‏إظهار الرسائل ذات التسميات سوريا. إظهار كافة الرسائل

علم الثورة


البداية:
اللي بتذكره منيح أنه ببدايات 2012، صارت المظاهرات بحلب فيها العلمين سوا.
انا ما كنت حب العلم الأخضر وضليت بحدود عشر شهور بال2012 بشيل العلم الأحمر للمظاهرات "حتى أوكتوبر"، وكان في كتيرين هيك، بيحملوا العلم الأحمر، كنت حاسة بداية التقسيم يصير عنا علمين وكنت حاسة انه هاد علمنا وهني اخدوه، عدا عن أنه عندي شكوك أنه مرحلة الاستقلال كانت بتتمتع بالمزايا اللي بيتغنوا فيها.
عدد كبير من ثوار حلب اللي ما منحدرين من مناطق فيها شي عسكري،  كانوا ميالين لسا للعلم الأحمر، بينما اللي جايين من الريف المحرر او من درعا وحمص كانوا ميالين لعلم الثورة.
لما بعد تحرير نصف حلب، اخر مرة حملت العلم الأحمر كانت بشهر عشرة 2012، كان العلم الأحمر الوحيد والكل كان حامل العلم الأخضر. "جابتلي العلم الأحمر صبية صديقة عالمظاهرة، مع انها ما كانت بتتفق معي بنوب على انه لازم نتمسك بالعلم الأحمر"

مع الوقت واشتداد التزوير الاعلامي للنظام، ظهرت الحاجة أكبر وأكبر للتمايز البصري بيننا وبين المسيرات، مشان ما يتم استعمال تجمعاتنا على أنها مقاطع مؤيدة.
 بلش يصير هوية الثورة البصرية، اللي هي شغلة مفيدة اعلاميا بشكل كبير، هو علم الثورة


العداء للعلم الأحمر:
اللي خلق هاد العداء مع الوقت للعلم الأحمر هو وقت بدي يحضر بكثافة على براميل الحواجز، وعلى خطوط الجبهات.
إذا انت ع طريق سفر ولاقيت العلم الأحمر عم يرفرف معناها انت لفيت من مفرق غلط ورح تنأسر او تعتقل واكلت هوا
ببين من بعيد على الخطوط اللي عم تقصفنا
صار العداء للعلم الأحمر، وقت صار رمز عسكري
صار العداء للعلم الأحمر، لأنه النظام حط صورة بشار بنصه، وحطه عالألية العسكرية.. بهالسهولة.

التعلق بعلم الثورة:
الحقيقة زاد التعلق بعلم الثورة، مو بمواجهة النظام، لا بمواجهة الاسلاميين "الهويات تعرف احياناً بنقيضها ما؟ "
بنصف ٢٠١٣، بلشت الأسلمة تقزل بحلب، وبلش في جدل وخناق على الراية (سواء بيضاء او سوداء) مقابل علم الثورة
وبلش يصير علم الثورة بيرمز لثوار ٢٠١١ و اللي بدهن وطن، بمقابل اللي بدهن الأمة
وبدي ينسحب العلم من رايات الفصائل ويخف الحديث عن الثورة لصالح الجهاد

إذا بتتذكروا بهديك المرحلة بديتوا تسمعو على انه في خناقات ضمن المظاهرات، وجزء من هالخناقات كان على علم الثورة
بهالمرحلة بلش علم الثورة يصير خطير، توقفت مرة من حاجز نصرة بسبب اسوارة علم الثورة وكنت بلا حجاب طبعاً وكانوا الموضوعين بنفس مقدار الاستفزاز والازعاج للحاجز
ووقتها صار جزء من مقاومة الشريحة الشجاعة من الثورة السورية.
صار رفعه على الساريات فعل مقاوم، وصاروا الاسلاميين يرفعوا دائما ً ساريات أعلى منه عليها رايات تانية، أو ينزلوه
صار يبخوا فوقه على الحيطان او يدهنوا اسود فوقه.. صار بعدين تطلع مظاهرات ويعادوها لأنها شايلة العلم، او يدوسوه أو يضربوا اللي شايلينه
بهديك الفترة صار التركيز على ارفع علم ثورتك، كان هاد رمز الخطاب الوطني للثورة، في مقابل التطرف والحياد

عالعموم متجلى هاد البعد هلق بال2017 بشكل أكبر، بالحالة الاعتذارية السخيفة لبيانات الكتائب من علم الثورة ومصطلح الثورة، عم يحاولوا يشتروا رضانا بهالتكويعة المكشوفة.

