علم الثورة


البداية:
اللي بتذكره منيح أنه ببدايات 2012، صارت المظاهرات بحلب فيها العلمين سوا.
انا ما كنت حب العلم الأخضر وضليت بحدود عشر شهور بال2012 بشيل العلم الأحمر للمظاهرات "حتى أوكتوبر"، وكان في كتيرين هيك، بيحملوا العلم الأحمر، كنت حاسة بداية التقسيم يصير عنا علمين وكنت حاسة انه هاد علمنا وهني اخدوه، عدا عن أنه عندي شكوك أنه مرحلة الاستقلال كانت بتتمتع بالمزايا اللي بيتغنوا فيها.
عدد كبير من ثوار حلب اللي ما منحدرين من مناطق فيها شي عسكري،  كانوا ميالين لسا للعلم الأحمر، بينما اللي جايين من الريف المحرر او من درعا وحمص كانوا ميالين لعلم الثورة.
لما بعد تحرير نصف حلب، اخر مرة حملت العلم الأحمر كانت بشهر عشرة 2012، كان العلم الأحمر الوحيد والكل كان حامل العلم الأخضر. "جابتلي العلم الأحمر صبية صديقة عالمظاهرة، مع انها ما كانت بتتفق معي بنوب على انه لازم نتمسك بالعلم الأحمر"

مع الوقت واشتداد التزوير الاعلامي للنظام، ظهرت الحاجة أكبر وأكبر للتمايز البصري بيننا وبين المسيرات، مشان ما يتم استعمال تجمعاتنا على أنها مقاطع مؤيدة.
 بلش يصير هوية الثورة البصرية، اللي هي شغلة مفيدة اعلاميا بشكل كبير، هو علم الثورة


العداء للعلم الأحمر:
اللي خلق هاد العداء مع الوقت للعلم الأحمر هو وقت بدي يحضر بكثافة على براميل الحواجز، وعلى خطوط الجبهات.
إذا انت ع طريق سفر ولاقيت العلم الأحمر عم يرفرف معناها انت لفيت من مفرق غلط ورح تنأسر او تعتقل واكلت هوا
ببين من بعيد على الخطوط اللي عم تقصفنا
صار العداء للعلم الأحمر، وقت صار رمز عسكري
صار العداء للعلم الأحمر، لأنه النظام حط صورة بشار بنصه، وحطه عالألية العسكرية.. بهالسهولة.

التعلق بعلم الثورة:
الحقيقة زاد التعلق بعلم الثورة، مو بمواجهة النظام، لا بمواجهة الاسلاميين "الهويات تعرف احياناً بنقيضها ما؟ "
بنصف ٢٠١٣، بلشت الأسلمة تقزل بحلب، وبلش في جدل وخناق على الراية (سواء بيضاء او سوداء) مقابل علم الثورة
وبلش يصير علم الثورة بيرمز لثوار ٢٠١١ و اللي بدهن وطن، بمقابل اللي بدهن الأمة
وبدي ينسحب العلم من رايات الفصائل ويخف الحديث عن الثورة لصالح الجهاد

إذا بتتذكروا بهديك المرحلة بديتوا تسمعو على انه في خناقات ضمن المظاهرات، وجزء من هالخناقات كان على علم الثورة
بهالمرحلة بلش علم الثورة يصير خطير، توقفت مرة من حاجز نصرة بسبب اسوارة علم الثورة وكنت بلا حجاب طبعاً وكانوا الموضوعين بنفس مقدار الاستفزاز والازعاج للحاجز
ووقتها صار جزء من مقاومة الشريحة الشجاعة من الثورة السورية.
صار رفعه على الساريات فعل مقاوم، وصاروا الاسلاميين يرفعوا دائما ً ساريات أعلى منه عليها رايات تانية، أو ينزلوه
صار يبخوا فوقه على الحيطان او يدهنوا اسود فوقه.. صار بعدين تطلع مظاهرات ويعادوها لأنها شايلة العلم، او يدوسوه أو يضربوا اللي شايلينه
بهديك الفترة صار التركيز على ارفع علم ثورتك، كان هاد رمز الخطاب الوطني للثورة، في مقابل التطرف والحياد

عالعموم متجلى هاد البعد هلق بال2017 بشكل أكبر، بالحالة الاعتذارية السخيفة لبيانات الكتائب من علم الثورة ومصطلح الثورة، عم يحاولوا يشتروا رضانا بهالتكويعة المكشوفة.

