خمسة اسباب وراء زيارة الجبير المفاجئة وغير المعلنة الى العراق.. وهل تعكس تراجعا سياسيا سعوديا؟ وما علاقة سورية و”الدولة الاسلامية” فيه؟ واين ايران من كل هذا؟

jobar-abadi.jpg777

العراق يعتبر البوابة الاقصر والاوسع للوصول الى طهران، وهذا ما يفسر الزيارة غير المعلنة التي قام بها اليوم السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، والتقى خلالها نظيره ابراهيم الجعفري، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، واكد في كل مباحثاته على رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، ومواجهة الارهاب الذي يهدد المنطقة، وتقديم دعم سعودي لمشاريع اعادة اعمار المناطق المحررة من “الدولة الاسلامية” في الموصل وغيرها.

الزيارة جاءت مفاجئة بالنظر الى العلاقات المتدهورة، بل وشبه المقطوعة بين البلدين، حيث بلغ التوتر ذروته اثناء تغريدات استفزازية للسفير السعودي الاول في العراق بعد انقطاع سنوات، ثامر السبهان، التي وصفت بالطائفية لانتقاده الحشد الشعبي العراقي، ذو الاغلبية الشعبية، مما دفع السعودية الى سحبه حفاظا على حياته بعد تهديدات تعرض لها، وبعد ان اعتبرته الحكومة العراقية شخص غير مرغوب فيه.

هناك عدة اسباب تقف خلف هذا التحول اللافت في الموقف السعودي تجاه العراق:

  • الاول: عودة السلطات العراقية الحاكمة الى التمسك في حربها ضد الارهاب، واستعادة العديد من المدن العراقية التي كانت خاضعة لـ”الدولة الاسلامية”، وتحقيقها تقدم كبير في حربها لاستعادة مدينة الموصل.

  • ثانيا: اقدام الطائرات العراقية على توسيع نطاق عملياتها بدعم من امريكا وايران وسورية، حيث قامت بقصف قواعد لـ”الدولة الاسلامية” في مدينة بوكمال الحدودية وداخل الاراضي السورية، مما يعني ان هناك دورا للحكومة العراقية يحظى باتفاق قوى اقليمية ودولية في سورية، وربما في انتقال الجيش العراقي الى حرب تحرير الرقة بعد الموصل لاحقا.

  • ثالثا: شن قوات تابعة لـ”الدولة الاسلامية” هجوما على مركز طريبيل الحدودي بين العراق والاردن، وقتل العديد من الجنود فيه، وهو معبر قريب من الحدود السعودية، وهناك تقارير تفيد بأن عناصر “الدولة” باتت نشطة في منطقة الانبار المحاذية للاراضي السعودية الشمالية.

  • رابعا: ادركت القيادة السعودية ان سياسية “الحرد” والدخول في نزاعات مع دول الجوار على اسس طائفية على درجة كبيرة من الخطورة، ولا بد من “المرونة”، فعلاقاتها مع سورية سيئة، وتخوض حربا مع اليمن، وعلاقاتها مع ايران متوترة، ومع العراق شبه مقطوعة.

  • خامسا: ادركت السعودية ان العراق وايران سيلعبان دورا اقليما قويا في المستقبل المنظور، خاصة على صعيد التسوية في سورية، وتدرك جيدا ان الحوار مع ايران هو السلم الوحيد للخروج من حفرة اليمن، وقد يكون العراق الوسيط الامثل في هذا الصدد.

خلاصة القول ان زيارة الجبير غير المعلنة لبغداد قد تكون ثمرة مراجعات سياسية سعودية، ومحاولة لكسر العزلة الاقليمية، واعتراف بفشل سياسات صدامية على اسس طائفية تبنتها المملكة طوال السنوات الماضية، حيث ان الجبير هو اعلى مسؤول يزور بغداد منذ عام 2003.

انها زيارة تعطي مؤشرا بأن صوت العاقل الحكيم في الهرم الحاكم في الرياض بدأ يجد آذانا صاغية لوجهة نظره، التي تميل الى المرونة والابتعاد عن الصدامات، وضرورة العودة الى الضوابط والمعايير السياسية و”الاخلاقية” التي كانت متبعة في المملكة منذ تأسيسها.

“راي اليوم”