح بسرد لقصة الثورة يهدد تلك الهيبة؟

قتلت الداخلية الشهداء مرتين، مرة على يد العادلي عندما أطلقوا الرصاص، ومرة على يد العيسوي عندما استكثر عليهم الشهادة. مرة بلا كاميرات، ومرة علنا على الهواء مباشرة.

خطاب

ربما لا يعرف من لا نصفهم بالمثقفين ما تعنيه كلمات مثل سرد ورمز وخطاب، لكنها تؤثر فيهم. الشعب أعلم مما يظن الكثيرون، الشعب يعرف أن التحرير لم يكن إلا استعراض، يعرف أن الثورة انتصرت في الحواري والأزقة وفي المصانع، يفهم أن الاستعراض مهم لصراع الأفكار ويفهم أن الميدان يسقط لو سقط الحلم؛ الميدان أسطورة تخلق واقع طالما آمننا به، ولو أصرينا على تجاهل من ينكر على أهل إمبابة والمطرية الشهادة سيتخلى أهل المطرية وإمبابة عن حلم الميدان، وبدون الحلم أين نكون؟

تغيب عنا الآخرة لكننا نعلم علم اليقين مصير الشهداء، هل نتصور فعلا أن رحمة الله تعرف الطبقية؟ ألا يكفينا ذنب أننا عشنا ولم ننل الشهادة؟ هل نقدر على تحمل ذنب السكوت عن إنكارها؟ هل سنبيع دماء الشهداء مقابل نهاية انفلات أمني مزعوم وعودة عجلة إنتاج ظالمة للدوران؟

لا يبحث أهل الشهداء عن العدالة فالعدالة لن تحي شهيد، يبحثون عن حلم يعطي معنى للتضحية، يبحثون عن نهاية سعيدة لحدوتة تشمل فاجعتهم. بعبقريتنا هتفنا "افرحي يا أم الشهيد كلنا خالد سعيد"، وأعطيناها النهاية السعيدة في أول فصل من الحدوتة. ألا يحق لأم محمد عبدالحميد شهيد الزاوية الحمراء وأم مينا ملاك شهيد الطوابق أن تفرحا؟ العدالة مسرحية استعراضية، لن تصير واقعا إلا لو آمنا بها. العدالة فرصتنا، لو تمسكنا بها ربما تفرح أم الشهيد ولو فرحت ربما يُغفر ذنب شهادتنا التي لم ننلها.

والنخب؟ مشغولة بصراع على الأفكار أيضا، لكن بنفس درجة المباشرة والفجاجة التي يتمتع بها خطاب السلطة، بلا إبداع، بلا رمزية: مدنية أم دينية، دستور أولا أم برلمان أولا.. الخ. والمذهل أن بين كل سطر وسطر نذكر الشهداء. صاروا أرقاما وإحصائيات، بل وصلت الصفاقة بفصيل سياسي أن يدعى أن نسبة كذا منهم تنتمى إليه. هل كلفوا خاطرهم الدفاع عنهم؟ فأهاليهم تحكي حدوتة بطولتهم، والسلطة تحكي حدوتة بلطجتهم، والحق بيّن ولكننا لم نعتد أن نراه.. بعيدا عن الكاميرات.

اختار الشهداء محاربة النظام رغم إدراكهم أن اختزال مشكلتهم في النظام أسطورة، لكنها أسطورة طعمت بالإيمان والتضحية، رهان على أن الواقع يمكن أن يتغير. لكنهم ليسوا أغبياء؛ مثلما أدرك شباب السفارة أن الديمقراطية وحدها لا تواجه ظلم الإمبريالية، يدرك الكادحين بالفطرة أن الديمقراطية وحدها لم ترفع فقرا أبدا، والمحاكم وحدها لم ترس عدالة للكادحين أبدا، ولنا في تظاهرات عمال ويسكونسن وتلامذة مدارس انجلترا عبرة.