كمان ارتبط عاطفياً بتشييع الشهداء
الشهداء اللي لفوهن بعلم الثورة
فصار اله بعد عاطفي اخر

قصة شخصية:
ب نيسان 2012، رحنا على مكتب صديق بالسر واشتغلنا بكش ملك مجموعة لثامات علم ثورة مشان نلبسهن بالمظاهرات، تخييط وطباعة نجوم بإيدينا، قصينا اسفنجة عشكل نجمة وطبعّنا فيها وبعدين خيطنالهن ريبانات خضر لينربطوا ورا الراس. مشان يحمو هوياتنا من الأمن.
رجعت عالبيت معي مية علم ثورة طاير عقلي فيهن مشان ننزلهن معنا عالمظاهرة تاني يوم، بتطلع امي فيني وبغضب! انا قلت اكلنا هوا
قالتلي يعني بدكن تعملوا هالمصايب عالقليلة "ما تقطبوهن لبرا"، وطبعاً انا ما فهمت شو الفرق .. بروح بقصر الشر وع غرفتي وبنام
بفيق بلاقيها معدلة خياطة المية علم ..

اسوارة علم الثورة:
انا اليوم ما بشلحها من ايدي اطلاقاً، خصوصي بعد ما صرت من ثوار الفسابكة وفي ناس بتتمسخر عليي مسميني ناشطي الاسوارة الخضرا
صار ضماني لأنه سرديتي انا عن اللي صار بسوريا تكون حاضرة بمقابل سردية الاجنبي،
هي اعتراف اني عندي موقف واضح من الاسد، ماني حيادية ولاني امرأة حمامة سلام عم قرب وجهات النظر تبع الزلم الهمج
هي تفادي انه يتم اقتطاع ما اقوله بحق الاسلاميين واستعماله من جهات اعلامية ما بوافق عليها، يعني يطالعوني مثلاً عروسيا اليوم او يقصو جملة قايلة فيها انا انه داعش خطيرة وتصير هي كل السيرة
هو تعبيري عن احد هوياتي اللي هي بحرب سردية مع كتير قصص بتطبّع مع بشار الأسد.
صرت بنتبه بالاجتماعات، كلما بطلع عليه أني ما كون عم احكي بالانكليزي شي ما بحكيه لو رفقاتي الثوار موجودين، تذكير بأنه انا هون بسبب هالثورة ولازم احكي شي مسؤولة عنه قدام الثوار

هل بتمنى انه يصير علم سوريا ؟ مع الاسف لا
باسم علم الثورة صار انتهاكات عنيفة بحق ناس وخطفت ناس وقصفت ناس
وبالتالي هو بيعمل صدمة والم لضحايا سوريين مدنيين
بتمنى يوماً ما السوريين يصوتوا ععلم تاني، علم جديد ما يكون مات حدا لاجله او بسببه او بسبب حامليه

في ناس لليوم مع الثورة وما بتحب العلم ؟ اي في ، وفي ناس مانها مع بشار وبتحب العلم الأحمر
مع الوقت والسنين بهالثورة صرت مقتنعة انه في كتير تفاصيل شكلتها تجاربنا الشخصية، وين نحن متواجدين جغرافياً ووين شاركنا بالثورة
اللي ما شال علم الثورة كعلم شجاع بوجه داعش يمكن عنده موقف مختلف عن العلم، واللي ما شاف العلم الاحمر وخريط رعب وخوف .. كمان يمكن تجربته مختلفة

النهاية
بخاف اوقات اني رح موت بالغربة ورح يكون الخيار الأسهل دفني برا البلد، متل ما صار مع ثوار كتير.. وقت بتذكر تشييعاتهن لناجي وعروبة ولفدوى .. علم الثورة هو الشي الوحيد اللي فينه يكون عزاء شوي عن اني اندفن بحلب

