- أسرار العلاقة الأميركية الاسرائيلية
- دوافع السياسة الأميركية ومستقبل اللوبي اليهودي

- العرب ومواجهة النفوذ الإسرائيلي في أميركا

حافظ المرازي: مرحبا بكم معنا في هذه الحلقة من برنامج من واشنطن نقدمها بالطبع من العاصمة الأميركية، تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأميركية من أكثر الموضوعات المثارة في الإعلام العربي حين يأتي الحديث عن العلاقات الأميركية الإسرائيلية، لكن هذا الموضوع قلما يناقَش هنا في الإعلام الأميركي أو على الساحة السياسية لحساسيته والخوف من تُهَم معاداة اليهود ومعاداة السامية، من هنا تأتي أهمية الدراسة التي كتبها أستاذان أميركيان مرموقان، الأول ارتبطت الدراسة بجامعته رغم تنصل الجامعة فيما بعد منها وهو الدكتور ستيفن والت من جامعة هارفارد والدكتور جون ميرشايمر الأستاذ بجامعة شيكاغو، تحدث كلاهما من أقل من ساعتين من تقديم هذا البرنامج على الهواء بنادي الصحافة القومي الأميركي عن تأثير اللوبي الإسرائيلي كما ظهر بالتحديد في الحرب الأخيرة على لبنان وذلك في ندوة نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (Care) ويسعدنا أن يكون المؤلفان ضيفينا من واشنطن في أول ظهور لهما على الإعلام العربي، كما سيكون معنا في الجزء الثاني من البرنامج المدير التنفيذي لمؤسسة (Care) في حوار مع أستاذ جامعي عربي حول مَن يحرك مَن في العلاقة الأميركية الإسرائيلية، لقد كسر الأستاذان ميرشايمر ووالت حاجز الصمت الأميركي حول موضوع تأثير اللوبي الإسرائيلي في السياسة الأميركية ورغم أن مجلة اتلانتك مانفلي كانت قد كلفتهما بهذه الدراسة منذ عام 2002 إلا أن المجلة الشهرية تراجعت عن نشرها ولم ترى الدراسة النور حتى نُشرت موجزة بعد أربع سنوات في دورية غير أميركية لعرض الكتب هي (London review box) وذلك في مارس/ آذار عام 2006، خَلُص الكاتبان في الدراسة إلى الآتي وأقتبس منهما، ليس من المستغرب أن تسعى إسرائيل وأنصارها في أميركا إلى جعل الولايات المتحدة تواجه كل الأخطار المُهدِّدة لأمن لإسرائيل فإذا نجحت مساعيهم لتشكيل السياسة الأميركية تكون إسرائيل قد نجحت في إضعاف أعدائها أو التخلص منهم وفي إطلاق يدها في التعامل مع الفلسطينيين بينما تقوم أو تتحمل الولايات المتحدة بمعظم أعباء القتال والموت وإعادة البناء والتكلفة وحتى لو فشلت الولايات المتحدة في تحويل الشرق الأوسط ووجدت نفسها في صراع مع العالم الإسلامي والعربي الذي يزداد راديكالية ينتهي الأمر بإسرائيل محمية من قِبل القوة العظمى الوحيدة في العالم ورغم أن هذه ليست أفضل محصلة يريدها اللوبي فإنها أفضل بوضوح من أن تنأى واشنطن بنفسها عن إسرائيل أو أن تستخدم تأثيرها في إرغام إسرائيل على التوصل لسلام مع الفلسطينيين، لقد اتُّهم ضيفانا الكاتبان ميرشايمر ووالت من قِبل أحد أعضاء الكونغرس بأنهما يرددان نفس المنطق المعادي للسامية والصهيونية وانتقد أستاذة في هارفارد الدراسة التي رُفعت منها فيما بعد اسم الجامعة وشعارها ويقول البعض بأن مؤلفها من هارفارد قد اضطر إلى الاستقالة من منصبه كعميد لكلية العلوم السياسية لكنه يصحح ذلك بأن هذا غير مرتبط بذلك ورغم الضجة المثارة حول الدراسة والحملة على الأستاذين إلا أن وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية لم تفسح مجالا كبيرا لهما للحديث باستثناء القليل.. القليل منها، على أي حال نحن نرحب بهما على شاشة الجزيرة وفي استديو من واشنطن، ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية والشؤون الدولية بجامعة هارفارد مرحبا بك معنا في هذه الحلقة من البرنامج وبك أيضا في واشنطن والبروفيسور جون ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية مدير برنامج سياسة الأمن الدولي بجامعة شيكاغو مرحبا بكما، بروفيسور والت لعلِّي أبدأ أولا بالسؤال عن، أنتم أحكم بكثير وأعقل من أن تتورطا في مشكلة الكل يتفرج عليها ولا يتورع بأن يدخل فيها وهو طرح هذا الموضوع الخلافي الذي يثير كل الهجوم والعداوات على مَن يطرحه، لماذا قررتما أن تكتبا هذه الدراسة وأن تُصرا على نشرها رغم مصير بول فيندلي كعضو في الكونغرس من قبل، مصير تشارليس بيرسي كسيناتور من قبل معروف لمَن يتجرأ بالحديث عن دور اللوبي الإسرائيلي في السياسة الأميركية؟

أسرار العلاقة الأميركية الإسرائيلية

ستيفن والت - أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد: أنا وجون قررنا أن نكتب هذا الكتاب لأننا أدركنا الولايات أن المتحدة في ورطة عميقة في الشرق الأوسط وهناك الكثير من جوانب السياسة الخارجية الأميركية التي لا تلاقي النجاح وخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر عندما توضَّح للكثيرين من الأميركيين بما في ذلك نحن أن سياستنا تحث على الكثير من الغضب والكراهية وقبل تلك الدراسة كنا على اطِّلاع لا بأس به بشؤون الشرق الأوسط لذلك قررنا أن نركز أكثر ثم طلبت منا دورية أتلانتك مانفلي الكتابة عن الموضوع وبعد مزيد من البحث قررنا أن نقوم بذلك، كنا نعلم أننا نعاني من التعامل مع قضية مثيرة للجدل لكن مسؤوليتنا كعلماء وكأكاديميين يجب أن نكسر هذه الممنوعات وأن نُطلِع الكثير على ما يحدث من مثل هذه الأمور لأنه مهم للأميركيين ولأنحاء أخرى في العالم أن يفهموا الأمور المختلفة التي تشكل السياسة الخارجية الأميركية وأن يبدؤوا بتحريك هذه السياسة بطريقة تتساوق أكثر مع المصالح القومية الأميركية ومصالح الدول الأخرى في المنطقة وربما نضيف أيضا أكثر تساوقا مع المصالح طويلة الأمد لإسرائيل واعتبرنا ذلك ضروريا والتعامل مع هذه القضية رأسا برأس وقد قمنا بذلك لأننا أساتذة جامعيين لا يمكن أن نصمت بسهولة وأن لا نتطرق لأمور قد لا يحبها كثيرون.