ماذا بعد النظام؟ ليس لنا إلا الحلم. اخترنا الإيمان بحلم أن وحدتنا هي الحل وأن ثورتنا ستستمر، فما معنى إذن أن تحاضرنا نخبتنا عن مدى وضوح خارطة الطريق؟ هل يملك أحد على هذه الأرض خارطة طريق واضحة لإرساء العدالة؟ لجعل الحلم واقع؟ لماذا لم تنفذ بعد إذن؟ إن كانوا جربوها من قبل وجاءت أقل مما طمحوا إليه، إن كنا دفعنا الثمن غاليا جدا من قبل أن نبدأ أصلا، لماذا لا نترك للحلم العنان، ننتصر معا لشهداء الميدان والحارة والسفارة، نستكمل معارك الاستعراض والرمز والسرد لآخرها. يعني.. نكمل حدوتة الثورة ربما نجد نهاية سعيدة. والاختيار لنا، ففي معارك الأفكار من يملك التأثير على وسائل الإعلام أقوى. كيف نحكي قصة ثورتنا؟ هل هي ثورة شباب الإنترنت الشريف الناصع الطاهر أم هي ثورة الشعب كله؟ هل هي زرع شيطاني ظهر فجأة في يناير 2011 أم أن لها جذور في التضامن مع انتفاضة شعبنا في فلسطين وأولى براعمها ظهرت في المحلة في ابريل 2008؟

الميدان أسطورة لو توقف أهل الشهداء عن الإيمان بها لسقطت. بديل النظام حلم لو تركناه لسجالات واقعية عقلانية ملتزمة بترتيب مضبوط للأولويات انشقع. لو سقطت الأسطورة وانشقع الحلم انفضت الجماعة، وإن انفضت الجماعة لن يستجيب القدر، فما نعرفه عن يد الله أنها مع الجماعة.

تخلوا عن الخبراء واسمعوا الشعراء فنحن في ثورة.

دعوا العقل وتمسكوا بالحلم فنحن في ثورة.

احذروا الحذر واحتضنوا المجهول فنحن في ثورة.

احتفلوا بالشهداء، ففي وسط الأفكار والرموز والقصص والاستعراضات والأحلام لا شيء حقيقي إلا دمهم ولا شيء مضمون إلا خلودهم.

الطيور على أشكالها تلتقي: تويت ندوة عن الاقتصاد و العدالة الاجتماعية

ندعوكم لحضور تويت ندوة عن الاقتصاد المصري و العدالة الاجتماعية الأربعاء 6 يوليو الساعة السادسة و النصف مساء بمسرح روابط بوسط القاهرة.

الثورة طالبت بالكرامة الانسانية و العدالة الاجتماعية، الثورة أقرت أن العلاقة ما بين العيش و الحرية وثيقة. كيف نحقق العدالة الاجتماعية؟ كيف تضمن الحرية كرامة العيش؟ ما حقيقة الأزمة الاقتصادية الحالية؟ ما موقفنا من القروض؟ هل من حقنا نفتي في الاقتصاد أم نترك الأمر للخبراء؟

المتحدثون الأساسيون:

  • خالد علي
  • وائل جمال @waelgamal
  • لبنى درويش @lobna
  • وائل نوارة @wnawara
  • مينوش عبد المجيد @minoushy

مسرح روابط: 3 ش حسين المعمار، متفرع من شارع النبراوي، متفرع من ش تشامبليون – وسط البلد - القاهرة

بعكس المعتاد سيخصص النصف الأول للحوار المفتوح يطرح فيه الحضور تعريفهم للعدالة الاجتماعية و أسئلتهم عن الاقتصاد، و في النصف الثاني حوار موجه مع المتحدثين الرئيسيين عن التجارب المختلفة لتحقيق العدالة الاجتماعية و ادارة الاقتصاد.