ذعر الكتابة


لم أكتب نصاً راضية عنه منذ سقوط حلب، أو ربما من قبل ذلك بمدّة، وليس لأنني انشغلت بجلد الذات باسم المراجعة، قمت بذلك قبلاً ولم يجدني نفعاً. وليس أيضاً لأنني لا أجد ما يستحق الوقوف عنده أو لأنه ليس لديّ ما أقوله. فهناك في يومنا السوري الكثير ما يستحق الوقوف عنده والكثير مما من واجبنا أن يقال وأن يكتب. 
لم أكتب نصاً منذ سقوط حلب لأنني خائفة. 
من يعرفني بشكل جيد، يقول أن لديّ بالعادة مبالغة في سوء تقدير المخاطر، لا أخاف إلا فيما ندر وليس من باب الشجاعة فقط بل أحياناً من باب الاستهتار والتهور.
ولكن كلما جئت لأكتب نصاً، أصاب بكل أعراض الخوف الجسدية والنفسية. لديّ عشرات الملفات التي فيها ثلاثة سطور عن موضوع ما لأتوقف بعدها مذعورة عن الكتابة. 
مم أخاف؟ 
كنت أعتقد أنني أخاف مقصلة الناس على الفايسبوك، تلك المقصلة العدمية التي ستحاكم كل شيء، شكوكي وهزيمتي وتجربتي وشهادة حياتي..
إنْ كتبت عن خساراتي، تسقط في مسطرة المقارنات المزاودة مع معاناة الآخرين. هناك آلاف عانوا أكثر ولم يكتبوا، ويصبح من حق الشهداء وحدهم الكتابة. 
إن كتبت عن فرحي، تسقط في مزاودة الإتجار بضرورة تزييف الحزن. إن كتبت عن الآخرين، أزاود في تجاربهم وإن كتبت عن تجربتي، متمحورة ذاتياً.
إن كتبت عن مشاعري، ألام أننا نحن النساء لا نكتب في شؤون غير عواطفنا وتجاربنا الذاتية. إن كتبت سياسة فإن تحليلي السياسي قاصر وغير متصل بالسياق ومنحاز وغير موضوعي وهكذا.. 
لكن ذلك كله ليس بجديد، ولو كان هو الدافع حقيقة أمام إحجامي عن الكتابة لكتبت بأسماء وهمية، لكتبت دون أن أنشر مثلاً. وبعد التفكير المعمق بالأسباب الحقيقية التي تخيفني، أعتقد أنني أخاف مني. 
أنا أخاف من ذاتي السابقة واللاحقة، كلما فكرت في الكتابة عن الثورة اليوم. 

أخاف من محاكمة ذاتي السابقة لنصوصي اليوم، على أنها أقل شجاعة، أقل جذرية وأكثر خوضاً في التفاصيل غير المجدية. أكتب اليوم وأنا أفاضل بين معاركي وأبحث عن نص يتحدث عن كل ما نحن فيه من حطام دون أن يكون صالحاً للاستخدام ضدنا من أي عدو، لا من اولئك الشامتين فينا إن ناقشنا هزيمتنا، ولا أولئك الذين يحتاجون حديثنا عن أخطائنا كي يشعروا براحة الضمير عن كونهم لسنوات لم يفعلوا شيئاً واكتفوا بتلو الوعظ علينا عن كيف يمكن أن تكون ثورتنا أكثر نزاهة، ليصبح موتنا على الشاشات أكثر أناقة. 
أخاف من أن أقارن ما أكتبه اليوم، ذاتي المهزومة، بين تلك المفعمة بالأمل وطموح الحرية والعدالة والكرامة. 
لم نكتب؟ لنجترّ احباطاتنا؟


أتوقف. 

أخاف من محاكمة ذاتي اللاحقة لنصوصي اليوم، تماماً كما نفعل كلنا عندما نعود إلى حماقات كتبناها عندما كنا أصغر، عندما كنا أصدق، عندما كنا أجمل. 
كيف لا أقع في فخ محاكمة الأمس بما أعتقد أنني أعرفه اليوم؟ كيف نكتب عن الغد نحن الذين ما يحصل في يومنا هو أسوأ من أسوأ ما كان ممكن أن نتوقعه ككوابيس. 
ما الذي أتوقعه أو أستطيع كتابته؟ في هذا الحدث دائم التغيير، الثابت على حاله في اقترابه من الموت؟ 
كيف أكتب نصاً لا أندم غداً أنني كتبته؟ أنا المتغيرة دائماً عمّا كنت فيه بالأمس القريب جداً. 

