تقارير وملفات خاصة

صوت وصور | نجمة تتوسل ياسر الاستيقاظ من الموت

o6ug45piw1ig

جنين – خاص قدس الإخبارية: “والله يا خالتي ما بصبر وراه والله، ياريت لو انهدت داري لو متت انا، لو قعدت تحت الشجرة وظل ياسر، لو ظل أبو أدهم وما بدي اشي، يكون في الدنيا وأعيش تحت الزتونة بس رجعولي أبو أدهم”.

بهذه الكلمات الحزينة، والصوت الذي انهكه التعب، وخالطه البكاء والحسرة والألم، بدأت السيدة نجمة حمدونة والدة الشهيد ياسر، حديثها لـ “شبكة قدس”، مسترجعة ذكرياتها مع ابنها، الذي لا تستطع تخيل حياتها بعد أن ودعته، وهي التي حلمت بلقياه حراً حياً.

14610592_1778703799069708_1524869374_n-1

لم يكن الشهيد ياسر حمدونة الشهيد الأول الذي ارتقى داخل سجون الاحتلال، فقد سبقه 207 من شهداء الحركة الأسيرة، الذين قضوا خلف القضبان، بالإضافة لستة من الأسرى استشهدوا جراء الإهمال الطبي بعد خروجهم من السجون.

الشهيد حمدونة (41 عاما)، أُعتقل عام 1995 للمرة الأولى، حُكم على إثرها بالسجن لمدة ست سنوات، عاد بعدها لأحضان أمه التي أرادت أن تفرح به وتزوجه.

لكن الاحتلال لم يمنحها الا عامين من الفرح، قبل أن يعتقل ياسر للمرة الثانية بتاريخ 19/6/2003، كان قد رزق بطفلين، أحدهما ولد قبل يومين من اعتقال والده،و حكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن مدى الحياة، إلى أن فارقها.

وقالت والدة الأسير حمدونة، خلال زيارة “شبكة قدس” لها: “ابني مريض بالسجن من 8 أشهر، دخل السجن وما كان في اشي، بس بالسجن ضربو وعذبو، كسرو ركبتو وصار معو طرش في ذانو وأنا ما بعرف”.

كان حمدونة يعاني من “ضغط بالشرايين على القلب”، هو السبب الرئيسي لوفاته وفق تقرير الصليب الأحمر، حيث لم تقدم إدارة السجون له أي علاج، بل تركته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

“اليهود قتلو ابني ، تركو لحتى استشهد، عملولو قسطرة وطلع بدو عملية، بس ما عملوها، حتى الدوا ما أعطو إلا مسكنات، بأخر زيارة إلي كانت في 5 رمضان، نزل قعد بحضني مشان نتصور وأعطاني محرمة فيها 3 حبات دوا، حكالي يما خبيها وخليهم يجبولي منو، أوعي حدا يشوفك”، بحرقة تحدثت حمدونة لـ “شبكة قدس”.

14555811_1778704545736300_2041474427_n

لم تتوان السيدة نجمة حمدونة عن السعي خلف سلامة ابنها، فكانت كثيرة الزيارات لهيئة شؤون الأسرى والمحررين والصليب الأحمر، تطلب منهم متابعة الحالة الصحية لابنها وتعيين محام له، لكن كان الرد يتأخر كثيراً.

“ما اعتنوش بابني أهملو في، أنا بحمل إسرائيل المسؤولية هي، وكل الدول، والصليب الأحمر صار يخلينا نزورو بالشهر مرة وحدة، قال الصليب معوش مصاري، ياخدو قد ما بدهم بس يخلونا نزورو”، تكمل السيدة نجمة كلامها عن ابنه.

“كانت صحته منيحة، بس مش مثل ما بعرفو أبني يلي ربيتو وحبيتو، بحكيلو مشان الله احكي يما مشان الله وما يحكي”، هكذا ختمت السيدة نجمة حديثها.

واستنكرت حمدونة، مشاركة الرئيس محمود عباس بجنازة الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمعون بيريز، وقالت إنه من الأولى له زيارتها، وأن يشد على يدها خيرًا من أن يشد على يد أرملة بيريز.

الإعدام الطبي

من جانب آخر وصف الأسير المحرر محمد القيق خلال حديثه مع “شبكة قدس”، الإهمال الطبي داخل سجون الاحتلال بالإعدام الطبي، قائلا: “هو إعدام طبي ولا يسمى إهمال طبي، يكون الأسير بحاجة لعملية جراحية مهمة وتتجاهل ذلك، هذا إعدام ممنهج، خاصة ما يجري في عيادة سجن الرملة”.

وأكد القيق على مدى تأثير الإهمال السياسي لقضية الأسرى، وأنه سبب رئيسي في حالة التفتيش العاري وحالة التنكيل بالأسرى خلال الزيارة، إضافة إلى التنقل بين السجون يوميا، وغيره مما يلاقيه الأسرى في غياهب السجون.

“الأمور المعقدة نفسيا بالنسبة للأسير هي “البوسطة” –العربة التي ينقل الاحتلال الأسرى بها-، والمكوث عدة ساعات داخلها، وحالة البطش والعربدة التي تمارسها وحدات “النحشون”، -الوحدات الخاصة بنقل الأسرى بين السجون-، سبب مهم في عذاب الأسرى النفسي “هذا ما قاله القيق في وصفه لقوات “النحشون” التي كانت السبب الرئيسي خلف تعرض الأسير حمدونة للجلطة.

الاحتلال يغمض عيونه عن أمراض الأسرى

من جانبه، أوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن الأسير حمدونة أُستشهد نتيجة إهمال طبي، لأنه يعاني من مشاكل في القلب، وكان يعلم بها أطباء إدارة السجون، ولم يجر أي فحوصات دورية له، مما يحملهم مسؤولية استشهاده.

14569626_1778704632402958_179537555_n

وأكد قراقع لـ “شبكة قدس”، أن السبب وراء تزايد عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي، هو السياسات القمعية وتفاقم الأمراض في أجساد المعتقلين في ظل غياب الإهتمام الطبي، موضحا أن “إسرائيل” لا تلتزم  بالمعايير الدولية والإنسانية في تعاملها مع الأسرى.

14569613_1778703309069757_808512736_n

“احنا جهزنا ملفات عن هذه الجرائم سواء القتل بالتعذيب أو الإهمال الطبي أو جرائم أخرى ترتكبها إدارة السجون مثل العزل الإنفرادي واعتقال الأطفال، والحكم الإداري، وأرسلنا جزء منها إلى محكمة الجنايات الدولية، وسنحيل ملف الشهيد ياسر إلى المحكمة الجنائية الدولية خلال الأيام القادمة.

حين التقت “قدس الإخبارية” بالسيدة نجمة كانت طريحة الفراش، تتعكز على جدار الماضي وسط جدران بيتها القديم، ابن وحيد تبقى لها، يعيل عائلة من 11 فرداً، ولا يستطيع العمل سوى في الحقول المجاورة، وسط محاولات كثيرة لتعويض غياب ياسر، الذي يشهد عليه كل أركان البيت.

إلى الأعلى