!2014-2015 نتائج وآفاق

٤ كانون الثاني يناير ٢٠١٥

لكن ليس هناك مجال للتهاون. تحديات كبيرة تنتظرنا.  سيشهد عام 2015 تكثيفا للأزمة الرأسمالية وتصاعدا كبيرا للمقاومة الشعبية. ندعو قراء موقع الإشتراكية الدولية العديدين للانضمام الينا، والكفاح من أجل بناء الأممية الرابعة بصفته الحزب العالمي للثورة الاشتراكية.

في خلال عام 2014، حققت اللجنة الدولية الأممية الرابعة وأقسامها الوطنية تقدما كبيرا في تطوير نشاطاتهما بين العمال والشباب الذين دفعتهمالأزمة إلى تبني أفكار يسارية. كما إستمرت المكانة السياسية لموقع الاشتراكية الدولية الإلكتروني في النمو، كلما أثبتت الأحداث صحة تحليله.

لكن نمو السخط الشعبي واندلاع الصراع الطبقي المفتوح ليست كافية لحل المشاكل الكبيرة التي تفرضها أزمة النظام الرأسمالي. المهمة الحاسمة هي تطوير الوعي السياسي الاشتراكي داخل الطبقة العاملة.

5. تتوقع التكهنات لعام 2015 اشتداد الأزمة الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية. ومع ذلك، جنبا إلى جنب مع تطور التناقضات الموضوعية للنظام الرأسمالي، فإن الغضب الشعبي وعدم الرضا من قبل كتلة كبيرة من السكان يكتسب الطابع الشديد على نحو متزايد. لقد تركت أحداث السنوات ال 15 الماضية بصماتها على الوعي الجماعي. حروب لا نهاية لها، والتعرض للفساد من قبل النخبة المالية، والممارسات الإجرامية والسادية التي تنتهك أبسط معاني العدالة، والإنخفاض الحثيث في مستويات المعيشة بين الغالبية العظمى من السكان القادرين على العمل، والإحباط الذي يتعرض له الشباب الذين يشعرون أنهم يعيشون في عالم بلا مستقبل وبلا أمل، والغنى الفاحش وسط تفشي الفقر، والمصاعب اليومية التي يواجهها معظم الناس في حياتهم ــ هذه هي عناصر الواقع الموضوعي الذي يؤدي إلى تغيير عميق في الوعي والتوجه السياسي داخل الطبقة العاملة.

كما ارتفعت القيمة الصافية لأغنى 400 أمريكي الى 2.29 تريليون دولار في عام 2014، أي تقريبا ضعف ما كانت عليه في عام 2009. ومنذ عام 2010، انخفض متوسط دخل الأسرة في الولايات المتحدة بنسبة 5 في المئة. والعمليات نفسها موجودة في كل بلد. من المليارديرات الثلاثة الذين تمتعوا بأكبر زيادة في ثرواتهم العام الماضي، إثنان يعيشان في الصين. كما شهد أغنى 1بالمئة من سكان العالم زيادة في حصتهم من الثروة العالمية إلى 48.2 في المئة في عام 2014، ارتفاعا من 46 في المئة في عام 2013، وفقا لبنك كريدي سويس.

وكنتيجة مباشرة لهذه السياسات، شهد أغنى 400 شخص في عام 2014 صافي ثرواتهم مجتمعة تنمو بمقدار 92 مليار دولار إلى 4.1 تريليون دولار. وارتفع عدد المليارديرات الى مستوى قياسي 2325 في العام الماضي، بزيادة أكثر من 7 في المئة عن العام السابق. وارتفعت القيمة الصافية لهذا العدد الصغير من سكان العالم بنسبة 12 في المئة، إلى 7.3 تريليون دولار.

4. إن نزع المظهر الخارجي المخادع عن الديمقراطية هو في الأساس تعبير صارخ عن النمو اللا نهائي لعدم المساواة الإجتماعية. منذ عام 2008، كانت السياسة الأحادية التفكير من قبل الطبقة الحاكمة تهدف فقط الى المحافظة على ثروتها وتنميتها من خلال ضخ تريليونات الدولارات في أسواق الأسهم، جنبا إلى جنب مع هجمة لا هوادة فيها على فرص العمل والظروف المعيشية للطبقة العاملة.