حافظ المرازي: هل فوجئت أو كانت هناك مفاجآت، أنت توقعت أنه موضوع جدلي لكن هل الذي تعرضتما له من حملة شديدة ضدكما وأيضا من تجاهل إعلامي على الأقل من مؤسسات كبيرة، البعض يقول أنتم أحجمتم عن الظهور في الإعلام الأميركي لفترة ثم عدتم مرة أخرى، هل كان هناك مشكلة أن تقررها هل تخرجا على الإعلام أم لا تخرجا؟ هل كنتم تخشون أن تُسيَّسا بدلا من أن تكونوا أكاديميين يُنظَر إليكم كناشطين سياسيين؟

ستيفن والت: لم نتفاجأ تماما بردَّات الفعل، شعرنا بخيبة أمل أن طبيعة الهجوم كان شخصيا ومحاولة للتشهير بنا، أنا أتفاجأ دائما إلى أي مدى ينزلق إليه البعض في هجماتهم باستخدام أشياء لا أساس لها من الصحة، كنا نعلم أن الكثير من ذلك سيحدث، لكننا قررنا أن لا نظهر على شاشات التلفزة كثيرا لأننا لم نُرِد أن ينصب الاهتمام علينا بل أن ينصب الاهتمام على ما كتبناه على المقال نفسه وكلما أكثرت من الحديث في التليفزيون والإذاعة يتصور الناس أن القضية تتعلق بك شخصيا، لكن بعد بضعة أشهر وبعد أن أتيحت الفرصة للناس ليطلعوا على المقال ارتأينا أننا بتنا مستعدين للحديث وبحث هذه القضايا ليطلع أكبر عدد ممكن على ما يحدث.

حافظ المرازي: زميل لك في جامعة هارفارد ليس بالضرورة أكاديمي الماضي لكن هو أستاذ للسياسة العامة أو مُحاضر في السياسة العامة في هارفارد ديفد جرجن، مستشار لعدة رؤساء أميركيين سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين كتب في مجلة يو إس نيوز آند وورلد ريبورت في أبريل الماضي/ نيسان يقول تحت عنوان هجوم غير منصف منكما على اللوبي المؤيد لإسرائيل أو أصدقاء إسرائيل، يعز على نفسي كتابة تفنيد علني ضد زميل عزيز لكن هناك أوقات تفرض ذلك، ثم يمضي بعد ذلك أن يقدم ما قلتماه إلى القول إن هذه التُهم ليست فقط مغايرة لما شاهدته بنفسي في المكتب البيضاوي على مدى سنوات لكنها تطعن في الولاء والخدمة الجليلة التي قدمها الكثيرون للأمن القومي الأميركي مثل دنيس روس، مارتن إنديك وكثيرين وكمسيحي أود أن أضيف أنه من الخطأ أيضا وعدم الإنصاف التشكيك في ولاء ملايين اليهود الأميركيين الذين يؤيدون إسرائيل بإخلاص بينما يعملون بجد وبكرم لخدمة مصالح أميركا في الداخل والخارج، تعليقك؟

ستيفن والت: من الواضح أنني دائما أجد أنه من غير المريح أن أختلف مع زملائي لكن أولا الوزير جرجن لم يكن له أي علاقة بسياسات الشرق الأوسط وليس هو خبير سياسة خارجية ولا خبير شرق أوسط ولم يقدم أية أدلة على ما قلناه.. على خطأ ما قلناه، كل ما قاله إنه لم ير أدلة على ما نقول خلال عمله في البيت الأبيض، الأمر الآخر نحن لم نحتج أبدا بالقول بأن المؤيدين واللوبي الإسرائيلي ليسوا مخلصين في ولائهم للولايات المتحدة أو نحو ذلك، إذاً هذا توصيف غير دقيق تماما، نعتقد أن هؤلاء يحاولون أن يدفعوا بالمصالح الأميركية القومية وأن تكون لهم ارتباطات بإسرائيل في نفس الوقت تشكل رؤيتهم لسياسات الشرق الأوسط ونعتقد أنه من المشروع لنا أن نبرز ذلك وأن لا نتفق مع توصيفهم للسياسة الخارجية الأميركية وبعضهم خدموا الحكومة بشكل أفضل وليس بغير ذلك مما نقوله.

حافظ المرازي: بروفيسور ميرشايمر أرحب مرة أخرى بك، لكن لو ركزت معك على أسماء قدمتموها في الدراسة ليهود أميركيين لهم تأثير في جعل السياسة الأميركية تذهب أو اتجاه أو آخر مثل في حرب العراق الحديث عن وولف وادس النائب السابق لوزير الدفاع، الحديث عن الرجل الثالث في وزارة الدفاع أيضا الذي خرج دوجلاس فايس، ثم حديثك حتى في محاضراتك وندواتك عن شخصيات أخرى مثل ديفد ومنزر مستشار لتشيني وأيضا عن دنيس روس، هل.. أليس هذا يعطي ذخيرة للذين يقولون هذا هجوم على اليهود الأميركيين في الإدارة أو اليهود وليس مسألة اللوبي الإسرائيلي أو تأثيره؟ كيف تردون على ذلك؟