عريضة - الجمعة ٨ يوليو: معا لإنقاذ ثورتنا

رجاء النشر و التوقيع على العريضة هنا
http://www.ipetitions.com/petition/together_to_save_our_revolution/

نص العريضة:


نــداء

إلى كل من شارك فى ثورتنا
إلى كل من لازال يحلم بوطن ينعم ابناؤه جميعا بالكرامة والحرية والعدالة

الضربات تتوالى كل يوم على ثورتنا وعلى ثوارنا:
كل يوم يأتينا خبر تعيين أحد رجال العهد السابق فى موقع من مواقع المسئولية
كل يوم نسمع باستمرار ذات السياسات التى ثار المصريون من أجل تغييرها
كل يوم يأتينا خبر انتهاك جديد تقوم به الشرطة - مدنية أو عسكرية
فان اعترضنا وعلا صوت اعتراضنا قوبل بالوعود التى لا تنفذ
القتلة والمجرمون من كبار رجال الداخلية لازالوا من كبار رجال الداخلية حتى لو تم تبديل مناصبهم
وزير الداخلية يدافع عن ضباطه مدعيا أنهم قتلوا الثوار دفاعا عن النفس
وها هم يُرجئون المحاكمات إلى آجال بعيدة و يفرجون عن القتلة

فُرقتنا هى التى تضعفنا
فُرقتنا هى التى تمَكِّن لأعداء الثورة

ماذا يفيد الجدل حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا؟ لن نحظى بأى منهما: فالشعب سوف يفقد ايمانه بثورته وينفض عنا جميعا
ماذا يفيد الجدل حول شكل الدولة إن كانت ستستمر تظلم الفقراء وتقمع المعترضين وتسبح فى فلك القوى الدولية المعادية لنهضتنا؟

أمامنا اليوم فرصة للخروج من عثرتنا
هناك دعوة للتظاهر والاعتصام يوم الجمعة ٨ يوليو
هل نخرج معا دون ان يرفع أي منا شعارا خلافيا؟

الطيور على أشكالها تلتقي في الاسكندرية: الحركة الحقوقية المصرية و حقوق الانسان بعد الثورة

ندعوكم لحضور أول تويت ندوة بالاسكندرية عن الحركة الحقوقية المصرية يوم الخميس 30 يونيو الساعة السادسة و النصف بمدرسة سان جبريال بالابراهيمية.

من المناسب بعد أيام من اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا التعذيب أن نتعرف على الحقوقيين الذين جعلوا التعذيب و كرامة المواطن أولوية عملهم. تجربة الحركة الحقوقية المصرية متفردة فقد تمكنت من سد فراغ كبير أحدثه النظام بتكبيله العمل السياسي، و انفتحت على الشباب و التقنية و تبنت نضالات الجماهير و لعبت دور كبيرا في مواجهة النظام. سنتعرف معا على دور النشطاء الحقوقيين ما قبل و خلال الثورة و سنستكشف معا حال حقوق الانسان بعد الثورة و ما نطمح أن تكون عليه في ظل مصر حرة ديمقراطية.

المتحدثون الأساسيون:

  • راجية عمران @rago_legal
  • مالك عدلي @malekadly
  • رامي رؤوف @ramyRaoof
  • نهى عاطف @nohaAtef
  • حسام بهجت @hossambahgat
  • أحمد راغب @ahmadragheb

مدرسة سان جبريال بالابراهيمية

كالعادة النصف الأول من الندوة حوار موجه مع المتحدثين الرئيسيين سنتطرق الى القضايا الحقوقية الكبرى التي واجهوها في السنوات الماضية و الأدوات و الآليات التي استخدموها. سنمر سريعا على تاريخ الحركة و خصوصية التجربة المصرية. و الخبرة الشخصية للمتحدثين.

النصف الثاني حوار مفتوح يشارك فيه الحضور و نأمل أن يدور حول كيفية ضمان و تحقيق حقوق الانسان في مصر الثورة و ما بعدها.

دعوة للاجتماع التأسيسي لمبادرة تعالوا نكتب دستورنا

مبادرة تعالوا نكتب دستورنا

دعوة لحضور الاجتماع التأسيسي للجان الادارية للمبادرة يوم الثلثاء 28 يونيو الساعة 6 مساء في نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت بوسط البلد، القاهرة.