كمان ارتبط عاطفياً بتشييع الشهداء
الشهداء اللي لفوهن بعلم الثورة
فصار اله بعد عاطفي اخر

قصة شخصية:
ب نيسان 2012، رحنا على مكتب صديق بالسر واشتغلنا بكش ملك مجموعة لثامات علم ثورة مشان نلبسهن بالمظاهرات، تخييط وطباعة نجوم بإيدينا، قصينا اسفنجة عشكل نجمة وطبعّنا فيها وبعدين خيطنالهن ريبانات خضر لينربطوا ورا الراس. مشان يحمو هوياتنا من الأمن.
رجعت عالبيت معي مية علم ثورة طاير عقلي فيهن مشان ننزلهن معنا عالمظاهرة تاني يوم، بتطلع امي فيني وبغضب! انا قلت اكلنا هوا
قالتلي يعني بدكن تعملوا هالمصايب عالقليلة "ما تقطبوهن لبرا"، وطبعاً انا ما فهمت شو الفرق .. بروح بقصر الشر وع غرفتي وبنام
بفيق بلاقيها معدلة خياطة المية علم ..

اسوارة علم الثورة:
انا اليوم ما بشلحها من ايدي اطلاقاً، خصوصي بعد ما صرت من ثوار الفسابكة وفي ناس بتتمسخر عليي مسميني ناشطي الاسوارة الخضرا
صار ضماني لأنه سرديتي انا عن اللي صار بسوريا تكون حاضرة بمقابل سردية الاجنبي،
هي اعتراف اني عندي موقف واضح من الاسد، ماني حيادية ولاني امرأة حمامة سلام عم قرب وجهات النظر تبع الزلم الهمج
هي تفادي انه يتم اقتطاع ما اقوله بحق الاسلاميين واستعماله من جهات اعلامية ما بوافق عليها، يعني يطالعوني مثلاً عروسيا اليوم او يقصو جملة قايلة فيها انا انه داعش خطيرة وتصير هي كل السيرة
هو تعبيري عن احد هوياتي اللي هي بحرب سردية مع كتير قصص بتطبّع مع بشار الأسد.
صرت بنتبه بالاجتماعات، كلما بطلع عليه أني ما كون عم احكي بالانكليزي شي ما بحكيه لو رفقاتي الثوار موجودين، تذكير بأنه انا هون بسبب هالثورة ولازم احكي شي مسؤولة عنه قدام الثوار

هل بتمنى انه يصير علم سوريا ؟ مع الاسف لا
باسم علم الثورة صار انتهاكات عنيفة بحق ناس وخطفت ناس وقصفت ناس
وبالتالي هو بيعمل صدمة والم لضحايا سوريين مدنيين
بتمنى يوماً ما السوريين يصوتوا ععلم تاني، علم جديد ما يكون مات حدا لاجله او بسببه او بسبب حامليه

في ناس لليوم مع الثورة وما بتحب العلم ؟ اي في ، وفي ناس مانها مع بشار وبتحب العلم الأحمر
مع الوقت والسنين بهالثورة صرت مقتنعة انه في كتير تفاصيل شكلتها تجاربنا الشخصية، وين نحن متواجدين جغرافياً ووين شاركنا بالثورة
اللي ما شال علم الثورة كعلم شجاع بوجه داعش يمكن عنده موقف مختلف عن العلم، واللي ما شاف العلم الاحمر وخريط رعب وخوف .. كمان يمكن تجربته مختلفة

النهاية
بخاف اوقات اني رح موت بالغربة ورح يكون الخيار الأسهل دفني برا البلد، متل ما صار مع ثوار كتير.. وقت بتذكر تشييعاتهن لناجي وعروبة ولفدوى .. علم الثورة هو الشي الوحيد اللي فينه يكون عزاء شوي عن اني اندفن بحلب

ذعر الكتابة


لم أكتب نصاً راضية عنه منذ سقوط حلب، أو ربما من قبل ذلك بمدّة، وليس لأنني انشغلت بجلد الذات باسم المراجعة، قمت بذلك قبلاً ولم يجدني نفعاً. وليس أيضاً لأنني لا أجد ما يستحق الوقوف عنده أو لأنه ليس لديّ ما أقوله. فهناك في يومنا السوري الكثير ما يستحق الوقوف عنده والكثير مما من واجبنا أن يقال وأن يكتب. 
لم أكتب نصاً منذ سقوط حلب لأنني خائفة. 
من يعرفني بشكل جيد، يقول أن لديّ بالعادة مبالغة في سوء تقدير المخاطر، لا أخاف إلا فيما ندر وليس من باب الشجاعة فقط بل أحياناً من باب الاستهتار والتهور.
ولكن كلما جئت لأكتب نصاً، أصاب بكل أعراض الخوف الجسدية والنفسية. لديّ عشرات الملفات التي فيها ثلاثة سطور عن موضوع ما لأتوقف بعدها مذعورة عن الكتابة. 
مم أخاف؟ 
كنت أعتقد أنني أخاف مقصلة الناس على الفايسبوك، تلك المقصلة العدمية التي ستحاكم كل شيء، شكوكي وهزيمتي وتجربتي وشهادة حياتي..
إنْ كتبت عن خساراتي، تسقط في مسطرة المقارنات المزاودة مع معاناة الآخرين. هناك آلاف عانوا أكثر ولم يكتبوا، ويصبح من حق الشهداء وحدهم الكتابة. 
إن كتبت عن فرحي، تسقط في مزاودة الإتجار بضرورة تزييف الحزن. إن كتبت عن الآخرين، أزاود في تجاربهم وإن كتبت عن تجربتي، متمحورة ذاتياً.
إن كتبت عن مشاعري، ألام أننا نحن النساء لا نكتب في شؤون غير عواطفنا وتجاربنا الذاتية. إن كتبت سياسة فإن تحليلي السياسي قاصر وغير متصل بالسياق ومنحاز وغير موضوعي وهكذا.. 
لكن ذلك كله ليس بجديد، ولو كان هو الدافع حقيقة أمام إحجامي عن الكتابة لكتبت بأسماء وهمية، لكتبت دون أن أنشر مثلاً. وبعد التفكير المعمق بالأسباب الحقيقية التي تخيفني، أعتقد أنني أخاف مني. 
أنا أخاف من ذاتي السابقة واللاحقة، كلما فكرت في الكتابة عن الثورة اليوم. 