جون ميرشايمر - أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو - بيركلي: سوف أشير إلى نقطتين حافظ، أولا نحن بذلنا الكثير من الجهد لنقول نحن نستخدم كلمة اللوبي الإسرائيلي وليس اللوبي اليهودي بأنه مؤلَّف ليس فقط من اليهود فليس كل أعضاء اللوبي الإسرائيلي هم يهود، هناك مسيحيون متصهينون موجودون فيه أيضا وبعض المسيحيين البارزين مثل جون بولتن سفيرنا لدى الأمم المتحدة، هو حالة ممتازة على ما نقول وهو غير يهودي ولكن عضو بارز في اللوبي، إذاً نحن لن نقول أنه لوبي يهودي بل نقول إنه لوبي إسرائيلي ولا ننكر أبدا من أن قسما كبيرا منه إن لم نقُل الغالبية من أعضاء اللوبي هم يهود ولكن لا نقول إنهم جميعا يهود، النقطة الثانية لا يوجد أي خطأ على الإطلاق بكون اليهود الأميركيين الملتزمين بإسرائيل أن يبذلوا جهودا نيابةً عن هوى يعبر عن وجهات نظرهم حول كيفية السياسة الأميركية يجب أن تكون دعما لإسرائيل لا ضير في ذلك، الكوبيون الأميركيون يفعلون الشيء نفسه تجاه سياستنا نحو كوبا، المصريون الأميركيون يفعلون كل شيء مثل ذلك من أجل تحريك السياسة الأميركية تجاه مصر، إذاً ما يقوله أو يفعله هؤلاء من حيث المبدأ هو مشروع والكثير من الناس ربما يعتقدون أننا نتحدث عن مؤامرة يهودية، نحن لا نتحدث عن يهود فقط وفي أي ظروف كانت نتحدث عن مؤامرة يهودية، اللوبي يتحرك في العلن، (AIPAC) تتحدث علنا في دعاياتها عن الكيفية والعمل والتأثير الذي تمارسه، إذاً لا يوجد هناك سر في ذلك وكما قال ستيفن لا خطأ في إبرازنا نحن لذلك أو في إثارة الموضوع علنا أو بحثه علنا.

حافظ المرازي: أنت قدمت بروفيسور ميرشايمر أمثلة لمَن انتقدوا السياسة الأميركية في الحرب على لبنان، ربما قبل أن أتحدث عن بعض هؤلاء مثل أرون ميلر الذي أخذنا منه تعليق سجلناه معه في رأيه في الدراسة قبل أن نكون معكم في البرنامج وسنستمع إليه، لكن ما هي المظاهر الرئيسية التي قلتم من خلالها ما قلناه من قبل ومنذ ستة أشهر عن تأثير اللوبي الإسرائيلي في السياسة الخارجية الأميركية ينطبق على الحرب في لبنان؟ ما هي النقاط الرئيسية التي تبرر بها أن اللوبي الإسرائيلي أثَّر في الحرب على لبنان بينما هناك كثيرون قالوا بالعكس، أميركا تريد أن تقاتل إيران عن طريق الوكالة؟ تريد أن تقلم أظافر إيران في المنطقة وبالتالي إسرائيل تقوم لها بالمهمة بدءا بحزب الله ثم ترويض الشيعة في العراق لأنهم لم يفعلوا شيئا لنصرة حزب الله؟ مَن يحرك مَن إذاً في حرب لبنان؟

"
اللوبي اليهودي يدعم السياسات الإسرائيلية بشكل كبير ويحرك السياسة الأميركية تجاه لبنان وفلسطين
"
جون ميرشايمر
جون ميرشايمر: نحن نقيم حجتنا أنا وستيفن على أساس الأدلة التي تقول إن اللوبي يدعم السياسات الإسرائيلية بشكل كبير ويدعم أو يحرك السياسة الأميركية تجاه لبنان وإسرائيل مستندين إلى نقطتين، أولا إذا ما نظرت إلى التفسير البديل والقول بأن أميركا تقوم بما تقوم به لأسباب أخلاقية واستراتيجية أو لأن الرأي العام يطلب من أن تكون سياساتنا داعمة لإسرائيل لا تجد الكثير من الأدلة على ذلك، لكن لو طرحنا السؤال لماذا الولايات المتحدة تدعم إسرائيل هذا يؤدي إلى البعد الآخر في محاججتنا والتي تبين وجود أدلة كبيرة على أن اللوبي منذ بدء الحرب في الثاني عشر من تموز/ يوليو إلى انتهائها في الرابع عشر من أغسطس فعل الكثير للحصول على دعم أميركا لإسرائيل، إذاً هناك غياب لتفسيرات بديلة مقنعة أولاً وبالمقابل هناك الكثير من الأدلة على أن اللوبي كان يدفع بالسياسة الأميركية لتدعم إسرائيل في لبنان.

ستيفن والت: إذا كان لي أن أضيف هناك أيضاً سلسلتين واضحتين من الأحداث، أولاً أحد أعضاء الكونغرس كريستوفر رانهالن بعث برسالة إلى كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية يقول فيها بشكل لطيف إن سياسات إسرائيل الآن قد تجاوزت الحد وآن الأوان لوقف إطلاق النار على أميركا أن تدفع بذلك الاتجاه، على الفور استُهدف من قِبل (AIPAC) والمجموعات الأخرى وأصروا على عقد لقاء معه وشرحوا له إن ما قاله من تعليقات يخرج عن الحدود المقبولة وأيضاً قالوا إنه يغطي انتقادات لإدارة بوش بانتقادات لإسرائيل وأيضاً قيادات لمجموعات أخرى قالوا هذا ليس كافياً قالوا سنُبقي على مراقبتنا له، هذا يدل على مدى الضغوط التي يتعرض لها السياسيون إذا ما أظهروا أي رأي عارٍ عن الدعم الكامل لإسرائيل.



دوافع السياسة الأميركية ومستقبل اللوبي اليهودي

حافظ المرازي: لكن هناك فارق بين أن يكون هناك انتقادات للسياسة الأميركية أو للأسلوب الذي تم في حرب لبنان وهل هو يخدم حتى مصالح إسرائيل أم لا وبين الموقف من دراسة عن تأثير اللوبي الإسرائيلي على أميركا، أحد الذين وضحوا ذلك هو آرون ديفد ميلر الآن في معهد ويدرو ولسون ومن قبل معروف أنه رقم اثنين في فريق عملية السلام في الخارجية الأميركية بعد دنيس روس، نستمع إلى ما قاله لنا آرون ميلر حين طلبنا منه أن يعلق على هذه الدراسة.