الشعب عمل ثورة عظيمة وأسقط النظام الفاسد وابتدا الحلم :
عيش، حرية، عدالة اجتماعية
عيش، حرية، كرامة انسانية

ودلوقتي إحنا قدام مهمة تشكيل وتكوين مصر اللي بنحلم بيها
تفتكر نسيب الخبراء والمثقفين والسياسيين يحلمولنا وإحنا نفضل ساكتين ؟ ليه هو إحنا منعرفش نحلم ؟

عشان كده كانت مبادرة "تعالوا نكتب دستورنا"، مبادرة شعبية مستقلة، مش معنية بالجدل اللي إحنا فيه اليومين دول ، هي ببساطه جمع الحلم من من الشعب، ومناقشته عشان يطلع منه دستور يناسبنا.

وطبعا إحنا بنأكد على إن الانتخابات هى أفضل وسيلة تعبر عن اللي إحنا عايزينه، لكن الحلم، والتوافق، ووضع الأهداف، حق ومسؤولية الشعب الثائر كله مش بس أعضاء مجلس الشعب المنتخبين واللجنة التأسيسية .

الدستور أهم عقد ما بينا في جمهورية ما بعد الثورة: يرسم الحد الأدنى من الحقوق والحريات، ويكون ملامح العقد الاجتماعي ما بين المواطن والدولة، ويقرر التزامات الدولة - وبالذات فيما يخص العدالة الاجتماعية، و ينظم العلاقة ما بين السلطات، ويضبط توازنها.

اللي بنتصوره هنا، وببساطة هو إننا نحاول نوجد وثيقة شعبية تعبر عن طموحاتنا وأحلامنا المشتركة، تنور الطريق للجمعية التأسيسسة، اللي هتكون مهمتها إنها تحط الدستور وتصيغه.

كتابة الدستور مش عملية مقدسة عشان يختص بيها ناس معينين ولا هي عايزة مواصفات في الشخص اللي بيكتبه غير إنه يعبر عن طموحاتنا ، ومحدش هيعرف يعبر عننا أكتر مننا إحنا ، لا فلان ولا علان ، إحنا وبس . وأظن إنك عشان تقول اللي إنت عايزة مش محتاج واسطة ولا لسان غير لسانك يتكلم عن ظروفك وإحتياجاتك .

ومشاركة الناس في كتابة دستورهم هي القوة اللي بتحميه بعد كده من أي حد أو أي سلطة إنها تخالفه أو تعتدي على اللي ورد فيه من حقوق وإلتزامات وواجبات . وإحنا شفنا قد إيه كان دستور 1971 مليان مواد تحمي الحريات والحقوق بس مع ذلك ممنعتش مع التعذيب لكن اللي يمنع ده توافق الشعب وكتابته للدستور بنفسه.

لو عاوز أو عاوزة تشاركونا حلمنا وتساعدوا فيه عندنا اجتماع يوم الثلاثاء 28 يونيه الساعة 6 مساءاً في نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت – وسط البلد علشان نقسم نفسنا فى مجموعات اللى بيعرف يسمع أحلام الناس وبيعرف يتواصل معاهم يدخل مجموعة المناقشات والعمل الجماهري واللى ليه فى البحث ينضم لمجموعة البحث واللى بيفهم فى توظيف التكنولوجيا والتقنيات يدخل المجموعة بتاعتهم.

المجموعات دي هترتب و تدير المبادرة، لكن اللي هينزل الشوارع و الحواري و القرى يسأل أهالينا بيحلموا بمصر شكلها ايه هيبقى عشرات الألاف من المتطوعين.

يا ريت اللي مهتم يقرأ الوصف التفصيلي للمبادرة و يشرفنا في الاجتماع و ينضم لصفحة المبادرة و ينشر الرسالة دي في كل حتة.