أخاف من محاكمة ذاتي السابقة لنصوصي اليوم، على أنها أقل شجاعة، أقل جذرية وأكثر خوضاً في التفاصيل غير المجدية. أكتب اليوم وأنا أفاضل بين معاركي وأبحث عن نص يتحدث عن كل ما نحن فيه من حطام دون أن يكون صالحاً للاستخدام ضدنا من أي عدو، لا من اولئك الشامتين فينا إن ناقشنا هزيمتنا، ولا أولئك الذين يحتاجون حديثنا عن أخطائنا كي يشعروا براحة الضمير عن كونهم لسنوات لم يفعلوا شيئاً واكتفوا بتلو الوعظ علينا عن كيف يمكن أن تكون ثورتنا أكثر نزاهة، ليصبح موتنا على الشاشات أكثر أناقة. 
أخاف من أن أقارن ما أكتبه اليوم، ذاتي المهزومة، بين تلك المفعمة بالأمل وطموح الحرية والعدالة والكرامة. 
لم نكتب؟ لنجترّ احباطاتنا؟


أتوقف. 

أخاف من محاكمة ذاتي اللاحقة لنصوصي اليوم، تماماً كما نفعل كلنا عندما نعود إلى حماقات كتبناها عندما كنا أصغر، عندما كنا أصدق، عندما كنا أجمل. 
كيف لا أقع في فخ محاكمة الأمس بما أعتقد أنني أعرفه اليوم؟ كيف نكتب عن الغد نحن الذين ما يحصل في يومنا هو أسوأ من أسوأ ما كان ممكن أن نتوقعه ككوابيس. 
ما الذي أتوقعه أو أستطيع كتابته؟ في هذا الحدث دائم التغيير، الثابت على حاله في اقترابه من الموت؟ 
كيف أكتب نصاً لا أندم غداً أنني كتبته؟ أنا المتغيرة دائماً عمّا كنت فيه بالأمس القريب جداً. 

أخاف من ذاتي الحقيقية، عندما أكتب.. 
أتبنى، بشكل واع على الأقل، مقولة أن "اليأس خيانة" وأن التحدي الحقيقي هو إيجاد فرصة ومتسع لخلق الأمل فينا وفي الآخرين. 
ولكن كلما جلست لأكتب، تسيل ساحات من الكآبة بين كلماتي. كل ما أكتبه وكل ما أقوى على خطه، قاتم قاتم. 
موت، موت، حطام، انكسار وهزيمة، مفردات أكررها عبر آخر نصوص أكتبها، من أين أحضر نصوصاً أكثر إيجابية؟
وهل يعقل أن هذه هي حقيقتي؟ وإن كانت تلك حقيقتي فسأتجاهلها تماماً وأهرب نحو ادعاء "إننا محكومون بالأمل"، أولئك الذين تحدثوا عن مواجهة الواقع ربما كانوا يتحدثون عن واقع أقل قتامة من واقعنا. 
تكشف الكتابة زيف ادعاءاتي بالفرح والعودة إلى حياة أكثر طبيعية، وتنزع عني أقنعة جهدت كثيراً لإلصاقها بوجهي ولست جاهزة لذاك العري الذي تخلقه النصوص، فلا أكتب. لست جاهزة للانكشاف على خساراتي وأناي الجديدة.

أخاف من أسئلتي كلما جلست لأكتب.





