‏إظهار الرسائل ذات التسميات عدالة انتقالية. إظهار كافة الرسائل

دارسة " هداك الفرع "

دارسة " هداك الفرع "

 العام 2013، كان العام الذي ذهبت "او هكذا يفترض " لدراسة الماجستير. كانت المرة الأولى التي أغادر فيها بيتنا دون عودة، رفضت أن أحزم مكتبتي وثيابي .. تركتها هناك مكدسة ! سنرجع يوما إلى حينا" كم تصيبني هذه الأغنية بالتشاؤوم .
خلال الأسبوع الأول كان عليّ ان أختار المواد التي سأدرسها، كقادمة من سوريا كان من البديهي لي أن أختار دراسة " المجزة" ، ومادتين في العدالة الانتقالية ! لم اكن بعد أعرف ما سيحمله هذا المفهوم من أبعاد على البلد ! كان مفهوما ً غامضاً "مخصصا كما يقول وصف المواد الدراسية للبحث عن الوصول للعدالة في الدول التي حصلت فيها انتهاكات جسيمة في حقوق الانسان" .

كانت الدراسة فيها غنية جداً بالتحديات والأسئلة والمصطلحات، الكثير الكثير من المصطلحات "مشاركة الضحايا " ، "جبر الضرر" ، "إصلاح المؤسسات"، الكثير من النهايات المفتوحة والجدالات! ما يعتبره بعض الباحثون تجربة ناجحة في العدالة الانتقالية يصّر البعض الآخر على أنها فشلت فشلا ً ذريعا
الكثير من الأسئلة التي لا تنتهي حول كيف نقوم بتحديد من هو الضحية ؟ وكيف يتفق المجتمع على حقيقة واحدة ؟ هل هذا ممكن ؟
بعض المصطلحات لم أعرف ما المقابل لها باللغة العربية والذي يفي المعنى بدقة، هل الاعتراف هو بديل جيد لترجمة Recognition ؟ ما هو الترجمة المناسبة لـ acknowledgment  ؟
واستطيع التفكير اكثر واكثر بعدد من الكلمات لازلت أبدو في غاية الاصطناع والتبجح في نقاش ما عندما تخذلني معرفتي استعمال المصطلح العربي لها !

اخترت سؤال "الحقيقة وتحدياتها في سوريا" كعنوان لأطروحة الماجستير الخاصة بي، لم أخرج بنتائج مهمة، كيف نستطيع إيجاد حقيقة واحدة يجمع عليها السوريون أو يتوافقون عليها ؟ وإلى أي حد نعود في إعادة صياغة التاريخ الذي نعرفه لبلدنا !
كانت الدراسة رغم كل شيء، مفيدة جدا ً ! عندما عدت إلى تركيا ومنها إلى سوريا، كانت في خضم موضة " العدالة الانتقالية " وقبل أن تتلوها دورات التفاوض وبعدها الحوار وبعدها بناء السلم الأهلي .. وذلك طبعا ً قبل أن تغزونا الفكرة المقرفة " بحياد المجتمع المدني"
ولربما تحمست للفكرة وحضرت دورة أو دورتين عن العدالة الانتقالية، كان الموضوع مختلفا ً جدا ً عما توقعته  
تتم تلك الدورات في جو من الرفاهية "الفكرية " و"المكانية" وفي جو من اليقين، لا من الأسئلة.
بدأت البدايات بالتركيز على تجربة "جنوب أفريقيا"، والعفو الجميل ! لا أحد أراد الخوض بالفارق بين الانتهاكات وحجمها وامتدادها وتعقيدها وحتى وإن قبلنا طبعا ً ان ندرس التجربة بعمق، فلا أحد أراد الحديث عن دور الإسلام في العدالة الانتقالية في التجربة السورية،  حيث أن الكنيسة في جنوب أفريقيا لعبت دورا يكاد يكون أساسياً في تجربة جنوب أفريقيا مع العفو "المنشود"
عندما بدأ يبدو جليا ً أن لا عفو قريب، أو عالأقل ليس اختيارياً، وبدأ النظر إلى التقسيم على أنه الحل ! أشبعونا بالحديث عن البوصنة
يومها قمت بإعداد تجربة بسيطة ، محاولة أن أوصل أن ما نفعله في هذه التدريبات هو أبعد ما يمكن عن أن يكون " استشارات مجتمعية"، وأننا نقوم عمدا ً بإحراق مصطلح مهم ، أو لعله سيكون الأهم في المرحلة القادمة في سوريا
فتحت نشاطاً على الفايسبوك بعنوان " عندما تسمع عدالة انتقالية بم تفكر ؟ "

 كانت الاستجابة سيئة جداً، كما هو المتوقع ! تراوحت الإجابات بين أجابات جديّة جدا ً من الحقوقيين والسخرية واتهامات الفساد وذكر اسماء فنادق الخمس نجوم

لكن هذا كله، وخصوصا ً اليوم، حين يكتب لنا لؤي حسين عن حق "بشار الأسد" في الترشح . ويخرج إلينا ديمستورا بخطة تشارك السلطة مع الأسد.
هناك الكثير الكثير من الأسئلة .. أود أن أضع ببالي ان أطرحها للنقاش !
أكتب منها كي لا أنسى وكي التزم بالكتابة عنها :
1- ما الذي يحضره الضحايا إلى الطاولة وأين هم ؟
2- ما نوع العدالة الذي نريده في سوريا ؟
3- ما هو الاعتراف ، التمييز ، ولماذا الحياد هو إساءة للعدالة الانتقالية ؟
4- شو الفرق بين العدالة الجنائية والعدالة الانتقالية ؟