مسودة جدول أعمال الاجتماع

ورقة تعريفية بمبادرة تعالوا نكتب دستورنا

تعالوا نكتب دستورنا

ثار الشعب، وسقط النظام، وارتفع سقف الحلم‫:‬
عيش، حرية، عدالة اجتماعية
عيش، حرية، كرامة انسانية

والآن، أمامنا مهمة توصيف وتشكيل مصر التي نحلم بها‫.
‬ هل نترك المهمة للنخب والخبراء؟
هل اجتماع بعض الأحزاب يُعَبِّر حقا عن الوفاق الوطني؟
هل نقاشات الغرف المغلقة بديل لحوار شعبي؟

مبادرة "تعالوا نكتب دستورنا"، مبادرة شعبية مستقلة، ولدت في حضن الثورة، ويشارك فيها مصريون من كافة الخلفيات والاتجاهات. وهي غير معنية بالجدل الدائر حول ترتيبات الفترة الانتقالية، وإنما تعمل على جمع الحلم من منابعه الشعبية، وإدارة نقاشات مع كافة طوائف الشعب عن الأسئلة الدستورية.

blog posts: 

من يكتب الدستور

نشرت في جريدة الشروق بتاريخ 10 يونيو 2011

26 يونيو 1955، كليب تاون، بالقرب من جوهانسبرج: تجمع الآلاف في ساحة أشبه بميادين تحريرنا، وافترشوا الأرض للمشاركة في "مؤتمر الشعب" والتصويت على بنود "ميثاق الحرية"؛ منصة يعتليها ثائر يقرأ مواد الميثاق بلغة شعرية، وميدان عامر حاشد يهدر بهتاف "أفريقيا!أفريقيا!". طوال يومان عاشت كليب تاون أهم تجربة ديمقراطية في التاريخ، قبل أن تقمعها قوات شرطة الفصل العنصري. ولكن الشرطة كعادتها جاءت متأخرة عاجزة عن قمع الحرية، وتم إقرار الميثاق الذي صار دستور حركة التحرر، ليصبح بعدها بأربعة عقود المرجعية الأساسية لصياغة دستور جنوب أفريقيا الحرة.

نحن، شعب جنوب أفريقيا، نعلن للأمة ولسائر شعوب العالم أن:

  • السلطة للشعب
  • لكل طوائف الشعب حقوق متساوية
  • ثروات البلاد ملك للشعب
  • سيتشارك في الأرض من يزرعها
  • الكل متساو أمام القانون
  • للكل حقوق متساوية، وهي المعروفة بحقوق الإنسان
  • سيتوفر العمل والأمان
  • ستفتح أبواب العلم والثقافة
  • سيتوفر المسكن والأمن والراحة
  • سيعم السلام والصداقة

هذه الحريات سنناضل من أجلها، كتفا إلى كتف، طوال حياتنا، إلى أن ننال حريتنا كاملة.

نص الميثاق كاملا

لم تكتب المنصة تلك المواد، لم يتحدث الآلاف في الميدان باسم الشعب من العدم، وإنما سبق المؤتمر شهور من الإعداد، انتشر فيها حوالي خمسين ألف متطوع بطول وعرض البلاد لسؤال كل من قابلوه سؤال بسيط جدا: "ما هي جنوب أفريقيا التي تحلم بها؟". جمع المتطوعون الإجابات وأرسلوها للجان منتخبة من كل منطقة لتفرز الإجابات وتجميع المتشابه منها في عريضة مطالب. ثم رفعت اللجان الفرعية المطالب للجان منتخبة أخرى تمثل المحافظات لتلخيص المطالب ورفعها للجنة صياغة. حضر المؤتمر كل أعضاء اللجان المنتخبة وممثلو النقابات العمالية والأحزاب الثورية والتنظيمات الشعبية الأخرى. شارك الشعب كله في صياغة الميثاق وبالتالي في صياغة الدستور.

بدأت الفكرة أصلا عندما وجد حزب المؤتمر الأفريقي (حزب مانديلا) نفسه في مأزق. فبعد تراجع ملحوظ في المشاركة في النضال ضد سياسة الفصل العنصري، قررت قيادات الحزب الشابة أن توسع رقعة النضال بتبني قضايا اقتصادية واجتماعية، وبدأوا بحملة لإقرار حد أدنى عادل للأجور. ولكن سرعان ما تبين لهم المسافة التي تفصلهم كنشطاء ونخبة سياسية عن جموع الشعب، فقرروا إقامة المؤتمر وصياغة الميثاق لتكون القيادة للجماهير. قرروا إذن أنهم بحاجة لحملة توعية سياسية تكون الجماهير فيها المُعلم بينما يكون الساسة والنشطاء تلاميذ.

