|   

صحيفة أميركية: القضاء السعودي «صارم» لكنه لا يغلق باباً لـ«الرحمة»

النسخة: الورقية - سعودي
آخر تحديث: واشنطن – «الحياة» 

كتبت صحيفة أميركية أن النظام القضائي السعودي يواجه سيلاً منهمراً من الانتقادات، لأن لا أحد يفهم شيئاً يذكر عنه خارج حدود المملكة. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس واقعة عفو إحدى السيدات عن قاتل والدها، مشيرة إلى أن القضاء السعودي يقوم على تقاليد إسلامية تعود إلى قرون من الماضي، وأنه يمنح الأولوية للاستقرار، وليس للحقوق الفردية والحريات. ونسبت إلى أمير القصيم الأمير فيصل بن مشعل قوله إن العقوبات التي ينص عليها القرآن الكريم هي التي تحفظ أمن البلاد. وأشار إلى أن النظام الشرعي المتبع في السعودية يتضمن، إلى جانب العقوبات الشرعية، طرفاً للرحمة. وأكدت «نيويورك تايمز» أن النظام الجزائي في المملكة ينص على العقوبات الشرعية المعروفة كالقصاص في جرائم القتل، والقطع في السرقة، والجلد في الزنا، لكنه يتضمن أيضاً أنظمة حديثة للجرائم العصرية كتعاطي المخدرات، وحيازة السلاح، وجرائم المعلوماتية.

وأوضحت الصحيفة أن القضية التي حدت بها إلى إيضاح تلك الحقائق تتعلق بقيام مواطن يدعى بندر اليحيى بقتل صديقه في منزله، إثر خلاف بينهما يتعلق بمديونية، فأرداه بطلقة اخترقت صدره، فقتلته في الحال، بحسب ما ذكر شقيق القتيل، ويدعى فالح الحميداني. واعترف اليحيى بجرمه. وبعد نحو عام من الإجراءات أمام المحكمة حُكم عليه بالقصاص. غير أنه اهتدى خلال تلك الفترة في السجن، وتدخل عدد من المشايخ والأمراء مناشدين ذوي القتيل العفو منه، وتقدمت إحدى بنات القتيل لتعلن عفوها عن دم والدها.

وذكر أمير القصيم الذي وقعت الحادثة في إمارته أنه إذا لم تكن هناك جزاءات فإن فوضى شاملة ستسود. لكنه قال أيضاً إن النظام الشرعي يتضمن أيضاً مخارج تتيح الرحمة. وأوردت «نيويورك تايمز» أن هناك كثيراً من الجرائم، وعقوباتها ليس لها تعريف واضح في النظام القضائي السعودي، كالاختطاف غير المسلح للسيارات، والشروع في النهب، والأفعال الجنسية دون الفاحشة، والمضايقات، والاحتيال. وأضافت أن ذلك يمنح قدراً كبيراً من الاستقلال الذاتي للقضاة لتعريف الجريمة وإصدار أحكام العقوبة.

وعلى رغم الانتقادات التي توجه في الغرب للقضاء السعودي في ما يتعلق بأحكام القتل وقطع الأيدي، فإن العاملين في المحاماة يؤكدون أن النظام القضائي يفرض قيوداً على فرض تلك الأحكام. ومن ذلك مثلاً أن فقه القضاء السعودي يوجب القتل في جريمتي الزنا والتجديف، غير أنه نادراً ما ينفذ القتل في الحالتين، لأن الشريعة الإسلامية تفرض شروطاً صعبة لتوفير الإدانة. ففي حال الزنا تتطلب الإدانة شهادة أربعة مسلمين عدول ينبغي أن يكونوا قد شهدوا واقعة الزنا بأعينهم، وهي شهادة من شبه المستحيل توفيرها. ونسبت الصحيفة إلى المحامي السعودي أحمد الجهيمي قوله إن المحاكم السعودية لم تطبق طوال العام 2014 سوى حكم وحيد بقطع يد سارق، وذلك بسبب شروط صارمة يفرضها القانون على إثبات جريمة السرقة. وقال عدد كبير من المحامين السعوديين إن صدور بعض الأحكام القاسية له ما يبرره، خصوصاً الحكم على مدون بالسجن 10 أعوام و1000 جَلْدَة، إذ جاء الحكم بتلك الشدة بسبب إهانة المدان للديانة الإسلامية والمؤسسة الدينية، وهو عمل يُعتقد بأنه أكثر زعزعة للاستقرار من الزنا أو حتى القتل.

وفي شأن قضية اليحيى، ذكرت «نيويورك تايمز» أن محكمة من ثلاثة قضاة دانته بالقتل، ما دعاه إلى الاستئناف إلى محكمة من خمسة قضاة خلصت إلى تأييد حم المحكمة الأدنى، ورفعت قرارها إلى المحكمة العليا. ولو كان لدى غالبية قضاة المحكمة العليا أدنى شك في إدانته لتم إلغاء الحكم. لكنهم لم يروا شيئاً معيباً في القرار. ورفع الحكم إلى الديوان الملكي السعودي وتمت المصادقة عليه.