[شريط مسجل]

أرون ميلر: أعتقد أنه عامل مؤثر فلا يمكنك تجاهل وجود جالية يهودية كبيرة وثرية في الولايات المتحدة لديها السبل والإمكانات والحق في التوسط أو اللوبي لصالح إسرائيل وتحاول التأثير على المسؤولين في الكونغرس والإدارة، في الوقت ذاته الرأي السائد في العالم العربي والرؤية الواضحة للأستاذين ميرشايمر ووالت مبالغ فيها ومضخمة بل وتصل إلى حد التطرف، إن ما يحرك العلاقة الأميركية الإسرائيلية ليس وجود خمسة ونصف مليون أميركي يهودي بل هو الرأي السائد لدى أغلبية الأميركيين وكما تُظهر استطلاعات الرأي الواحد بعد الآخر أن أغلب الأميركيين يعتقدون سواء كانوا على صواب أو خطأ بأن الإسرائيليين المنتمين لنظام ديمقراطي غربي الطراز قائم على القيم اليهودية المسيحية المشتركة، هم قريبون للأميركيين بشكل أو بآخر، بالتالي فإن الأميركيين يشعرون بارتياح تجاه الإسرائيليين ويتعاطفون معهم ويشعرون بهم وبمحنتهم وأعتقد أنه من الواضح جداً في أبحاثي، حيث أكتب كتاباً عن أميركا والنزاع العربي الإسرائيلي والواضح من حديثي مع المسيحيين الإنجيليين كمّ الدعم الهائل جداً الذي بدا لي من جانبهم لإسرائيل، بل إنه أكثر تماسكاً وأقل اختلافاً بينه عما هو الحال داخل الجالية اليهودية الأميركية.

حافظ المرازي: أستمع إلى تعليق البروفيسور ميرشايمر على ذلك.

جون ميرشايمر: أعتقد أن لا يوجد شك في أن ما قاله أرون ميلر حول المسيحيين المتصهينين فيه أي خطأ، فيمكن أن نقول إنهم أكثر تعنتاً في دعمهم لإسرائيل من الجالية الأميركية اليهودية لكن عندما يتحدثوا عن الرأي العام بنطاقه الواسع أعتقد أنه مخطئ في ذلك فعدد من المسوحات واستطلاعات الرأي التي أجريت أثناء حرب لبنان سألوا فيها الرأي العام الأميركي حول مَن بدأ الحرب؟ وماذا كانوا يرونه؟ نجد أن هناك حوالي 35% اعتقدوا أنه لم يكن أي من الطرفين مسؤول عن بدء الحرب، لم يكن بعبارة أخرى لا حزب الله ولا الإسرائيليين هم المسؤولين عن بدئها، وإذا ما رأينا كيف شعر الرأي العام الأميركي حول كيفية موقفنا من الحرب لا تجد أي أدلة على أن الرأي العام الأميركي واقفاً 100% وراء إسرائيل، الكثير من الأميركيين قالوا إننا يجب أن لا نأخذ لا جانب إسرائيل ولا الجانب الآخر، إذاً إن الرأي العام الأميركي حسب وجهة نظري لا يبين بأي طريقة معنوية ما هي السياسة الأميركية التي يجب أن تتم، النقطة الأخرى كما رأيت إلى مواقف الرأي العام الأميركي فيما يخص النزاع الإسرائيلي الفلسطيني منذ بداية التسعينيات لم يكن أبداً هناك حالة إن أكثر من 50% من الأميركيين يقفون إلى جانب إسرائيل، دائماً نسبة التأييد كانت أقل من 50%، نعم هم متعاطفون لكنهم ليسوا بالطريقة التي تصوَّر.

"
الدعائم التي تُقدم لإسرائيل هو أن مجموعات اللوبي تعمل بجهد كبير لإظهار إسرائيل بطريقة تتواءم مع وجهات الرأي العام وهذا يعني وضع ضغوط على وسائل الإعلام الأميركية لعدم إظهار ما تقوم به إسرائيل
"
   ستيفن والت
ستيفن والت: وإذا ما كان لي أن أضيف وإنما كمعنى تفسير لذلك، إحدى دعائم الدعم الشعبي لإسرائيل هو أن مجموعات اللوبي تعمل بجهد كبير لإظهار إسرائيل بطريقة تتواءم مع وجهات الرأي العام وهذا يعني وضع ضغوط على وسائل الإعلام الأميركية لعدم إظهار ما تقوم به إسرائيل، مثلاً ردود الفعل على مقالنا دليل على ما نقول إذا ما شكك أحد في دعم إسرائيل أو نشاطات اللوبي الإسرائيلي يتعرض المرء لهجوم وغالباً ما يكون هجوما بطريقة سيئة، صحيح ربما إن هناك نوع من الدعم لدى الرأي العام والسبب في ذلك إن اللوبي كان ناجحاً في تسويق هذه الرؤية والتأثير في الرأي العام وأيضاً أظهرت استطلاعات الرأي أن الشعب الأميركي يؤيد فرض الضغوط على إسرائيل إذا ما كان ذلك يؤدي إلى اتفاق سلام، هذا بالنسبة للنُخب الأميركية وأيضاً الذين يجب أن يستخدموا النفوذ الأميركي ليفعلوا ذلك، لكن لا ترى أساس الأميركيين يفعلون ذلك، إذاً الشعب الأميركي يريد سياسة أكثر توازناً ولا يريد الانحياز لإسرائيل، بل يجب أن تكون سياساتنا منحازة لمطالب الرأي العام وليس للوبيات.

حافظ المرازي: من هنا يقول دنيس روس في رده عليكما في مجلة (Foreign policy) السياسة الخارجية في عدد يوليو/ أغسطس بأن المهم هو العقلية والزعامة وليس مسألة اللوبي، مَن يحكم في أميركا وأي عقلية تؤثر، السياسة الخارجية يشكلها الزعماء والأحداث وليس جماعات اللوبي، يقول، حقيقة الأمر هي أن اللوبي الإسرائيلي لا يحصل دائماً على ما يريد فقد فشل في منع عدة صفقات كبيرة لبيع السلاح إلى دول عربية وفشل في نقل السفارة الأميركية بإسرائيل من تل أبيب إلى القدس وفشل في منع إدارة كلينتون من صياغة مشروع سلام كان من شأنه تقسيم القدس إلى شطرين، في الواقع يحدث أبداً خلال الفترة التي قدت فيها المفاوضات الأميركية لعملية سلام الشرق الأوسط أن اتخذنا خطوة لأن اللوبي أرادنا أن نتخذها ولم نحجم عن أي خطوة لأن اللوبي عارضها غير أن هذا لا يعني أن الـ (Aipac) وغيرها بدون تأثير، إن لديهم تأثيراً لكنهم لا يتلاعبون بالسياسة الأميركية أو يُقوِّدون المصالح الأميركية فقد اقتنع الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون على السواء بالعلاقة الخاصة مع إسرائيل لأن القيم مهمة في السياسة الخارجية وهو ما يدركه صانعو السياسة وإن لم يدركه والت وميرشايمر.