أخاف من ذاتي الحقيقية، عندما أكتب.. 
أتبنى، بشكل واع على الأقل، مقولة أن "اليأس خيانة" وأن التحدي الحقيقي هو إيجاد فرصة ومتسع لخلق الأمل فينا وفي الآخرين. 
ولكن كلما جلست لأكتب، تسيل ساحات من الكآبة بين كلماتي. كل ما أكتبه وكل ما أقوى على خطه، قاتم قاتم. 
موت، موت، حطام، انكسار وهزيمة، مفردات أكررها عبر آخر نصوص أكتبها، من أين أحضر نصوصاً أكثر إيجابية؟
وهل يعقل أن هذه هي حقيقتي؟ وإن كانت تلك حقيقتي فسأتجاهلها تماماً وأهرب نحو ادعاء "إننا محكومون بالأمل"، أولئك الذين تحدثوا عن مواجهة الواقع ربما كانوا يتحدثون عن واقع أقل قتامة من واقعنا. 
تكشف الكتابة زيف ادعاءاتي بالفرح والعودة إلى حياة أكثر طبيعية، وتنزع عني أقنعة جهدت كثيراً لإلصاقها بوجهي ولست جاهزة لذاك العري الذي تخلقه النصوص، فلا أكتب. لست جاهزة للانكشاف على خساراتي وأناي الجديدة.

أخاف من أسئلتي كلما جلست لأكتب.





حيث تتسابق هواجس مؤلمة ولا أجوبة سهلة لتلك الأسئلة. هل هزمنا تماماً؟ هل كل ذاك الدم هدراً؟ هل تبقّى لنا مكان في سوريا يتسع لحلمنا؟ هل تبقى أصلاً ما هو سوري؟ ما هو؟ لمَ نجونا؟ لماذا نحن تحديدا ً؟ إذا كانت الحياة التي أعطيت لنا مجدداً امتيازاً بهذه الأهمية؟ ماذا نفعل به؟ هل علينا أن نخلع هويتنا السورية لنندمج بذاك العالم الذي يحبسنا في تلك الهوية؟ 
ومن الصعب أن نكتب بين تلك الألغام كلها، ماذا لو أجبنا على إحداها وكان الجواب أقسى مما نتحمل؟ 

يقولون لنا، اكتبوا للتوثيق وللتاريخ وللجيل الذي لا يعرف قصتكم، كيف نكتب نحن الذين حاولنا التواصل مع البشرية بكل اللغات التي نعرفها، بكل الصور واللحظات والتوثيق الممكن، كيف نجد ما تبقى من طاقة لإعادة تدوين كثافة ما حدث فينا.. 
كيف نكتب للآخرين ونحن الذين نخاف أن نكتب حتى لأنفسنا..