إن نفس التوجه نحو السلطوية موجود في كل بلد، حيث تقوم الطبقة الحاكمة ببناء جهاز القمع ردا على التوترات الاجتماعية الداخلية. ومن اللافت جدا أن واحدة من أكثر الدول جاذبية للمستثمرين في عام 2014 كانت هي مصر، المكان الذي قام فيه نظام عسكري وحشي الغى الحقوق الديمقراطية، ونفذ المذابح الجماعية ضد كل من يعارضه. تنظر الطبقات الحاكمة دوليا الى مثل هذه التكتيكات على أنها نموذج يحتذى لتتخذ تدابير مماثلة كلما تعرضت ثرواتها ومصالحها للتهديد.

لقد شهد عام 2014 الإستخدام المباشر لجهاز القمع، الذي تم بناؤه في "الحرب على الإرهاب" ضد المعارضة الداخلية. قامت الشرطة المسلحة بالمعدات العسكرية بإخضاع بلدة فيرغسون، بولاية ميسوري للأحكام العرفية الحقيقية بعد احتجاجات على مقتل مايكل براون البالغ من العمر 18 عاما.

إن العنف الذي تمت ممارسته خارج حدود الولايات المتحدةـــ إستخدام التعذيب، برنامج القتل بالطائرات بدون طيار..الخ ـــ وكذلك الإلغاء السريع للحقوق الديمقراطية داخل الولايات المتحدة هي مكونات متصلة بعضها ببعض لنفس العملية الرجعية. وتتخذ الولايات المتحدة طابع دولة بوليسية أكثر فأكثر. وفقا للعقيدة العسكرية الجديدة، وفي إنتهاك صارخ للمبدأ القانوني "بوسي الإلزامي" - الذي يحظر استخدام الجيش لأغراض إنفاذ القانون - فإن قوات الشرطة المحلية يجري دمجها فيما يسمى "الجيش الكلي".  

إن انهيار القواعد الأساسية للحكم الديمقراطي، والتي تم توثيقها عن طريق كشف الإنتهاكات للقانون المحلي والدولي من قبل أفراد يحتلون مناصب عليا في الدولة الأمريكية، يثبت صحة تحليل لينين. تقرير لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ حول التعذيب يفيد بما لا يحتمل الجدل على أن الرئيس، نائب الرئيس، وزير الدفاع، ومدير وكالة المخابرات المركزية، وغيرهم من موظفي الحكومة في إدارة بوش ارتكبت أعمال إجرامية. ولكن كما يتضح من رد إدارة أوباما ، فإن أولئك الذين أذنوا ، والذين صمموا، والذين نفذوا برنامج التعذيب الأمريكي لن يتعرضوا للمساءلة القانونية.3. كتب لينين سنة 1916: "إن الرجعية السياسية هي على طول الخط صفة مميزة للإمبريالية" وأضاف: "إن الفرق بين النظام الجمهوري الديمقراطي والملكيةالرجعية البورجوازية يختفي تماما لأن كلاهما يتعفنان وهما أحياء..."

إن استمرار نظام الدولة القومية على أسس رأسماليةــ في تعارض واضح مع المتطلبات الموضوعية للتنمية الإنسانية العالميةــ هو ليس فقط مصدر للحرب الدولية، ولكن أيضا مصدر للصراعات الدموية بين الأشقاء والأفراد الذين يعيشون داخل حدود الدولة التي مضى عليها تاريخ طويل. إن بريطانيا العظمى وهي التي تشكلت بموجب قانون الاتحاد منذ 1707، مهددة بالتفكك بسبب تصاعد حملة قومية رجعية عميقة تهدف الى تشكيل رأسمالية مستقلة في اسكتلندا. ستكون نتائج هذه الحملة، إن كان لها أن تنجح، هو إضعاف الطبقة العاملة على كلا الجانبين الشمالي والجنوبي من الحدود. وإذا كانت هناك حاجة لدليل إضافي على الآثار البشعة للقومية، على المرء فقط أن ينظر إلى نشوء إسرائيل. فقد تأسست على أساس برنامج رجعي وأيديولوجية صهوينية، الدولة اليهوديةــ التي بررت وجودها على أنه رد على المحرقة التي حرضت عليها الفاشيةــ توظف عنصرية صريحة لتبرير الاضطهاد الذي لايرحم الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقهم الديمقراطية.