ستيفن والت: سأقول عدة نقاط، أولاً بكل احترامنا لدنيس روس يجب أن لا ننسى أنه يعمل لمؤسسة واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهي مركز أبحاث تم إيجاد تشكيله للترويج لمصالح إسرائيل في الولايات المتحدة، إذاً هو ليس مراقِباً محايداً أو موضوعياً هذه النقطة الأولى، ثانياً اللوبي لا يحصل على كل ما يريد وحول كل قضية خاصة فيما يخص القضايا الصغيرة، مثلاً أمور حدثت قبل عشرين سنة مثل مبيعات السلاح إلى إسرائيل، لكن حول القضايا المهمة له تأثير كبير وهدفه الأساسي هو ضمان إن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل برغم كل ما تقوم به إسرائيل إذا ما تستمر في احتلالها للجولان أو غير ذلك يبقى الدعم الأميركي، هذا هو الهدف الأساس وحقيقة أن اللوبي لا يسيطر على كل شيء بالتأكيد هو صحيح لكننا لا نزعم إنه يفعل ذلك أصلاً، إذاً هو يبالغ قليلاً في هذه النقطة، أيضاً هو يقول وأنا أذكِّر الجميع أن كل الرؤساء الأميركيين منذ ليندن جونسن بما في ذلك كلينتون عمل بشكل علني وقال إنه يقف ضد السياسات الاستيطانية الإسرائيلية باعتبارها عقبة للسلام لكن لم يقم أي رئيس أميركي بأي شيء مهم أو جوهري أو دائم وعبارة وعدا ذلك استمرت الولايات المتحدة في تمويل الاستيطان، إذاً.. علينا أن نتساءل لماذا كان ذلك؟

جون ميرشايمر: هناك نقطة سريعة فيما يخص النقطة الأولى التي قالها ستيف حول موقع ستيف أو دنيس روس في هذه اللوبيات، قال إنه ودنيس روس والمفوضية إدارة الآخرين تصرفوا باعتبارهم محامين يدافعون عن إسرائيل أكثر مما ينبغي، إذاً ما كان يقوم به دنيس روس وفقاً لأقوال أرون ميلر لم يتحدث كنائب أو مدافع عن مصالح أميركا بل محامي ومدافع عن مصالح إسرائيل هذا دليل كافي على أن دنيس روس هو عضو مركزي في هذا اللوبي وأيضاً إذا ما فحصت أوضاع إدارة بوش والبيت الأبيض ترى أن آلية إبراهام وديفد ورمسر كلاهما يتفانى في دعم إسرائيل وربما هما بعد الرئيس ونائب الرئيس الشخصيتين اللتين تصنعان سياسة أميركا في الشرق الأوسط وأريد أن أضع التوكيد هنا إننا لا نقول إن روس أو ورمسر لا يوليان ولاءً كافيا للولايات المتحدة بل هم قالوا إنهم بفعل ما يفعلون يدفعون المصالح القومية الأميركية أيضاً لكننا نقول إننا في النهاية الحقائق السياسية تتشكل بالآراء آراؤهم هم وأيضاً المصالح الأميركية، هذا مشروع لكنه مشروع لنا أن لا نتفق معه أيضاً.

حافظ المرازي: بالطبع يعني أنا كما ذكرت لكما في بداية البرنامج أو قبله أنا في موقف صعب أن ألعب محامي الشيطان معكما وأيضاً أن نستمع إلى طرحكما، هناك بالتأكيد في العالم العربي شبه إجماع على هذا التأثير لكن هناك مَن يرى بأن هذا الإجماع هناك فيه مبالغة لأن العرب يريدون وربما هذا سنناقشه مع ضيوفنا في الجزء الثاني من البرنامج، يريدون أن يخففوا العبء عن نفسهم وطرف آخر يقول إلقاء اللوم على اللوبي الإسرائيلي هذا غسيل ليد الولايات المتحدة ودورها الاستعماري الجديد في المنطقة ومصالحها، إسرائيل مجرد تقوم بدور لصالح أميركا وليس العكس، أحد هؤلاء شخصية لا أحد يمكن أن يشكك في مواقفه تجاه المعارضة للسياسات الإسرائيلية والأميركية مثل ناعوم شومسكي من (M.I.T.)، ناعوم شومسكي كتب على الإنترنت تحت عنوان لوبي إسرائيلي متسائلاً، يقول إن التحالف الأميركي الإسرائيلي تعزز بالتحديد حين أسدت إسرائيل خدمة كبيرة لشركات الطاقة السعودية والأميركية وذلك بسحق الحركة القومية العربية العلمانية، يقصد عبد الناصر التي كانت تهدد بتحويل الموارد لسد الاحتياجات المحلية وهو التوقيت نفسه الذي بدأ معه ازدياد قوة اللوبي، اليسار الأميركي يقول المسألة هو لوبي النفط وأن حين ضُربت الحركة الناصرية في 1967 هنا اعتبرت أميركا أن لديها حليفاً تعتمد عليه هو إسرائيل وهنا بدأ اللوبي ينشط فقط لأنه أثبت أنه يستطيع أن ينفذ المهام، بروفيسور والت أو بروفيسور شايمر، تفضل.

ستيفن والت: نعم، هذه حجة معروفة حول ما هو الذي يدفع السياسة الأميركية؟ هل هي مصالح شركات نفط والشركات الكبرى والبروفيسور شومسكي دافع على وجهات نظر مثل هذه لكننا نختلف معه، نقول إن لو أن شركات الطاقة وشركات النفط ودوافعها كانت هي وراء السياسة الخارجية الأميركية والتي تشكل سياساتنا تجاه الشرق الأوسط لا ترى الولايات المتحدة أولاً تقف إلى جانب الفلسطينيين لأن هذا سيأتي علينا بالدعم في العالم العربي ولن نقوم بغزو العراق ولا ترانا نشتري نفط العراق ولا نهدد إيران بتغيير نظامها وبالعكس نتقرب من إيران لأنها غنية بالنفط والغاز الطبيعي، إذاً لو كانت مصالحنا مدفوعة بشركات النفط ستكون لنا سياسة خارجية مختلفة تماماً في الشرق الأوسط، فإذاً نحن نختلف مع وجهة نظر تشومسكي بأن إسرائيل مجرد أداة للرأسمالية الأميركية، الأمر ليس كذلك.