حيث تتسابق هواجس مؤلمة ولا أجوبة سهلة لتلك الأسئلة. هل هزمنا تماماً؟ هل كل ذاك الدم هدراً؟ هل تبقّى لنا مكان في سوريا يتسع لحلمنا؟ هل تبقى أصلاً ما هو سوري؟ ما هو؟ لمَ نجونا؟ لماذا نحن تحديدا ً؟ إذا كانت الحياة التي أعطيت لنا مجدداً امتيازاً بهذه الأهمية؟ ماذا نفعل به؟ هل علينا أن نخلع هويتنا السورية لنندمج بذاك العالم الذي يحبسنا في تلك الهوية؟ 
ومن الصعب أن نكتب بين تلك الألغام كلها، ماذا لو أجبنا على إحداها وكان الجواب أقسى مما نتحمل؟ 

يقولون لنا، اكتبوا للتوثيق وللتاريخ وللجيل الذي لا يعرف قصتكم، كيف نكتب نحن الذين حاولنا التواصل مع البشرية بكل اللغات التي نعرفها، بكل الصور واللحظات والتوثيق الممكن، كيف نجد ما تبقى من طاقة لإعادة تدوين كثافة ما حدث فينا.. 
كيف نكتب للآخرين ونحن الذين نخاف أن نكتب حتى لأنفسنا..

مدينة





©2007-2016 menikmativ




أي طريق لا يعيدني إليكِ لا يعوّل عليه
* * *

خارج حلب كل الحلول تولد من سخافة الهروب نحو الأمام.
في حلب، لم نكن لنغير المدينة إن خسرنا حبيبا ً فيها ! لما كرهناها كلما اجترعنا كراهيته


لم نكن لنغير المدينة كحل لأصغر المشاكل وأكبرها ، لم نكن لنبحث يوميا ً عن بيت جديد يشبه بيتنا ، في حلب كان هناك بيتنا


في حلب لاشيء نتذكره كان خارق الجمال، ولكنها كانت مدينتنا وكنا نألفها حتى بشوارعها التي لا نحفظها،
أما هنا ، فلديهم على كل منعطف .. لافتة مستفزة تشير إلى الطريق إلى حلب .. مكتوبة بلغة أخرى !


كل ما في تفاصيل المكان، مدينة نحاول ان نجعل منها حلبا ً ونفشل وتفشل المدينة
ونعيد التجربة


وكلما أزعجتنا مدينة ما، حملنا غربتنا في داخلنا ورحلنا نحو مدينة جديدة نحاول أن نجعل منها حلبا ً .. وتعرفون نهاية هذه القصة


* * *


- أنا اتوب عن حبك انا ؟
- أجل ! لاحلول أخرى في الأفق


* * * *
خارج حلب، كل السعادة تحتاج طقسا ً احتفاليا ً
ثياب خاصة للسعادة ، علينا أن نستنشقها ونشربها ..
نغني القدود بصوت أعلى علّ الصوت يصل هناك


نضحك بصوت أعلى .. "قد يقول البعض بأن ضحكنا مفتعل ، لا يهم" ، نخجل بعدها أن يصل صوت الضحك إليها مدينتنا وتعتقد أن نسينا موتنا هناك
خارج حلب .. كل ما هو يدور فيها.. مضخما مضخما مضخما ً
وبلا معنى

* * * * * *


رحلت من حلب على دفعات، في الفترة الأولى كان عليّ الا أنام في منزلي ، غرفتي " ذات السرير الطفولي" والمكتبة التي فيها صورة مخجلة من أيام المراهقة لبريتني سبيرز !


لم أحزم أي شيء .. كنت أعتقد أنني سأعود


بعدها كان علي ّ ألا أزور المقبرة ، القبرين المختلفين للدقة ..


ثم بعدها بشهور أن أودع بيت أختي وبيوت الأصدقاء


سنة مرت ! كنت في جزء آخر من حلب .. كنا نذهب إلى الخط الأول لنلقي على حلبنا الأخرى السلام ! كان ذلك كافيا ً


رحلت بعدها من حلب الشرقية أيضا ً ..
لم احزم أي شيء .. كنت أعتقد أنني سأعود


لي مكتبة في كل منزل ، والكثير من الثياب تليق بفتاة أخرى .. اعتدت أن أكونها



* * * *


لي حنين لـحلب " زمانية " لا "مكانية"
أدرك أنني مهما حاولت .. لن أعود

* * * *


مدينة واحدة حتى الآن كدت أن أحبها ، مدينة واحدة تمنيت لو ان لا مدينة أخرى تسكنني لعشقتها


مدينة واحدة ترددت في المطار للحظات وتمنيت أن أعتنقها


لاشيء فيها يشبه حلب، لاشيء فيها يحمل من ذاكرة حلب أي رائحة


ولذلك ربما خفت أن أقع في حبها ، فهربت سريعا ً


جبانة أيضا !