وبالفعل غيّر المؤتمر والميثاق الحزب جذريا. أولا، لم يكن بمقدرة حزب واحد تنظيم نشاط بهذا الحجم، فاضطرهم طموح الفكرة إلى التعاون مع كافة الأحزاب والحركات المناهضة للنظام، عابرين حدودا أيديولوجية وعرقية وطبقية ودينية، ومنها ولدت حركة التحرر الوطني كحركة جامعة. ثانيا، على مستوى الأيديولوجيات، حيث حسم المؤتمر جدلا دار داخل الحزب ما بين رؤية أفريقية ترى الحل في تحرر الرجل الأسود كجزء من محاربة الاستعمار في القارة، وبين رؤية ترى الحل في نضال مشترك للمساواة ما بين كل من يعيش في الوطن باختلاف أعراقهم بما فيهم البيض. ثالثا، على مستوى الأولويات، حيث كان المؤتمر أول فرصة حقيقية للنخبة السياسية للتعرف على مشاكل وطموحات الفلاحين.

ومع إقرار الميثاق تغير التاريخ. سقط النظام في عقول الجماهير في ذلك اليوم حتى وإن احتاج لأربعين عام ليسقط فعلا. ووُلد الشعب ككيان موحد بعد أن فرقه الاستعمار والنظام إلى أعراق وقبائل، وُلد بهدف موحد ورؤية تتوارثها الأجيال وتقبل دفع ثمنها بالاستشهاد والتعذيب والاعتقال. حمى الشعب شرعية الميثاق إلى أن سقط النظام وبقى الشعب. وتجسدت شرعية الميدان في دستور بديع مستلهم من ميثاق الحرية، واستمر الشعب في حماية ميثاقه ودستوره.

واليوم في ميدان آخر نتجادل حول صياغة دستور جديد للجمهورية المصرية الثانية، ويسيطر علينا منطق أن من سيصيغ الدستور سينوب بنفسه عن الشعب. وبالتالي انحصر جدلنا في متى يصاغ الدستور وما أفضل طريقة لاختيار من ينوب عن الشعب. وكعادة النخب التي تؤمن أن النيابة مصيرها وحقها، يلتبس الأمر أحيانا ويظن من يسعى أن ينوب أنه وصي على الشعب. والصراحة أن لا فرق هنا ما بين فريق الدستور أولا وفريق البرلمان أولا، وأخشى أنهم اتفقوا على أن دور الجماهير ينتهي عند صندوق الانتخاب.

ويبدو أن التصور الشائع هو أن اجتماع القوى السياسية المختلفة وتوافقها يعني أن الشعب كله مُمثَّل. بينما كل الشواهد تقول أن القوى السياسية في مصر (بما فيهم أكثرها شعبية كالإخوان) منفصلة عن عموم الجماهير. وظهر هذا بوضوح في الميدان، حيث وجدت الأحزاب والحركات السياسية والنشطاء أنفسهم أقلية منعزلة لدرجة ما، حتى وهم يلعبون دورا قياديا أحيانا. هذا الانفصال، إن لم نعترف به، سيؤثر سلبا على عملية صياغة الدستور.

ولنا في تجارب لجان الوفاق عبرة؛ فمشاركة الشعب تؤدي إلى ميثاق ثوري مكتوب بلغة شعرية ينادي بفتح أبواب العلم والثقافة للجميع، بينما لقاء خبراء في غرفة مغلقة نتيجته أن يقترح علينا أحد رموز العدالة إعطاء ثقل أكبر في الانتخابات لأصوات المتعلمين. هل يمكن تصور أن يخرج هذا الاقتراح من وفاق وطني يشارك فيه من لم يكتب له حظ وافر من التعليم؟ هي وصاية إذن لا تمثيل ولا وفاق.