رسالة إلى أسماء الأسد


تقول لي معالجتي أن لديّ بعض السلوكيات التدميرية للذات، هل لديك معالجة نفسية بدورك؟ يعزّي بعض الحالمين منّا أنفسهم بأن للظلّام متاعبهم وأن رائحة دمائنا على أكمامهم تجعل نومهم صعباً .. دعك من ذلك. ربما لا تحتاجينه أصلاً. نعود إلى سلوكياتي
ويجعلني تعقبي لك على كل وسائل التواصل الاجتماعي أوافقها القول.
أنا أتابع معظم ما تكتبين وتقابلين، وأكاد أحياناً أن أتأثر بالصور الانسانية على حسابك الانستغرام.
لكن على وجه الخصوص، هناك فيديو سوريالي الطابع أحضره مراراً وأحفظه تماماً.
ترتدين في هذا الحفل، فستاناً بالغ الأناقة، وعليّ أن أعترف، كعادتك ترتدين فستانا ً بالغ الأناقة.
أحب الثياب بشكل مفرط وألوم نفسي على ميولي الاستهلاكية، أتعرفين ذلك؟
اعتقد لا، نحن الارهابيون لا وجوه لنا. لا هوايات ولا جوانب انسانية، لا نحب مثلكم أنتم "البشر الطبيعيون" أي شيء من الحياة.
اسأل نفسي أحياناً؟ لو أنني امتلكت مظهراً كمظهرك، ولكنة انكليزية كلكنتك، كم يسمح لي أن أقتل؟ كم شخص أستطيع أن أخفي جثته برائحة عطر وثوب بنفسجي وكعب عال، دون أن يقال عني ولو مرة واحدة أنني بربرية؟
تعرفين، حتى نحن صدقنا دعايتك المذهلة، وقضيت شهوراً وأنا أتوقع انه حالما سيبدأ زوجك بقتلنا بأنك ستنسحبين فوراً احتجاجاً على تعدّيه السافر على قيمك "الإنسانية"، فأنت صديقة الطفل والمرأة وشفيعة المصابين بالسرطان والمثل الأعلى لليافعين وسند ذوي الاحتياجات الخاصة. ولكن ذلك لم يحصل. ربما لا تعرفين أننا نحن المؤمنون حقاً بكل تلك القيم البراقة والتي لا نحتاجها لنضعها على إعلان طرقي فارغ كنا نقتل على بعد خطوات. ربما كنت تتابعين الطيور وهي تغرد على أخباريتك السورية.
بالعودة إلى مقطع الفيديو ذاك، كل ما فيه أنيق ونظيف ومرتب بدقة
لا يشبه "صورنا"، وناسنا يحملون أغراضهم بأكياس وهم يركضون تحت القصف؟ "هل تستطيعين تخيل أن يحمل المرء أغراضه بأكياس عوضاً عن حقائب! فظيع !!"
هل رأيت صورة اليد التي في مدرسة حاس؟ على الأغلب لا. لا وقت لديك لتفاصيل صغيرة كهذه. قصف طيرانكم سيدتي مدرسة في إدلب، وبقيت يد أحد الطلاب عالقة بحقيبته الفقيرة. صورته ليست كصورتك لامعة وبراقة، يملأ صورته الغبار.
ثابتة يدّ المصور ومتقنة، ليست كمقاطعنا المهزوزة.. لكن حاولي أن تجدي لنا العذر فنحن نصوّر ونحن نتفادى الرصاص الحي.. او من بين دموعنا
هل أحكي لك عن عارف؟ عارف صديقي، وهو مصوّر ممتاز. في إحدى المرات قصفتم سيدتي شارع بستان القصر بالسكود
هل سمعت بشارع بستان القصر؟ شارع في حلب اعتاد "الأرهابيون والإرهابيات" أن يغنوا للحرية فيه.
كان عارف يحمل الكاميرا ويبكي، توقف عن التصوير وبدأ يحاول مع مجموعة منا أن يحمل الحجارة بيديه. كان هناك أطفال تحت تلك الحجارة، أطفال لم تتصوري معهم بعد!