* * * *


مزعجة الخيارات التكنولوجية التي يعتقدون أنها ذكية ،
رويدا ً رويداً ، تمطرك بالإعلانات .. وأسعار بطاقات الطيران
وتفكر مرارا ً بالعودة إلى هناك، تتحول عادةً يومية .. دراسة الاحتمالات ! .. وتقنع نفسك أن ما يمنعك هو صعوبات "لوجستية"


وحلب






* * * *


أي طريق لا يعيدني إليك َ لا يعوّل عليه







- مطار اتاتورك ، 25-06-2016





فوتبول




لا أفهم في كرة القدم ! ورغم صعوبة أن أعترف كمعظمنا أن هناك ما لا أفهم فيه ! لكن هذه الحقيقة التي لا تقبل الشك ! يثبتها السؤال الأول الذي أسأله عموما هو أي فريق عليّ أن أشجع؟ والسؤال الثاني ما هون لون ثيابه؟ وبعدها قد أبدي بعض الملاحظات "السيئة " على جمال اللاعبين !
في المباراة الأكثر توتراً وجدية وشهرة بين الأصدقاء، أكون عادةً مع الفريق الذي يشجعه من أحب ! إن كان من أحب مع برشلونة فأنا حتما ً اشجع برشلونة ! وإن كان مع ريال مدريد ! فإذا ريال مدريد فريقي المفضل !

المشكلة عندما ابتدأ هذا الموضوع في "التشجيع " يتحول لظاهرة سياسية وحقوقية وأخلاقية تتعلق في مواقفنا من كل الأشياء!

أنت مع داعش ولا مع النظام فيما يتعلق بموضوع " تدمر" ؟
وأحاول أن أكبت السؤال  السخيف ؟ شو لابسين ؟  وأي فريق يجب أن أشجع !

لست أدري متى استحلنا أحاديي التشجيع ! في ثنائية مع الفريق وضد الفريق الخصم !
هل أستطيع أن أشجع الحكم ؟ أن أشفق على الأرض ؟ على اللعب غير الجميل ؟ على الرؤوس المقطعة أيا ً كان قاطعها ؟ أشفق عليه وعلينا وعلى الجسد البشري المستباح هناك ؟

كيف نستطيع أن نختار ؟ بين من يقتلك أو يقتلك ؟ بين من يسلبك بعض حقوقك ومن يسلبك بعض حقوقك الأخرى ؟ وبأي حق نحن المرتاحون قليلا ً نستطيع أن نفرح لأحداها ؟ لا فرح إن أخذت داعش مدينة ولا إن استردها بشار الأسد !
أنا التي لا أستطيع أن أحيا مع كليهما ! هلق استطيع أن أعلن ذلك ؟ أن لا فرح لنا .. بمن دمروا أثار تدمر، ولا بذاك الذي حولها إلى ذاكرة ملآى بالتعذيب !

لم علينا أن نفرح أساساً ؟ وكل الأسئلة التي هناك مطروحة وتحتمل بعضا ً من الحقيقة الفاجعة !
نعم ستقضي داعش على أي فرصة " للحضارة والتراث"، وستأدلج أطفالنا على العنف ! ولكن من قال أن الحضارة هي محض أبنية وأن النظام السوري يستطيع أن يقتل بشكل " حضاري" ما استطاع من الناس .
وإن كان ذلك ممكن الحسم على صعيد تدمر وحدها ،" رغم اني استبعد ذلك تماماً" ! فكم يصبح الأمر أكثر تعقيدا ً إذا فكرنا به على الأرض السورية كلها ..وبالإضافة لذلك عامل الزمن ! فهل الأخطر أن تتمدد داعش لتربي  جيلا ً جديدا ً ؟ أم أخطر أن يستعيد النظام سيطرته لتضيع التضحيات هباء ونعود إلى حكم الديكتاتورية التي لن ينترعها أحد !

وقبل أن نسأل كيف ؟ ربما علينا أن نسأل لم ؟
لم لا نستطيع أن نقول أننا خارج هذه الفرق ! نحن المظلومون منهما كليهما .. او للأدق منهم كلهم !
نحن الذين خذلنا تدخل سمير قنطار ، ولكننا ضد أن نهلل لاسرائيل لقتله
نحن الذين يحزننا على حد سواء ، سقوط تدمر بيد داعش واستعادتها بيد النظام
نحن الذين لازال لدينا مساحة حمقاء من الأمل بأن نعتقد أن هناك ما هو خارج الفريقين لنؤمن به،
نحن الذين لا يهمنا كم يبدو اللاعبون شبيهين بنا !فلن نهلل لهم طالما أنهم يعتنقون العنف !

نحن المعنيون في أرض اللعب ومستقبلها !

