أصابني أرقٌ عارض بسبب ضيق عابر، فقال لي صديق: إذا آويت إلى فراشك فاندمج في تسبيح دائم ولا تنشغل بعدده، قل: سبحان الله سبحان الله.. حتى تتعب.. حتى تنعس.. حتى تنام!
من شاهد مسلسل " التغريبة الفلسطينية " ربما يذكر مشاهد " رشدي "، ابن " خضرة " والعبد شهيد ثورة الثلاثينات، وهو يعبر الخط الأخضر بعد احتلال الضفة عام 1967 بمساعدة شاب من فلسطين المحتلة عام 1948، ليرى أمه التي فرقت النكبة بينهما، فخرج مع أخواله إلى المنفى حيث أقاموا في مخيم طولكرم ، وبقيت أمه وراء الحدود، وانتهى بها الأمر إلى الإقامة في " أم الفحم " .
تلك المشاهد بنيت من تجربتي تلك .
سعى التونسيون لحل مشكلاتهم السياسية بالطرق السلمية من خلال آلية التوافق والتسويات، بعيدا عن العنف والإقصاء. ولعل هذا ما يعطي مشروعية الحديث عما يمكن تسميته الاستثناء التونسي.
آلام وصرخات الفلسطينيين لم تجد الآذان إلاّ في كان غانا 2008، كان لا بد لأبو تريكة الذي عشقه الفلسطينيون والعرب أكثر من كره نظام السيسي الانقلابي له، موقف التضامن الجليل لأبو تريكة مع إخوانه المحاصرين في غزة، كان يعلم أنه سيحاسب عليه ولو بعد حين
أما دارس التاريخ الذي سيستطيع أن يتخطى دهشته وذهوله فسيصنف هذه الواقعة تحت عنوان "واقعة عجيبة" وسيقول:
ولقد ذكروا أن النظام المصري أراد أن يبيع لأول مرة -صراحة- جزءاً من الأراضي المصرية للمملكة العربية السعودية وقتها، وعلى أثر هذا القرار الغريب انتفض أحرار الشعب في يوم جمعة سموها جمعة الأرض
إن حالتنا الحضارية المتسمة بتعدد أزماتها السياسية والاقتصادية تجعلنا أمام تحدٍّ وجودي فإن لم تخلق روحاً خلاقة قادرة على بعث الحضارة الإسلامية من جديد وإعادة دورها في صناعة التاريخ فإننا سنظل بيادق في رقعة شطرنج كبرى يحركها لاعبون يمثلون القوى الكبرى في العالم.
تطلب الأمر الكثير من الوقت ومن المماطلة وخذلان الثورة في فرنسا حتى تحول الإصلاحي إلى جذري، والسلمي إلى عنيف، ولتخرج العملية الثورية عن حدودها البورجوازية إلى الجذرية بدرجة لم يتحملها الثوار أنفسهم، فهل من سبيل للاستفادة؟ أم علينا فقط تكرار التاريخ بكل عثراته ودمويته إذا أردنا الوصول إلى نتائج معينة؟ وهل ما وصل له الفرنسيون بعد كل ما شهدوه من قمع يعد إنجازاً في صالح المبادئ الإنسانية والتحرر؟
لقد ساهم تشبث الناس بالأمل ومطاردة المعجزات في رفع تكلفة الفاتورة العلاجية إلى أرقام فلكية حدت بالعديد من دول العالم إلى التحذير من إفلاس القطاع الصحي، وعدم قدرته على تلبية احتياجات الناس الصحية في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
بل يزيد على ذلك ما يمارسه النظام من تعتيم إعلامي على ما يجري في سيناء من جرائم حرب وانتهاكات صريحة للحقوق والحريات دفعت شباب سيناء للقول صراحة إنهم لم يعودوا ليهتفوا بمطالب ثورة يناير من عيش وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، وصارت جل أمانيهم المطالبة بالحياة فقط بعد أن قامت قوات الشرطة بقتل عشرة شباب كانت قد سبقت أن اعتقلتهم منذ أشهر ماضية تحت ذريعة اتهامهم بالقيام بعملية تفجير كمين المطافئ، التي لم يمر عليها سوى أيام معدودات!!