اعتقد أن صوره يومها لم تكن أنيقة ومرتبة ومتقنة.
دعينا من الشكليات، صحيح أن هذه الشكليات بررت جرائمكم وضخمت أخطائنا لكنها ليست محور هذه الرسالة.
ما أريد أن أتحدث عنه هو المحتوى الرائع لهذا الفيديو! تقولين في الجملة الأولى
" "الحرية هي إنو يكون إلك رأي وصوت ينعكس عليك وعلى مجتمعك وعلى بلدك،"
أنت تمزحين هنا طبعاً ؟ هذا نوع من الأدب الساخر المعقد الذي لا يفهمه العامة الذين هم مثلنا؟ "رغم أننا وبخلاف ما أخبروك عنا، نقرأ أدباً ونسمع فناً .. .. إلخ"
هل تعرفين سيدتي ؟ أن أفرعكم الأمنية تستخدم وهي تضربنا جملة من قبيل، " بدك حرية ولاك؟"
هل تعرفين أن هناك آلافاُ اعتقلت لأنها هتفت بهذه الكلمة ؟
عن أي بلد تتحدثين ؟ عن البلد الذي يعرف ان من يتكلم "وراء الشمس"، بلد "فنجان القهوة" و"بيت خالتو"
بلد التعذيب واطلاق النار على التجمعات وإجبار الصديق على الإفشاء بأراء صديقه.
بلد يفخر أنه أضاف للغة الانكليزية مفردة "شبيح" ؟
هل تعيشين معنا في هذا البلد ؟ حيث تمنع كتب ومواقع وتجمعات واحزاب .. ويعذب اطفال وتقمع ثورة سلمية بالمدفعية.. أكيدة أنا أنك لا تعيشين معنا
ورغم أن عالمك لا يقصف كبلادنا لكنني لا أحسدك عليه صدقاً.
وتتابعين في الفيديو
"والديمقراطية هي المشاركة اللي كنت عم احكي عنها. الديمقراطية هي احترام التنوع وقبول الآخر"
الديمقراطية !!!
لاحول ولا قوة إلا بالله !
تقولين الديمقراطية، سيدة أسماء ! أرجوك
نحن لم ننجح بتغيير محافظ سلمياً، ولا زلنا ننتظر نتائج التحقيق في تعذيب أطفال درعا
عن أي تنوع تتحدثين ؟ عن التنوع بين كل أولئك الهاتفين "طوعاً طبعاً وبملء ارادتهم الحرة ودون أي ترهيب او ترغيب" بالروح بالدم نفديك يا بشار ؟
ولا ينتهي الحديث هنا، تختمين
" وكل هاد الشي لتقدر تعكسو لتطور بلدك وتحسنا وبالتالي مو بس أنو أنت بتحب بلدك وتكون أنت اشتغلت لبلدك."
اسمحي لي ان اكون عاطفية قليلا ً هنا.
نحبها بلادنا، أخرجتمونا منها مكرهين، ونحبها.. سرقتم منها كل مافيها، ونحبها ، ابتلعتم كل ما هو جميل ونحبها
قتلتم شجراً وبشراً وأحلاماً ونحبها
لو أرادت منا حياتنا لعشناها بأكملها لها، ولو أرادتنا أمواتا ً لتكون أفضل .. متنا آلافاً عنها نحبها.
بلادنا التي تحكمون بالحديد والنار وملايين الدولارت لنزع أشلائنا عن أظافركم المقلمة، نحبها
وتحبنا بلادنا التي تحتضن أطهر رفاتنا..
نحبها بلادنا، رغم أنكم لم تألوا جهداً على جعل ذلك الحب مؤلما ً ومتعباً ومستحيلا .. لكننا نستيقظ كل يوم لنفكر بها ونعمل لها ونتابع أصغر قراها التي تقصفون، وملامح حازم وباسل وآلاف غيرهم..
نحبها بلادنا.. لكننا نموت منذ سبع سنين لأننا نجرؤ أن نعتبر بأنها ليست "بلادكم" وبأنها "بلادنا"