جوا الطوق


"أنا ما بدخل جوا الطوق" ، قد تكون هذه الجملة هي من أكثر الجمل التي رددتها بسذاجة أيام التظاهرات السلمية ! دعوني أفسر ما هو الطوق! الطوق هو مجموعة من الناشطين الذكور يمسكون بأيادي بعضهم البعض ويحيطون النساء في المظاهرات ! وتختلف التفسيرات حول ذلك ابتداءً من أن ذلك منع للتحرش والتزاحم وحفاظا ً على خصوصية النساء، أنتهاء لحمايتهن وتسهيل هروبهن أولا ً لدى قدوم الأمن ! او حتى لمجرد منع الاختلاط بينهن وبين الذكور المشاركين في المظاهرة !
وبأحسن التفسيرات وأسوأها رفضت أنا وعدد من النسوة الخضوع لهذا القانون، كنا تلك الكريهات اللواتي نصّر كل مرة على أن نقول " ما بندخل جوا الطوق"
ومع ازدياد عدد المظاهرات، اصبحت مظاهرات يوم الجمعة تحديدا ً أكثر دموية، النظام يطلق ناراً ليقتل لا ليفرق المظاهرة فحسب! وأصبح الأصدقاء يقولون " بلا ما تنزل النساء عمظاهرة يوم الجمعة "
كانت جمل كتلك تلعب دورا ً معاكسا ً مع عدد من النساء أحداهن أنا، كلما قالوا أن هذا الاجتماع ليس للنساء ، ذهبنا .. كلما قالوا ان هذه التظاهرة " خطيرة على النساء" كلما ازددنا عناداً! كنّا مزعجات في أصرارنا الفج على أن نكون هناك !
في التحقيق يسألني المحقق بلهجته المتعالية : "وليه شحوارو .. شكلك حابة واحد سني؟"
كان ذلك المفهوم مهينا ً ويلخص عقليته الذكورية الطائفية الفجّة !
يستحيل ان أكون كأمرأة معنية في هذا الثورة أنا في خلفية الصورة لرجل ما هو يتصدر السبب وراء معارضتي للنظام !!
في المناطق المحررة، هناك من يقاتلن بشراسة لينضموا للاسعاف على الجبهات وعلى الخطوط الأمامية ! وأخريات يتحدين احتكار الرجال لفرص العمل في الشأن العام، يفتتحن ويدرن المراكز والمدارسّ
كل ذاك العناد والإصرار على المشاركة، لم ينبع فقط من كوننا جزء من هذا الوطن ويصيبنا ما يصيبه ويعنينا ما يعنيه وأن لا محمية طبيعية تفصلنا عمّا يلم به، لا كنا نزداد عناداً لأننا خائفات أنه مع تقدم الوقت سيقال أنها ثورة "الذكور" وان لا دور لنا في مستقبل سوريا ..
في الحقيقة، تعددت معارك النساء السوريات، بين انتهاك الصحافة لخصوصياتهن وبين زملاء الثورة الذين حاولوا تحييدهن مروراً إلى الاهتمام الايجابي المصطنع من المجتمعات المدنية البيضاء ! لنصبح "محجبات " في مقابلة " غير المحجبات" .
منذ سنتين تقريباً، قرأت مبادرة النساء من أجل السلام ! لم تذكر كلمة ثورة ولا مرة واحدة !! شعرت بالصفعة ! بعد كل تلك المعارك اليومية المنهكة لنقول أننا هناك
يأتي أحد ليحيلنا إلى "حمامات السلام " التي علينا أن نحضر جميع " الأطراف " إلى الطاولة ! والأطراف طبعا ً هم الذكور !
متى أصبحنا لسنا طرفا ً في الثورة ؟ ومتى استحال نضالنا إلى حياد مقيت ؟
رفضت طبعا ً وقتها المبادرة جملة وتفصيلا ً، قيل لي يومها أن المبادرة تهدف لاستقطاب الجميع !
ولكنني كضحية مباشرة وكـ"طرف " في الثورة ضد النظام ! شعرت بالإهانة ! لقد فشلوا في استقطابي على ما يبدو !!
وتفاقمت الأمور لاحقاً لتصبح "حزبية" الطابع! علينا كنساء أن نتفق حول موقف من الهدنة ! وموقف من المفاوضات وموقف من الانتخابات الأميركية ربما !
اجتماع سفراء الدول مع النساء السوريات ! اجتماع المبعوث الأممي للنساء السوريات !
صورة تذكارية للنساء السوريات !
أصبحنا بلا اختلافات بلا تناقضات، كتلة بلا ملامح، نحن النساء السوريات ! لا نشبه البلد بانقسامها ونضالها لأجل حقوقها ! لا نحن لدينا مواقف توافقية "كنساء سوريات"
وأصبح عليّ أن أتفق مع ريم تركماني ورجاء التلي " لاسمح الله " أكثر من اتفاقي مع من كنت معهم في ثورة حلب ! لمجرد أننا نساء ولمجرد أنهم ذكور !
وعوضا ً أن ينصب جهدنا على زيادة فعاليتنا ضمن الوفد المفاوض، نريد أن نعود إلى الوراء إلى معركة ممارسة السياسة بمعزل عن الرجال وكأن الرجال هم العدو في مقابل النساء الضحايا !!
حتى جاء المجلس الاستشارة للمرأة السورية ! فأصبحن مستشارين للرجل الأبيض الذي طلع إلينا ليحدثنا عن مخططاته عن تمكين المرأة "السورية "
يا للقرف !
وعوضا ً عن التركيز عن استخدام العنف الجنسي ضد النساء كأداة حرب تم الحديث المائع عن كل الأطراف وعن كيف تمنع العقوبات وصول المساعدات " وكأن النظام لا يحاصر مناطقا ً بأكملها" ! وعوضا ً أن يستغل امتياز قدرتهن على السفر والوصول وتحدث لغة الآخرين للتعبير عن شجاعة النساء السوريات في مواجهة ألف وألف معركة يوميا ً على امتداد الأرض السورية ، خرجن بصورة النساء اللواتي لا يهتممن بالموقف من الاستبداد ولا يشرن إليه علانية ! بل يتجاهلن ذكره وكأن ما أصاب سوريا هو زلزال من الذكور المتنازعين على السلطة !
يا للقرف مجددا ً !