حافظ المرازي: الكلمة الأخيرة سآخذها من البروفيسور ميرشايمر في هذا البرنامج من أين ننطلق أو إلى أين نحن ذاهبون؟ وما مدى تفاؤلك أو تشاؤمك من جدوى هذه الدراسة لكسر حاجز الصمت حول النقاش حول هذا الموضوع في أميركا؟

جون ميرشايمر: دعوني أعطيكم قصة تنُم عن تشاؤم وأخرى عن تفاؤل، التشاؤم يقول إن اللوبي الإسرائيلي موجود هنا ليبقى للمستقبل منظور فهو مؤسسة قوية ولن يختفي ببساطة وبإمكان المرء أن يحاجج قائلا بأنه سوف يستمر في دفع الولايات المتحدة باتجاهات ليست في صالح المصالح القومية الأميركية وقد شددنا نحن أيضا أنا وزميلي بأن هذا ليس بصالح إسرائيل أيضا، إذاً هذه هي القصة المتشائمة، أما السيناريو المتفائل يقوم على الآتي، نعم اللوبي سيبقى قويا لكن الآن يتوضح بشكل لا لبس فيه للإسرائيليين ولقيادة اللوبي أن السعي وراء سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل التي دعمته الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى العقود القليلة الماضية يأتي بنتائج وعواقب سيئة لإسرائيل وللولايات المتحدة، انظروا إلى الحرب الأخيرة في لبنان في البداية كلٌ من إسرائيل والولايات المتحدة قالوا كلانا سنذهب ونكسب هذا النصر الكبير ونعزز المكانة الاستراتيجية لإسرائيل وأميركا، لكن العكس حدث، أولمرت قال إن لديه الحل الأمثل للتعامل مع المشكلة الفلسطينية انسحب من غزة ثم سيترك معظم الضفة الغربية ويعيش بسعادة إلى الأبد بعد ذلك، لكن ما حدث أن الفكرة كلها قد تراجعت، إذاً بإمكان المرء أن يقول إن الوقت قد حان لإسرائيل وللوبي الإسرائيلي ليعيدوا النظر في السياسات التي دافعوا عنها طوال الوقت ونأمل من أن نرى تغيرا وسيرا باتجاه إيجابي لكنني لا أعتقد أن اللوبي سيختفي أو يقلّ تأثيره في المستقبل المنظور على الأقل.

حافظ المرازي: دكتور جون ميرشايمر شكرا جزيلا لك، دكتور ستيفن والت شكرا جزيلا لحضوركما معا في برنامجنا من واشنطن وأيضا لحضوركما كضيوف لواشنطن لتتحدثا في عرين الأسد عن آرائكما بكل جرأة، أشكركما شكرا جزيلا، سنعود في برنامجنا من واشنطن بعد قليل لنقاش عربيٍّ.. عربي حول تأثير اللوبي وهل العرب يريدون أن يعفوا أنفسهم من مسؤولية أخطاء في العلاقة الأميركية العربية حتى يتمكن هذا اللوبي من أن يفعل ما يفعل؟ نقاشنا سيكون مع ضيفينا في الجزء الثاني بعد فاصل قصير في برنامج من واشنطن فأرجو أن تبقوا معنا.



[فاصل إعلاني]

العرب ومواجهة النفوذ الإسرائيلي في أميركا

حافظ المرازي: مرحبا بكم معنا مرة أخرى في هذه الحلقة من برنامج من واشنطن، بالطبع تأثير اللوبي الإسرائيلي وجماعات الضغط الموالية لإسرائيل على السياسة الخارجية الأميركية خصوصا في المنطقة وفي الشرق الأوسط موضوع تناقشنا فيه ونخصص له هذه الحلقة من البرنامج في الجزء الأول تابعنا مع الأستاذين والت وميرشايمر من جامعتي هارفارد وشيكاغو، الدراسة الجريئة التي جلبت عليهما ضجة ومشاكل في أميركا لكن الموضوع كان فيه جرأة في التناول ونقاش، هذا النقاش امتد حتى اليوم الاثنين ونحن نقدم هذه الحلقة على الهواء بندوة قد نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (Care) في نادي الصحافة القومي الأميركي وتحدث فيها الأستاذان حول مظاهر هذا التأثير للوبي الإسرائيلي في الحرب الأخيرة على لبنان وكيف كان هناك تأثير على السياسة الأميركية في مجريات تلك الحرب بما فيها التهديد باستخدام الفيتو أو حق النقض في الأمم المتحدة لمشروعات لا ترغب فيها إسرائيل، يسعدني في الجزء الثاني من البرنامج ونحن نناقش على المستوى العربي هذا التأثير هل هو مبالَغ فيه؟ وهل يُعفي الدول العربية من دورها سواء في التعامل مع واشنطن أو حتى على الأقل في عدم التعامل؟ أرحب بضيفيّ الأستاذ نهاد عوض مدير مجلس العلاقات الأميركية (Care) وهي المؤسسة التي استضافت البروفيسير ميرشايمر ووالت إلى العاصمة واشنطن ومعي من فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا أرحب بالدكتور أسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسية الزائر بجامعة كاليفورنيا بيركلي والأستاذ بجامعة ولاية كاليفورنيا، مرحبا بكما وربما أبدأ بأستاذ نهاد عوض أولا عن لماذا قررتم أن تستضيفوا هذه الندوة وربما البعض يقول هذا مرة أخرى خلط بأن المسلمين الأميركيين وجالياتهم لديهم مشكلة مع اليهود الأميركيين ويريدون أن يجلبوا الحرب إلى هنا في أميركا؟

نهاد عوض – مدير مجلس العلاقات الأميركية (Care): شكرا أستاذ حافظ، الحقيقة الهدف من هذه الندوة التي تعتبر اختراقا إعلاميا داخل منظومة واشنطن حيث عرضتها شبكة السيسبان بث نقل مباشر بكافة وقائع ما قيل في هذه الندوة، الهدف منها هو كما معروف توعية المجتمع الأميركي بأن سياستنا تجاه السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط ليست مستقلة وليست بدون تأثيرات محلية ليست في صالح لا الولايات المتحدة ولا المجتمع الأميركي وذكرت أنا اليوم في افتتاحية الندوة بأن العالم يتساءل مسلمون وعرب من فلسطين من غزة من القطاع من السعودية للإمارات إلى المغرب وإندونيسيا يتساءلوا، لماذا تقف الولايات المتحدة مع إسرائيل بغض النظر عما تقوم به إسرائيل؟ لماذا لدينا مكيالين بتصنيف الإرهاب إرهاب الأفراد والدولة للمسلمين والعرب والدفاع عن النفس عندما نتحدث عن إسرائيل؟

حافظ المرازي: بسبب تأثير اللوبي الإسرائيلي.