رسالة إلى ديمستورا


السيد ديمستورا
هذه رسالة متأخرة، وددت أن أكتبها سابقاً ردا ً على انك قد صرحت منذ مدة قريبة، بأن المعارضة قد خسرت الحرب.
لا ادري سيدي إن كان تصريحك المترافق مع نتائج التحقيق بمجازر الكيماوي وإعلان مسؤولية النظام عنها قد أضحكك كما أضحكنا ؟
هل تعتقد سيدي أننا لا نعرف اننا قد خسرنا الحرب ؟
أننا ونحن نعد خساراتنا وأطرافنا المبتورة، بيوتنا المدمرة وأصدقائنا الراحلين تحت التعذيب لا نعرف كم خسرنا ؟ هل تعتقد أنه كان عليك أن تعطي القتلة إشعار الضربة القاضية ؟
بم كنا سننتصر سيدي ؟ بأكاذيب أصدقاء سوريا علينا في الغرف المغلقة ؟ بالوعود الفارغة ؟ بالتصريحات خفيفة اللهجة التي تداعب بشار الأسد وتتفادى إزعاج روسيا
كيف كنتم تودون أن ننتصر؟ أن نكون أقل عددا ً فنموت كلنا بوقت مبكر؟ كيف كنتم تودون أن تكون النهاية ؟ أن نذهب إلى المفاوضات التي ترعونها دون أي شرط ؟
يريد أن يحكم إلى الأبد، نوقع ؟
يريد رؤوسنا جميعاً، نوقع ؟
يريد أحلام أطفالنا، نوقع ؟
هو لا يحتاجكم في كل هذا، هو لديه جيوش مجرمة وطيران مجرم وكيماوي وأقبية، لم إذا لا زلت يا سيد استيفان، مهووسا ً في ممارسة الضغوطات على الجريح! دعنا وشأننا
التقيتك مراراً، وكل مرة كنت أقطع المسافات، بامتيازات مقرفة لي، كي ألتقي بك ضمن غضب رفاق الدرب، هم يعرفون أكثر مني ربما، ان لا جدوى من الجلوس معك
وكنت اقطع المسافات، أرتدي ثياباً رسمية مضحكة وأتدرب على ما سأقول كي أقلل من أخطائي الانكليزية، أقل عاطفية يجب أن اكون، بغض النظر عن تواتر الاخبار
قصفت مدرسة ، لا يجب أن ابدو عاطفية
أعز اصدقائي يواجه خطر الاعدام الميداني، لا يجب أن أبدو عاطفية
مدينتي محاصرة، لا يجب أن ابدو عاطفية
والتقيك بعدها، ومجدداً تتهمني بأني غاضبة !! رغم كل التدريبات السابقة ! تتهمني بأني غاضبة
هنيئاً لي ولك، لم أعد غاضبة
كنت غاضبة يوم كان لدي توقعات، ولكن منذ سقطت مدينتي بأسلوب مهين للانسانية، وانا لم أعد اتوقع شيئاً ولم أعد غاضبة ..
لم تفكر بالاستقالة يومها؟ غريب !
التقيتك عدداً من المرات، بعدها في مدن متعددة، يوما ما ستزور حلب، بينما أقبع انا في المنفى، وستصافح القتلة، بينما أقبع انا وأمثالي هنا ، وستعظنا عن أهمية الجلوس مع كل الأطراف...
ستقول لنا جملتك المستهلكة، عن كيف لا طائرات لديك ولا اسلحة، ستحكي لنا عن سكينتك السويسرية الصغيرة. ولكن يا سيدي إن صح ذلك؟ لم تعيد اذا على مسامعنا انتصارات العسكر ؟ وتوازنات العسكر ؟ وطروحات العسكر
سيد ديمستورا
نحن نعرف كم خسرنا ؟ فهلا تقول لنا بوضوح ودون مواربة ماذا تريد منا ؟
لا تقل لنا .. اقبلوا به لفترة انتقالية، فهذا محض هراء
لا تقل لنا .. اقبلوا بوجود وفود موالية ضمن الوفود المعارضة، فهذا محض هراء
لا تقل لنا .. اضيفوا محاربة الارهاب على اولوياتكم، لانها في الحق ليست على اولوية احد غيرنا
لا تقل لنا.. اذهبوا لانتخابات لا تستطيعون ضمان نزاهتها
لا تقل لنا ... اوقفوا الحرب، وكأن رائحة دمائنا تثير نشوتنا
لا تقل لنا.. كل ما سبق، لأنه محض هراء
قل لنا أنكم "تريدون" حكم الديكتاتور، أخبروا شعوبكم وشعوبنا أن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لا تزعجكم بقدر صراخنا من أجل حقوقنا
قل لنا .. لمرة واحدة الحقيقة، او اصمت
"فكرت أن أكتب لك الرسالة بالانكليزية، ولكن لا فرق، كل الاجتماعات بك ومعك والكتابة اليك لا فرق .. "