لقد مثل إنشاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية سنة 1922ــ  والذي كانت أوكرانيا عنصرا حاسما فيه ــ محاولة من قبل النظام البلشفي لتجاوز نظام الدولية القومية الرجعية التي عفا عليها الزمن تاريخيا.الخيانات الستالينية التي تلت ذلك ــ على أساس برنامج الاشتراكية الوطني في بلد واحدــ لا تقلل من الأهمية التاريخية لما حققته ثورة أكتوبر وإنشاء الاتحاد السوفياتي. أما البرنامج القومي لبوتين، الذي يطمح أن يحتفظ لروسيا الرأسمالية بقدر من النفوذ السياسي والاقتصادي داخل أوكرانيا الرأسمالية، فليس له علاقة على الاطلاق ولاقواسم مشتركة مع البرنامج والمبادئ التي تأسس عليها الاتحاد السوفياتي  بل هو في الواقع معاد تماما لها.

هذا هو فقط البديل التقدمي، بل وأضيف الواقعي، للعدوان الإمبريالي. لايوجد بديل تقدمي وطني لبرنامج الثورة الاشتراكية العالمية. إن جهود بوتين "للدفاع" عن روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي على أساس إحياء مثير للاشمئزاز لعهد القيصرية-الشوفينية الروسية العظمى لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة. كانت ثورة أكتوبر عام 1917 رد الطبقة العاملة الروسيةــ بوصفها طليعة الطبقة القاملة في العالم ــ ليس فقط  على جرائم الاستبداد القيصري، ولكن أيضا، وقبل كل شيء، على النظام الإمبريالي العالمي لتأسيسه للدولة القومية. 

لدى مراجعة استراتيجيات وسياسات النخب الحاكمة في بلد أو آخر ، فإنه سيكون من الخطأ التقليل من شأن قسوتهم، أو المبالغة في تقدير ذكائهم. لكن شبح حرب عالمية ثالثة ينشأ ليس من طموحات زعيم رأسمالي هنا أو هناك، أو من مجرد خطأ في حسابات جيوسياسية من جانب قوة أو أخرى. بل تندلع الحرب من معطيات المنطق السياسي الموضوعي وعواقب الصراع التي لا يمكن وقفها من جانب القوى الامبريالية الطامحة للتربع على قمة مركز الهيمنة في النظام الرأسمالي العالمي ــ كما في حالة الولايات المتحدةــ .لا يمكن منع الحرب إلا من خلال إسقاط نظام الدولة القومية، وهذا يتطلب إنتزاعا ثوريا للسلطة السياسية من قبل الطبقة العاملة وإنشاء نظام اشتراكي دولي.

سيشهد هذا العام مناسبة الذكرى ال70 لنهاية الحرب العالمية الثانية، والتي مثلت الصراع الإمبريالي الذي قضى على عشرات الملايين من الأرواح. بين عامي 1939 و 1945، أفصحت النخب الحاكمة من جميع القوى المتنازعة الإمبريالية - الفاشية و"الديمقراطية" على حد سواء - عن درجة الهمجية التي يتمتع بها النظام الرأسمالي. وحتى في يومنا هذا، فإنه في سياق الأزمة الأوكرانية قد تم علناً مناقشة إحتمال قيام حرب عالمية ثالثة قدتبدأ بإستخدام أسلحة نووية.

ومن التطورات الهامة وخاصة في عام 2014 قيام كل من ألمانيا واليابان بدون حرج بتجديد طموحاتهما الإمبريالية، حيث ينخرط كلا البلدين في عملية صياغة برامج للتوسع والانتشار الدولي لقواتهما العسكرية. وفي حين أن كلا البلدين تحالفا مع الولايات المتحدة في معارضة روسيا والصين، فمن الممكن، بل من المحتمل جدا أن يجد صانعو القرار في برلين وطوكيو أنفسهم في صراع مع واشنطن في سياق تطوير أجندتهما الإمبريالية.