نهاد عوض: واضح أن اللوبي الإسرائيلي له تأثير قوي وواضح وجليّ على قرار السياسيين الأميركيين في تعاطيهم مع ملف الشرق الأوسط..

حافظ المرازي: وهذا ما أوضحه الضيفان في الجزء الأول من البرنامج، دعني أرجو أن تبقى معنا بالطبع لنتابع وجهات النظر الأخرى من المنطلق العربي أيضا وليس من المنطلق الذي.. الإسرائيلي أو المؤيد لإسرائيل، دكتور أسعد أبو خليل له وجهة نظر معاكسة كتبها في مقال له وأسمع وجهة نظر الدكتور أسعد أبو خليل، أليس هو الواقع بأن اللوبي الإسرائيلي هو النافذ في هذه السياسة الأميركية دكتور أسعد؟

"
أميركا تعتمد على التقليل من حجم اللوبي ذي النفوذ الهائل وإلى حد يعني إنكار وجوده بحد ذاته أو حتى إلى درجة جعل الحديث عن اللوبي من المحظورات الأميركية
"
 أسعد أبو خليل
أسعد أبو خليل – أستاذ العلوم السياسية الزائر بجامعة كاليفورنيا: يعني أنا أدعو ألا يطرب العالم العربي لهذا الدراسة ومجرد حدوثها ولمنظمات العربية والإسلامية مثل (Care) أسبابهم في الاحتفاء بهذه الدراسة وذلك بسبب قرب صلتهم بالأنظمة العربية التي تحاول المبالغة في دور اللوبي الصهيوني، عليّ أن أقول بدايةً إن الحديث عن اللوبي يتطلب الدراسة المعمقة وغير لمبسطة لعملية صنع القرار في السياسة الخارجية إذ أن هناك عملية تبصيل واختزال للسياسة الخارجية الأميركية إما عبر الاعتماد على نظرية اللوبي المسيطر على كل مقدرات السياسة الخارجية وإما على أساس الاعتماد على اختزال كل عملية صنع القرار بشركات النفط، أنا أقول إن العملية معقدة وتعتمد على عناصر متعددة، في موضوع هذا اللوبي أقول هناك يعني مغالطتان، مغالطة أميركية ومغالطة عربية في هذا الموضوع، المغالطة الأميركية تعتمد على التقليل من حجم هذا اللوبي ذو النفوذ الهائل وإلى حد التعمية وإلى حد يعني إنكار وجود هذا اللوبي بحد ذاته أو حتى إلى درجة جعل الحديث عن اللوبي من المحظورات الأميركية وهذا يفسر بعض ما جاء من تجاهل أو إدانة مُطبقة لهذه الدراسة التي صدرت عن الضيفين السابقين ولكن في المقلب الآخر هناك خطورة شديدة في الاحتفاء المبالَغ به في العالم العربي لهذه الدراسة التي تحتوي على مغالطات عديدة، أنا أقول إن المبالغة في حجم اللوبي الصهيوني يهدف فيما يهدف إلى عملية تبرئة ذمة الولايات المتحدة وكأن الرئيس الأميركي كائنا مَن كان ديمقراطيا كان أم جمهوريا، تبرئة ذمة هذا الرئيس وكأنه قد أُرغم رغم أنفه للسير بسياسة خارجية معادية للمصالح الأميركية وذلك بتزاوجها مع إسرائيل، أنا أقول على العكس من ذلك، يعني هناك بعض من المستعربين والذين لهم نفوذ في أوساط المنظمات العربية الأميركية في واشنطن والتي تعتمد على عملية المبالغة وذلك.. يعني لإحداث نوع من الحجة لوجودها كي تقول للأنظمة العربية انظروا ماذا نفعل، علينا مقارعة اللوبي ولكن بالرغم من الملايين الدولارات التي أُنفقت أو أُهدرت على هذه المنظمات فليس هناك من وجود أي لوبي عربي إلا إذا أردنا يعني الكلام الكوميدي النزعة، إن بعض المستعربين المتقاعدين يحاولون إقناع الرأي العام العربي بأن سياسة أميركا مسالمة حول العالم وأن هناك استثناء وحيد وأنه لولا إليوت برامز ولولا جون بولتن في الأمم المتحدة فإن كل شيء يكون على ما يرام، أنا أقول لا، إن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تنسجم تمام الانسجام مع سياسة أميركا في كل بقع العالم وذلك سياسة تعتمد على الجو وعلى الطغيان وعلى المصالح الاقتصادية وأنا أقول خلافا لما قال الضيفان الكريمان من قبلي بأن الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان تدحض بما لا يقبله الشك نظرية اللوبي الإٍسرائيلي لأننا وجدنا بأن أميركا كانت أكثر حماسا لخوض إسرائيل هذه الحرب وكانت متمسكة بإطالة أمدها العدواني وذلك من أجل تقديم مساعدة لما يسمى بحرب أميركا على الإرهاب وأقول أكثر من ذلك..

حافظ المرازي [مقاطعاً]: طب، دكتور أسعد، تفضل.

أسعد أبو خليل [متابعاً]: بس لحظة، ملاحظة أخيرة أخ حافظ..

حافظ المرازي: تفضل.. تفضل..

أسعد أبو خليل: يعني هناك في العالم العربي ممَّن يعتمد من أنصار هيكلي يعني ممن يعتمد بأن الرئيس الأميركي مرتَهن للوبي وذلك بسبب أموال الحملات الانتخابية بالإضافة إلى ما يسمى بأموال لجان الانتخابات التي تعطي الأموال للمرشحين والمرشحات وأن الرئيس مرتَهن في أن ماذا عن الرئيس الذي يخدم في دورة ثانية مثل الرئيس بوش أو الرئيس كلينتون، في العالم العربي كان دائما هناك يشاع بأن لو نحن انتظرنا للدورة الثانية فإن كل شيء يكون على ما يرام..