وقت بيكون الجهل تمييز



بدي احكي شي ذاتي عن موضوع العلاقة مع الموضوع الكردي .. " فظيع قدي كل شي ذاتي عندي، بشكل غليظ يعني.. ما علينا"
سبق وحكيت عن الفقاعة اللي كنت عايشة حياتي جواتها،"بحطها بتعليق هالفقرة"، كتير مفهومة الفقاعة احياناً وقت بتكون من لون واحد لأنه ما في مختلفين بالمحيط، كان صعب مثلاً يكون في سود بحياتي بحلب.
ولكن وقت بيكون الفقاعة من لون واحد في ظل توافرالاختلاف والتنوع، فنادراً برأيي بيكون السبب بريء يعني بيكون طبقي او مناطقي او عرقي او ديني او طائفي ... إلخ من الاسباب الجميلة.
والأكيد أنه في الفقاعة تبعي ما في أصدقاء أكراد، وهالشي معيب.
انا ما بميز الموسيقا الكردية، مع اني بحب احفظ اغاني كتير، ما بعرف كيف بيرقصو، مع اني حفيظة دبكة.
انكسرت فقاعتي بحدّة بالثورة، ورغم هيك ضلوا براتها.
ما بعرف شو بيفضل هالمجموع يتسمى؟ يعني كورد ؟ كرد ؟ أكراد ؟ هاد كلو عرفتو مؤخراً. بينزعجو من واحد منها وبيعتبروه مزعج متل ما بيتعاملوا المسيحية مع كلمة "نصارى" ؟ كمان ما بعرف.
بال2004، قلت كل شي بيقولو موالي لبشار الأسد اليوم. "بيكونوا هني اتزعرنوا"، "بيكونوا هني عملوا مشاكل مع الشرطة"، وطبعاً بالنيروز كنت أقول احداث وما عدّي من شوارع "الأكراد".
بالثورة الوضع تحسّن شوي، بس مو كتير للأحسن، بديت مرحلة مسؤولية "الكردي" يأقنعنا نحن "اللي يفترض وطنيين" بعدالة قضيته.
ولازم يفهم أنه "العربية" ما سهل تنشال من عند الجمهورية، وأنه الانكليزي لازم يتدرس بالمدارس السورية بس الكردي صعب، ولازم يتفهم أهمية التحالف الاستراتيجي مع تركيا. ويتفهم مزحتنا البايخة عن انسحابهن من الاجتماعات وقت ما بتنحط حقوقهن عالطاولة.
وقت بديت تنقصف الشيخ مقصود بحلب، صار بقى بدنا نقلو كيف انه هالقصف هو ما قصف موجه ضده شخصياً ككردي، اهم من تعاطفنا وأهم من مناصرتنا كان مهم وضعه بسياق القصف العشوائي.
ثم لازم كل مرة يبدا الكردي يشرحلنا قدي هو كردي جيد، يعني بيحكي عربي وإذا ما بيحكي كردي احسن، وما بده ينفصل ولا حتى فيدرالية، عأساس ادلب بترضى لو سقط الأسد ترجع لحكم مركزي من دمشق!
ولازم يبدا كل مرة من زاوية بنرفض نحن ننحط فيها وهي فصل نفسه عن المسلح اللي بيحكم منطقتو!
أنت عربي فالمسلح اللي بيحكم منطقتك بيختزلك قدام الاجانب، انت كردي فالمسلح اللي بيحكم منطقتك بيختزلك قدام ولاد بلدك والاجانب
نحن ما منعذب قلبنا نترجم اي شي للكردي، بياناتنا اللي بتطلع بخمس ست لغات ولا بيخطرلنا هالمبادرة الصغيرة انه نترجمها للكردي
امبارح كنت عم احكي عن حلبجة، ما بعرف اي سنة صارت اضطريت اعمل بحث، ما بعرف كام حدا استشهد كمان اضطريت اعمل بحث.
كتير مفهوم هالشي ومبرر لو أني ما بعرف راواندا وبوصنة وفلسطين وبتبعblack lives matter
بحياتي ما عذبت قلبي حضرت ندوة لأفهم شو بدن مني كمواطنة وكمعنية بالشأن العام وكحدا معتبر حالو عم يناضل لبلد أكثر ديمقراطية.
ركضت طلع عالكوتا ببيان الهيئة العليا للمفاوضات وما قومنا الدنيا أنهن لسى حاكين عن سوريا جزء من الوطن العربي
أنا شريكة بالجهل تبعي بسلوك تمييزي، بالتعتيم اللي صار عالقضية الكردية.
وإذا الجماعة مضطرين يقابلوا رفض العروبيين والاسلاميين لحقوقهن، وتجاهل ولا مبالاة اللي متلي، وشوية تضامن خجول
أكيد هلق تعقدت العلاقات العربية الكردية بسوريا وصار أصعب وأصعب فتح قنوات صحية لنضال مشترك. في اتهامات متبادلة وتعميمات ومظلوميات ودم ..
لكن إذا حابين يستقلوا ؟ قرارهن.
مانه بالصالح العام ؟ ما بصالح الوطن اللي بنحلم فيه ؟
هاد الصالح العام لازم يتفكر فيه قبل هيك بكتير، وبطريقة مختلفة كتير.. ولازم يبطل يتفكر فيه كلما الجماعة قرروا يطالبوا بحقوقهن
إن كان ما عنا استعداد نناضل معهن كفاية ليضلوا ! ما فينا كتير نلوّح بقدي خسارة للوطن انهن يروحوا