الولايات المتحدة، على كل حال، ليست الفاعل الوحيد في السياسة الإمبريالية العالمية. فإن بريطانيا بالرغم من معاناتها في أزمتها الداخلية تأمل أن "علاقتها الخاصة" مع الولايات المتحدة يمكن أن تسهل لها إسترداد بعضا من أمجادها الإمبريالية القديمة. أما فرنسا ــ وهي التي كانت قبل عقد واحد فقط ناقدا قاسيا للغزو الأمريكي للعراق ــ فقد تحولت الى الحليف الوفي لواشنطن. وهي تسعى في المقابل لتأمين الدعم الأمريكي لعمليات النهب الفرنسيةفي شمال ووسط أفريقيا. جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي تشبه مجموعة من الذئاب الجائعة، وتبحث عن فريسة أو أخرى للانقضاض عليها. وعلى بعد آلاف الأميال من أوروبا، إنضمت الطبقة الحاكمة الاسترالية بحماس الى واشنطن في تحولها إلى آسيا.

النزاع مع روسيا حول أوكرانيا، الذي اندلع في عام 2014، هو مسرح واحد فقط من هذا الصراع العالمي. وتعتقد الطبقة الحاكمة الأمريكية أنه لا يمكن تسوية حساباتها مع الصين في آسيا ما لم تؤمن السيطرة على اليابسة الأوراسية. وكان هدف الولايات المتحدة من إقامة النظام الدمية التابع لها في كييف هو إلحاق انتكاسة جيوسياسية حاسمة بروسيا، وإجبار نظام بوتين ــ أو من يحل محله ــ على قبول الهيمنة الأميركية.

لقد اتخذت عمليات الولايات المتحدة في أنحاء العالم طابعا وحشيا يحتمل المقارنة بعمليات ألمانيا النازية، لكن هناك فرقا حاسما: ألمانيا النازية أرادت "فقط" حكم أوروبا، بينما تطمح الطبقة الحاكمة الأمريكية في حكم العالم. خلال عام 2014، كانت إدارة أوباما منشغلة، بدون توقف، في الدخول في حرب أو الاستعداد للحرب في كل جزء من العالم تقريبا. الدافع وراء عمليات وزارة الدفاع ومقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي بولاية فرجينيا ــ حيث تتخذ كل قرارات الحكومة الحرجةـــ هوالاقتناع بأن الصين تمثل عقبة غير مقبولة أمام الهيمنة الأميركية في آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وبالتالي أمام دورأميركا كقوة مهيمنة في العالم.

2. تكثفت التوترات الجيوسياسية ـــ المتأصلة في التناقض الغير قابل للذوبان بين الطابع الرأسمالي العالمي للتمويل والإنتاج والأسواق من جهة ونظام الدولة القومية التي تعمقت فيها جذور الرأسمالية تاريخيا وسياسيا من جهة أخرى ـــ بفعل إستمرار الأزمة الإقتصادية. كما حدث في عام 1914 وعام 1939، تسعى القوى الامبريالية لايجاد وسيلة للخروج من الأزمة الاقتصادية من خلال الأصرار، على حساب منافسيهم، لتعزيز مواقفهم في الساحة العالمية. وتلعب الولايات المتحدة الدور القيادي في هذه العملية الوحشية والخطرة. "الحرب على الإرهاب" التي لا تنتهي، أوضحت على مدى العقد والنصف الماضي ، إنها الوسيلة التي تحاول الولايات المتحدة من خلالها هزيمة منافسيها المحتملين والحفاظ على مركزها كقوة عالمية مهيمنة.

الانخفاض الحاد في أسعار النفط في نهاية عام 2014 هو، في جزء منه، نتيجة لجهد متعمد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لتقويض روسيا. ومع ذلك، فإنه هو أيضا جزء من انخفاض عام في أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العالم، مما يعكس الضغوط الانكماشية المرتبطة بتراجع الطلب ومستويات النمو المنخفضة. يلاحظ أيكنغرين أن هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الرأسمالية العالمية هي في مخاض "الكساد العلماني" الذي "لايعكس تركيزا مؤسفا للمشاكل العابرة في عدد من أكبر الاقتصادات في العالم، ولكنه يعكس تباطؤا دائما بسبب عوامل هيكلية عميقة الجذور".

في الولايات المتحدة، كان "الانتعاش" الذي هللت له إدارة أوباما غير موجود بالنسبة للغالبية العظمى من السكان، وسط انخفاض الأجور واستمرار البطالة المتفشية. أسعار الفائدة التي لامست الصفر فشلت في تحفيز أي نمو إقتصادي ملحوظ. الاقتصادات في أمريكا اللاتينية والبلدان "النامية" بقيت عرضة بشكل كبير لتقلبات الأسواق المالية الغير مستقرة. 