حافظ المرازي: فالفترة، نعم.

أسعد أبو خليل: وهذا لم يحدث.

حافظ المرازي: وهذا لم يحدث، طيب أسمع وجهة نظر الأستاذ نهاد عوض.

نهاد عوض: الحقيقة أننا نحن بين نارين، نار التبسيط والتسطيح ونار المبالغة، نحن نقول إن اللوبي الإسرائيلي والموالي لإسرائيل بكافة فئاته سواء اليهود الأميركيين في اللوبي الإٍسرائيلي أو الموالين لهم من المسيحيين المتصهينين لديهم نفوذ لا شك فيه ونافذ، لكن لا نقول إن هذا يعني لتبرئة ذمة الدول العربية أو حتى المسلمين العرب من القيام بواجبهم الذي جرى اليوم..

حافظ المرازي: لكن اللي بيقوله أسعد هو إن هذه سياسة إمبراطورية، الإمبراطورية لها سياسة خارجية أحيانا تكون وحشية وقاسية خارج حدودها لتحقق مصالحها، مَن يحقق مصالحها إذا كانت إسرائيل ستكون إسرائيل؟ لا توجد إسرائيل في أميركا اللاتينية وإدارة ريجان قامت باسم مكافحة الإرهاب ضد الكنيسة الكاثوليكية، إذاً المسألة بالنسبة لهم لا تعني مَن اللوبي.. اللوبي هذا ربما صدفة أنهم المصالح مع بعضها البعض؟

نهاد عوض: المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة كإدارة كدولة لها وتحاول أن ترعى مصالح استراتيجية في المنطقة ومصلحة إسرائيل تتنقادان، هذا هو زبدة هذه الورقة التي قدماها..

حافظ المرازي: ميرشايمير ووالت، نعم.

نهاد عوض: الأستاذين، النقطة الثانية أن أخلاقية إسرائيل في التعامل مع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن نعطيها صفة أخلاقية وبالتالي هذه الورقة تحاول أن توعِّي المجتمع الأميركي ونحن لم نقدم هذه الندوة للمجتمع والرأي العام العربي هدفنا ونُقلت بث مباشر للمجتمع الأميركي لأن يدركوا أن السياسة الخارجية يجب أن تُنظَّف ويجب أن يكون هناك سيادة مستقلة داخل المجتمع الأميركي فيما يتعلق بسياسة أميركا في الشرق الأوسط، المواطن الأميركي العادي لا يربأ ولا يهتم بالسياسة الخارجية كما يهتم بسياسات الضرائب وتوفير الصحة والأمن القومي كما يهتم بالسياسة الخارجية فالهدف منها هو توعية هذا المجتمع لإدراك أن هناك نفوذ غير.. يعني منصف وغير عادل لمصلحة المجتمع الأميركي، أخيرا هناك حملات علمية طوَّرها اللوبي الموالي لإسرائيل للتأثير في الانتخابات الأميركية لا يستطيع أي مرشح مناهض لإِسرائيل أن ينجح في هذه الانتخابات بسبب الدعم المالي والتنظيمي الهائل الذي يقوموا به..

حافظ المرازي: طيب، أنا معي دقيقة دكتور أسعد أبو خليل سأعطيها لك لأن تُجمل لنا ليس فقط ما الخطأ في ذلك ولكن ما العمل إذاً أنا مشاهد عربي بأتفرج، أنت تقول لي لا ليس اللوبي هذه أميركا، ما العمل؟

أسعد أبو خليل: يعني العمل هو عملية عدم اختزال صنع السياسة الخارجية الأميركية إما بنظرية اللوبي أو النظرية الدراجة هذه الأيام بأن المحافظين الجدد وكأن هناك عدد محدود من المحافظين الجدد وهم يسيِّرون شؤون ومقدرات السياسة الخارجية الأميركية، يجب علينا أن نفهم وأن يعني نقبل الفكرة بأنه هذه السياسة هي سياسة أميركية إمبراطورية تسعى إلى نشر طغيان الولايات المتحدة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا رغم أنف الشعوب في كل بقاع العالم.

حافظ المرازي: وكيف يمكن أن نغيرها؟

أسعد أبو خليل: يمكن أن نغير ذلك أولا بفهم حقيقي وواقعي لي لمصالح الولايات المتحدة التي تتعارض مع المصالح العربية وثانيا إن عملية الفهم تؤدي إلى عملية الرفض لأن عملية الرفض هي أساسية خصوصا وأن هناك مَن يحاول أن يصور بأن مقدرات اللوبي هي قوية لدرجة لأنه لا يستطيع أحد أن يعارض مشيئتها، كما جرى في لبنان وفي فلسطين تستطيع الإرادة المعارضة والمقاومة أن تعارض مشيئة أعتى الجيوش العسكرية.

حافظ المرازي: شكرا جزيلا لك دكتور أسعد أبو خليل، يرى أن الحل هناك في المنطقة العربية بفعل توازنات القوى وماذا يمكنك أن تفعله، الأستاذ نهاد عوض يرى أن هناك جانبا على الجالية أن تظهره إذا كان هناك تحيز أو مَن يخدم ضد المصلحة الأميركية إن كنا سنحتكم إلى المواطن الأميركي الذي بيده من خلال صناديق الانتخاب أن يغير صانع القرار يدرك هل هذا السياسي يعمل لصالحه أم لصالح دولة أخرى، اللوبي المؤيد لإسرائيل في أميركا نقاش لا يتوقف وإن كان في الإعلام الأميركي نقاش طارئ جدا بسبب دراسة أستاذيّ هارفارد وشيكاغو الذين كانا معنا في الجزء الأول من برمجنا، أشكركم وأشكر ضيوفي في هذه الحلقة وأشكر فريق البرنامج برنامج من واشنطن ونعتذر عن بعض المشاكل التقنية في هذه الحلقة على الهواء والتي نحاول أن نصلحها في إعادة البرنامج غدا، هذه تحيات فريق البرنامج في الدوحة وفي واشنطن وتحياتي، حافظ المرازي.