صحيح أن مبارك فصل الدستور البائد على مقاسه، لكن الحقيقة أن الكثير من الانتهاكات والتعديات في ظل نظامه تعارضت مباشرة وبشكل صارخ مع مواد الدستور، فالتعذيب بالتأكيد لم يكن سلوكا دستوريا حتى تحت أحط الدساتير. لم يحمنا الدستور إذن.

بل علينا أن نتساءل: ما قيمة دستور يصاغ بدون مشاركة شعبية حقيقية؟ حتى لو كان دستورا مثاليا، فهو يظل حبرا على ورق ما لم يتوفر توازن قوي يفعّله ويحميه. الميثاق الشعبي صاغه الشعب، وتحول هو والدستور المنبثق عنه إلى عقد اجتماعي حقيقي وجزء من هوية الشعب تتوارثه الأجيال، والشعب حامٍ لشرعيته الثورية والدستورية. بينما أنتج لنا الوفاق حلولا كارثية للخروج من هذا المأزق، مثل تسليط الجيش كحامي لمدنية الدولة، مما يستدعي بالضرورة ألا تخضع مؤسسة "سيادية" ذات قدرات قمعية واسعة وذات تاريخ من الانتهاكات والتدخل في الحكم لأي رقابة من هيئات منتخبة.

لنكن متواضعين؛ مانديلا ورفاقه احتاجوا دروس الجماهير لتوعيتهم سياسيا. لماذا نفترض أننا أفضل منهم؟ لماذا، ما دام اتفقنا أن الدستور أحد أهم أهداف ثورتنا المستمرة، لا نشرك جماهير الثورة في صياغته؟

هل نحتاج أن نمر بتجربة مشابهة لجنوب أفريقيا ونشترك جميعا في نشاط جماعي لرسم مصر التي نحلم بها؟ وماذا سينتج عن انخراط عشرات الآلاف في جمع الحلم من منابعه الشعبية؟ ربما نصل إلى وفاق حقيقي ونستعيد وحدة صفنا، ربما نكتشف أولويات قد غابت عنا؛ فعادة الأحزاب مثلا تجاهُل قضايا البيئة أو الاكتفاء بالإشارة إليها بكلام مرسل، لكن ربما إن انصتنا للصيادين في بحيراتنا وشكواهم من تدمير المصايد بسبب جشع شركات الصيد الدولية اكتشفنا لأي مدى هي قضية ملحة مرتبطة بالعدالة الاجتماعية وبحاجة لحماية دستورية حقيقية. ربما نحتاج أن نعطي لأهل البرلس، الذين ناضلوا طويلا من أجل شربة ماء، فرصة لتوعيتنا بمعنى أن تكون محروما من المياه العذبة وتذكيرنا بمكانة المياه كأحد الحقوق الإنسانية الأساسية.

أما الجدل المحتدم الآن حول من سيصيغ الدستور فيجب أن يتحول من نقاش حول محتوى الدستور إلى نقاش حول كيفية اختيار الجمعية التأسيسية، فالتعديلات الدستورية والإعلان الدستوري لم يحدد تفاصيل. يمكننا الاتفاق مثلا على تمثيل نسبي للنساء والشباب والأقليات الدينية، وتمثيل من كل محافظة، وحصص مخصصة لممثلي النقابات المهنية والعمالية والفلاحية، ومقاعد لنشطاء وحقوقيين ومبدعين الخ. أما الأهم فهو الاتفاق على آليات عمل الجمعية التأسيسية.

علينا أولا التخلي تماما عن فكرة أن صياغة الدستور أمر بسيط يمكن أن يقوم به خبراء في وقت وجيز استنادا إلى دساتير جاهزة. فسؤال واحد من الأسئلة الكبرى المطروحة (رئاسية أم برلمانية مثلا) يستدعي نقاشا مطولا قد يدوم لأسابيع. ومن الضروري أن تكون المداولات علنية وأن تعقد جلسات استماع ليتسنى للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وتنظيماتنا وحركاتنا المطلبية والسياسية أن تشارك في النقاش.

Pages

Subscribe to Manal and Alaa's bit bucket RSS