في أوروبا، كان النمو الاقتصادي في عام 2014 لا يكاد يذكر، وقد تمكن  أكبر اقتصاداتها، ألمانيا، بصعوبة شديدة من تجنب الدخول في ركود رسمي. روسيا في أزمة عميقة والروبل هو في حالة من السقوط الحر. وكذلك في آسيا، وقعت اليابان في ركود أثناء الربع الثالث من العام الماضي، في حين أن الاقتصاد الصيني يتباطأ بشكل ملحوظ.

كريستين لاغارد لمعدلات النمو العالمية الضعيفة بأنها "المعيار الجديد"، محذرا أن ذلك الوصف للإقتصاد العالمي ربما كان متفائلا كثيرا. ليس هناك أي قطاع وطني أو إقليمي يشهد نموا قويا.وقد حدث الإرتفاع في مؤشرات الأسهم في ظل ركود الإقتصاد "الحقيقي". يكتب الخبير الإقتصادي المعروف باري إيكنغرين ، في مقال نشر في عدد يناير 2015 من "التاريخ الحالي" : "إن العام الجديد يتشكل ليكون عاما آخر مخيبا لآمال الإقتصاد العالمي". ويشير الى وصف مدير صندوق النقد الدولي 

1. لازالت الأزمة الإقتصادية العالمية التي نجمت عن إنهيار في وول ستريت سنة 2008 مستمرة. ولم تظهر إية إشارات على إنتعاش إقتصادي، بينما يستمر ويتزايد الطابعالمهووس في إرتفاع مؤشرات الأسهم في الأسواق العالمية وخصوصا في الولايات المتحدة مما يعد مؤشرا على إنتصار التطفل الإقتصادي. إن التراكم المتصاعد للثروة الفردية من قبل نخبة من الشركات و الممولين أحدث حالة من انفصام الثروة عن عملية توليد القيمة في الإنتاجعلى نحو غير مسبوق تاريخيا. وقد أصبح وول ستريت مدمنا الى ما لانهاية كما يبدو على ضخ الأموال من قبل البنك المركزي الاحتياطي.دعونا نستعرض العناصر الرئيسية للأزمة المستمرة:

في غضون العام الماضي أصبح كل من التعابير –القرن الذي إندلعت فيه الحرب العالمية الأولى– تناقضات النظام الرأسمالي إكتسبت طابعا حادا– الفترات "السلمية" بين إندلاع الأزمات الكبرى– الجيوسياسية–الإقتصادي والإجتماعي- أصبح تشير الى فترات قصيرة جدا حتى يكاد يصعب وصف كل منها بأنها مرحلة. بالمقابل تبدو الأزمات ليست ك"حلقات" معزولة ، ولكن بشكل أو بآخر سمات دائمة للواقع المعاصر. إن نمط الأزمة الدائمة الذي تميزت به سنة 2014 - وهو مؤشر رئيسي على حالة متقدمة من فقدانالتوازن للرأسمالية- سوف يستمر بشدة  أكثر في 2015.

يجب أولا وقبل كل شيء أن يقال إنه في غضون الخمسة عشرعاما، وقد فند القرن الحادي والعشرين بطريقة ساحقة مقولة الإنتصاريين "نهاية التاريخ" التي روجوا لها في أعقاب تفكك الإتحاد السوفياتي أن الرأسمالية والديمقراطية البرجوازية إنما تمثلان قمة الإنجاز البشري على الاطلاق. وبحلول نهاية 2014 بدت الهياكل الإقتصادية والسياسية السائدة وكأنها تغرق في الهاوية بسرعة ليس لها مثيل.

لم يعد القرن الحادي والعشرين حديث العهد. ونحن نبدأ عاما جديدا منه، فالسنوات الخمسة عشرالماضية وفرت لنا ما يكفي من  البيانات تسمح لنا بالتعرف على العمليات الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية الأساسية ، والتوجهات التي ستحدد طبيعة واتجاه الأحداث في عام 2015 والسنوات القادمة.

ديفيد نورث و جوزيف كيشور