أنا لا أمثل إلا نفسي، ولكنني أرفض جملة وتفصيلا ً أن يتم اختصار مطالبتنا بحقوقنا كنساء على أنه مطلب فاشي لا يهتم بمعاناة الآخرين، ولا يطالب بالديمقراطية ! وأرفض جملة وتفصيلا ً أن يتم اختزالنا بنساء لم نخترهن لتمثيلنا ! ليخجلن من أن يشيروا إلى دورنا في الثورة

أنا لا أمثل إلا نفسي، ولكنني لا زلت أرفض أن أدخل في "الطوق" ، سواء اعدّه من حولي المتظاهرين ! أو أطبقه حولي ديمستورا !

هل أنا قادرة على القتل ؟

هل أنا قادرة على القتل؟
لو طرح عليّ شخص ما هذا السؤال قبل خمسة أعوام، أنا التي اعتدت أن يزين مكتبي قول المسيح “اغمد سيفك يا بطرس فإنه مكتوب، من أخذ السيف بالسيف يهلك”، لأجبت بسرعة وسذاجة ربما “مستحيل! فأنا لا أمتلك القدرة ولا الرغبة بأن أنهي حياة إنسان ما” ولاستطردت بثقة مرتاحة “أي كان هذا الإنسان، ومهما كانت صفاته ومهما كانت شناعة ما ارتكب”.
نتمنى أن نرى أنفسنا أجمل، نودّ ألا تفوح منّا رائحة الموت، نعتقد أننا رسلٌ للحياة. نود لو أننا على هذا الكوكب لجعله أفضل، لهدفٍ أسمى. إننا هنا لنغني حياة الآخرين ولنغتني بهم لا لانتقاصها أو لقتلهم. منذ خمس سنوات لم أكن أؤمن بالإجهاض ولا بحكم الإعدام، كرهت السلاح والعنف واعتقدت أن التغيير يحدثه الحب. اليوم لم أعد أدري بم أؤمن. إنها الحرب، العيش على الحد بين الموت والحياة طيلة الوقت. هناك غريزة “أن تبقى حيًا” تحركك حتمًا باتجاه أن يموت “العدو”، أو أن تستسلم. أن تموت أنت لينتصر هو. هو العنف الذي أعاد تعريف كل شيء، من آمالنا وإيماننا وثقتنا بالعالم. مبكراً كان عليّ أن أعيد الإجابة على عدد من الاسئلة العنيفة: هل أقتل؟ هل أستطيع أن أقتل؟ بل هل أرغب بأن أقتل؟
جاءت صدمتي الأولى عندما أطلقوا النار علينا ونحن نتظاهر سلميًا تمامًا. كانوا هناك يشبهوننا في كل شيء إلا الحلم. يتحدثون لغتنا وبعضهم أبناء مدينتنا. كان عليّ أن أقبل أن القاتل إنسانٌ مثلي مثله، ولربما كنا حتى البارحة نرتاد سويًا الأماكن نفسها ونرقص على الأغاني ذاتها، يعشق ربما مثلي قلعة حلب وله حبيبة تعرف عليها في مقهى للجامعة مثلًا. كيف استحال فجأة عندما أتاه أمر من السلطان قاتلًا؟ من أين جاءته تلك الجهوزية للقتل؟ كيف يستطيع إنسان لا يبدو أنه قد تكسّب من هذا الحاكم شيئًا أن يستحيل إلى آلة للقتل هكذا؟ كنت أريد أن أعتقد أنني أفضل من ذاك الوحش، أن لا أيديولوجية مهما كانت ولا أحد سيدفعني يومًا لفعل مشابه.
ألحّ السؤال مرة أخرى طبعًا عند قتل والدتي، ومجددًا عندما كنت في التحقيقات. حينها رغبت لو يموت المحقق، خصوصًا بعدما هدد بإيذاء عائلتي. لم يكن بإمكاني أن أحكم ترى هل سيكون العالم بحال أفضل لو رحل هذا الشخص عنه؟ تمنيت أن يموت وخجلت حتى من هذه الأمنية، فهل أناي الجديدة تؤمن أن موت البعض هو رحمة للبشرية؟ وأنه ليست كل حياة بحد ذاتها “مقدسة”؟ وأن قتل شخص ما قد ينقذ الآلاف؟ وبالطبع تمنيت مرارًا منذ حينها أن يموت بشار الأسد، ولربما حلمت بذلك عدداً من المرات. هل لعبت دور الإله في رأسي في اختيار من يحق له الحياة ومن يستحق الموت؟ بالتأكيد! كنت محاطة بالأبطال الجميلين جدًا وكانوا يتساقطون قتلى بسبب عنف من عليّ أن أؤمن بحقهم بالحياة. كانت المعادلة صعبة جدًا. كم تغيرت! وكم نضجت تلك الفكرة الرومانسية الساذجة عن تغيير العالم بالحب!