بالرغم من كل المظاهر الخادعة أمام كاميرات الفضائيات والتبجح بـ"الصمود" الوهمي من جانب ممثلي الفصائل والمعارضة، فإن الحقيقة العارية هي أن طبيعة إدارة الفصائل المسلحة المحسوبة على الثورة، وكذلك أوساط الائتلاف والهيئة التفاوضية للأزمة في التحاور مع الروس بتوسيط الأتراك والركون إلى ضماناتهم ما بعد سقوط حلب
تقول إحدى الناجيات من المعتقل التي كان عمرها 10 سنوات إن الأساتذة والقادة كانوا يتمسكون بأدق التفاصيل من التقاليد والأعراف الكشفية، كانوا يحرصون على آداب الطعام والترتيب والنظافة، وفي نهاية كل يوم كانوا يتجمعون حول نار السمر وينشدون الأهازيج والأناشيد التي تعينهم على الثبات وتبعث فيهم روح المحبة والسلام في قلوب الجميع رغم ضراوة الحرب وقساوة المعتقل.
تظاهرت أني كالباقين أبحث لها في حقيبتي عن شيء تأكله، ولكني لم أجد شيئاً، تجاهلت الموضوع وأشحت بنظري من جديد نحو الخارج، لكن ضميري بدأ يؤنبني، ربما عليّ أن أعطيها الشيكولاتة التي بحوزتي.. وأخذتْ نفسي تنازعني.. أعطيها، لا أعطيها، أعطيها.. حسناً سأعطيها إياها وأنقذ حياتها وأريّح ضميري
من حلب إلى أستانا وصلت الرسالة إلى السوريين الذين ملوا الحروب وتعبوا من التهجير وزهدوا في الحياة كلها.. عليك أن تجدي لهم حلاً يحفظ ما تبقى منهم ومن حلم ثورتهم.. لا تسمحي لهم أن يغادروا أرضك دون وضع حد لبراميل الموت التي لا تتوقف عن حصد أرواح السوريين.
لا تزال تركيا تعاني من غدر المنظمات الإرهابية (داعش وبي كاكا والكيان الموازي)، فهذه المنظمات الإرهابية جعلت عام 2016 العام الأكثر دموية في تركيا؛ حيث شهدت تركيا أكثر من 24 عملية إرهابية، حصدت 418 قتيلاً، ومئات الجرحى وخسائر مادية كبيرة.
ولذلك، أصبح الحديث عن ماهية تلك الثورات بمثابة مراجعة ذاتية للأفكار التي ساهمت في رسم ملامح التوجهات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالآليات الإنتاجية لقواعد اللعبة السياسية لديناميات رياح التغيير في المنطقة العربية، التي أدت إلى خلق بؤر للنزاع أو للصراع في مجالات معينة بإحداث تغيير في الأنماط المؤسسية عبر القواعد الجماهيرية والشعبية من خلال حراك سياسي واجتماعي وإعلامي
أيضاً أسلوب التنظير لإيصال أفكار ومعتقدات جاهزة سابقاً بدون خلق الفكرة وتوليدها من سياق الأحداث، فمثلاً المشهد الذي يعترض فيه البطل على حديث في البخاري معلناً امتعاضه من أن الناس "صارت تعبد البخاري لا الله"، سياق تصادمي ستنقسم ردة فعل المشاهدين معه إما إلى إيماءة رضا من المنتمين لتيار المؤلف الفكري بشكل مسبق، أو سخط وغضب مخالفيه المتعصبين لفكرة الصحة المطلقة لكتاب كالبخاري
في الأوضاع الراهنة، يتم ربط أي سخافة ذكورية أو تعصبات بدائية بمبدأ الرجولة، بإمكانك ادعاء تمثيل الرجولة والعيش مرتاح البال كبغل لا عقل له، لكن لو اقتصر الأمر عند هذا الحد فالأمور هينة؛ لأن المشكل هو أنه تحت هذا المسمى (الرجولة) الذي ليس سوى غطاء رث للجبن والتحجر والجهل
تجعلنا أزمة أبو تريكة ننتبه لذلك الخط الرفيع بين الاختلاف مع الفكر السائد وبين ممارسة العنف على أساس الشعور بالاختلاف مع هذا الفكر، ولوصم المعارضين دائماً بتهم مقولبة وجاهزة للنيل منهم، سواء أكانت الخيانة العظمى -قديماً- أو أكثرها حداثة -الإرهاب-، تجعلنا ننتبه إلى خطورة قذف من نختلف معهم بتهم كبيرة ومرعبة للغاية
بعد ستّة أعوام من الثورة لعلّي أستطيع أن أقول إنّني الآن فقط أفهم لمَ قد حُزنا رتبة الأفضليّة بين الأمم بكوننا أمةً تحترف التغيير والأمل في قوله سبحانه وتعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه}. لأجل كلّ هذا ولأجل ما لم يسمح المقامُ بذكره: للثورة بقية إن شاء الله.