لكن ذاك كله كان أقل إلحاحًا من العيش على الخط الأول، نرى الجيش من هناك. يبعد خطوات عن بيوتنا، نختار تلك المواقع لأنها اٌقل عرضة للقصف بالطيران. ذاك الجيش الذي يقصفنا ليل نهار، لهم حاجز قريب جدًا، يحتسون فيه الشاي ويلقون السباب علينا عبر أجهزة التواصل “التوكي ووكي”، ندعوها بحلب “القبضة”. كانت المزحة السوداء المعتادة في بيتنا تتعلق بماذا سنفعل لو اقتحم الجيش المنطقة، وككل شيء مرعب كان علينا أن نواجهه بالمزاح حتى يصمت صوت الخوف. فذاك يوصينا ألا نوقظه إذا اقتحم الجيش وآخر يفكر بالقفز من الشرفة! أمازحهم بأنني سأدعي بأنهم قاموا باختطافي إذا اقتحم الجيش المكان. أجاب أحد الأصدقاء مرة بأنه سيستل سلاحًا ويقاتلهم حتى يموت، وأجاب آخر بأنه يفضل أن يفجر نفسه على أن يأخذوه حياً يرزق – هذا ما تفعله فينا صور الموت تحت التعذيب. أجبت أنا بصوت خافت: أنا لا أعتقد أنني أستطيع أن أرتكب فعل القتل. وصمتوا جميعًا، ثم ضحكوا على “تعقيد الصياغة”.
قال لي أحدهم: أشو خيتو؟
أعدت الجواب بثقة من يعتقد بأخلاقية قراره: لن أقتل!
وبدأ النقاش الذي امتد ساعات حتى قال لي أحدهم: ماذا لو كان الجندي  سيقوم بقتلك؟
– سأموت إذًا. أفضل أن أكون الضحية على أن أكون القاتلة.
– وماذا لو كان سيقوم بقتلي أنا؟ ماذا لو كنت تستطيعين إنقاذي؟ ماذا لو كان سيتوجه من منزلنا ليقتل عائشة “طفلة الجيران التي تدق على بابنا يومياً لتأخذ منا الزجاجات البلاستيكية. كانت أقصر من ألحظها عند النظر من فتحة الباب”
لم أعد أعرف إن كنت قادرة فعلاً على استلاب حياة كائن حيّ آخر، ولم أعد واثقة بأن عدم قدرتي هذه ليست، بشكل آخر، مساهمةً في القتل. لقد تغيرت. لقد تشوهت. هذا تفسير محق ربما.. أو ربما فقط لقد نضجت.
وتوالت أحداث العنف، سكود، براميل، صواريخ، قذائف، أصدقاء تستشهد تحت التعذيب. ومع كل قصة أتذكرها أو يمنعني مخي “الغبي” من تذكرها ويكبتها هناك في مكان ما، كان يقيني بأنني شخص لا يقتل أو لا يرغب بالقتل يتضاءل تدريجياً. وبدأت داعش بالانتشار بالمحرر، وبدأت باختطاف الإعلاميين تباعًا. ركضنا حينها إلى الأصدقاء المسلحين طلباً للحماية. كان تناقضاً جوهرياً مهماً: نحن أردنا تفوقنا الأخلاقي الذي يعتمد بشكل كبير على عنف الآخرين، لا على اللاعنف نفسه. مازلت حتى اليوم لا أفهم هذه الحرب ومعادلات القتل فيها؛ هذه الحرب التي لست أدري إن كانت تخرج أقبح ما فيك أم أنها تغيرك. ذاك الذي سرق بيت جاره بعد أن نزح، لم يكن يعتقد أنه سيفعلها لولا الحرب. ذاك الذي يتمنى موت كل الذين لا يشبهون طائفته لم يكن يدرك أن في داخله كل ذاك الحقد.
قد لا تعنيك أسئلتي وتجاذباتي. قد تكون واثقاً، كما اعتدت أنا أن أكون، من أنك قادر أو غير قادر على ارتكاب فعل القتل. ولكن يبقى سؤالي أنا: هل كل حياة “مقدسة”؟ حتى حياة “الداعشيّ” وذاك الذي يعذب حتى الموت؟ هل الاستسلام السلبي لقاتلك هو قتل من نوع آخر؟ قتل لحياتك أنت؟ لحياة من كان يفترض بك أن تحميهم؟ هل العيش مع الموت حتى الألفة يمنح كل الوقت والقلق وانعدام اليقين، ليكون جوابي على السؤال الأول: فعلياً، لست أدري!