ويتعيّن في حال اليحيى أن بيَد ورثة القتيل وحدهم العفو عنه. بيد أن أصغر بنات القتيل كانت في الثالثة من عمرها، ولن تصبح في سن تتيح لها الموافقة على العفو إلا بعد بلوغها 15 عاماً من العمر. ولم يكن ثمة بد من أن يقبع اليحيى في السجن إلى حين بلوغ الطفلة السن القانونية للموافقة أو رفض العفو عن قاتل والدها.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن كثيراً من المسلمين يعتقدون بأن إنقاذ نفس من الموت، حتى لو كانت لقاتل، سبب لجلب الثواب. وهكذا فإن إمكانات عفو ذوي القتلى فتح باباً لناشطين للعمل على تشجيع العفو وتفادي القتل. ويمكن العفو عن القاتل حتى قبيل لحظة وقوع السيف على عنقه. وعلى رغم أن منظمات حقوق الإنسان تورد إحصاءات عن عدد أحكام القتل التي يتم تنفيذها، إلا أنها لا تورد شيئاً عن حالات العفو التي يتم كثير منها من دون دفع أموال، مع أنه في حالات عدة تقبل عائلات بالعفو في مقابل الدية التي وصلت في إحدى القضايا إلى 1.3 مليون دولار.

وقال الحميداني (شقيق القتيل) إنه مع بلوغ ابنة القتيل السن القانوني، بدأ المشايخ يناشدون الورثة العفو عن الجاني. وتدخل عدد من كبار شخصيات البلاد وزعماء قبليون بتحرير «شيكات على بياض» ليتم العفو المنشود.

وعلى رغم تمسك شقيق القتيل بالقصاص، وبأن الأمر لا يتعلق بالمال، إلا أن الشيخ راشد الشلش وهو رجل دين يترأس لجنة في منطقة القصيم تقوم بحملات من أجل العفو لاحظ، بعد درس أبناء القتيل التسعة، أن ابنته نورا مستعدة للعفو. ووقّعت الابنة التي كانت بلغت عامها الـ17 على وثيقة التنازل المطلوبة من دون علم أفراد أسرتها، ما أثار غضبهم لكن عمها الحميداني قال إنهم اضطروا لقبول تصرفها، لأن ذلك من حقها. وتساءلت نورا: إذا قتلوه (الجاني) فكيف سيكون في ذلك نفع لوالدي؟ وشعر الشيخ الشلش بأنه على رغم العفو، إلا أن أفراد أسرة القتيل قد يسعون للثأر حال إطلاق اليحيى، ولذلك قامت اللجنة بإعطاء الأسرة مبلغ 800 ألف دولار، وخصصت 130 ألف دولار إضافي لنورا مكافأة لها على حسن صنيعها. ورفض اليحيى الذي غادر السجن في عام 2011، وكان عمره آنذاك 33 عاماً، التعليق. وقد تزوج أخيراً وحصل على درجة جامعية في القانون.

This article has been published at alhayat.com. Unauthorised replication is not allowed.


 
 
  1. Alternate textعبدالمحسن

    لسنا في حاجه الى تقييم صحيفه امريكيه لقضائنا ،، فنحن نعرفه ونعرف علله .. فمعظم مسائل الشرع خاضعه للاجتهاد ولم ترد بها نصوص صريحه .. وقضاؤنا يستند الى اكثر الأقوال والأحكام تشددا وتطرفا .. ثم ينسبها الى الشرع وهي ليست منه .. فمثلا .. اين النص بقتل المرتد حدا ..؟.. واين النص على استخدام الجلد في غير الحالات المحدده التي وردت في القرآن الكريم ..؟ .. واين .. واين .. ومن التجني ان نتبنى اراء المتشددين وننسبها الى الشرع .. وهو تجن على شرع الله أولا .. وتجن على الرحمه التي وصف بها الدين وتجن على العباد وعلى البلاد ... هذا خلاف أن الأحكام التي تنسب الى الشرع .. تختلف من قاض الى آخر .. وقد يصل الاختلاف الى التناقض التام .. فهل يصح ان نطلق عليها احكاما شرعيه او ان ننسبها الى الشرع ..؟!

    الأربعاء 25 آذار 2015 2:44 م

  2. Alternate textابوحفصه

    الخلط بين الشرع الوارد بنصوص صريحة.. وبين (آراء) و(اجتهادات) الفقهاء.. ونسبتها الى الشرع هو ما يوقعنا دائما في الأزمات والمآزق.. خاصة إذا ما كنا نأخد بأكثرها غلوا وتشددا

    الأربعاء 25 آذار 2015 3:09 م

  3. Alternate textكلمة حق

    مؤيد جدا لما ذكره الأخ ابو حفصة، نعم أكثر ما يوقعنا في الأزمات هو الخلط بين الشرع الوارد بنصوص صريحة.. وبين (آراء) و(اجتهادات) الفقهاء.. ونسبتها الى الشرع بالغصب، لذلك يجب إعادة النظر بأحكام القتل تعزيرا لأنها عقوبة مستحدثة لأهداف قد تكون مشبوهة

    الأربعاء 25 آذار 2015 4:54 م

  4. Alternate textكلمة حق

    مع الأسف .. فإن الصحيفة الأميركية ركزت علی احكام القصاص التي لا خلاف عليها، وتجاهلت احكام القتل تعزيرا مع انها لب المشكلة وأساس الأزمة الحقوقية، ان ما يستغرب منه ان يقوم ولاة الأمر بالسعي لإعتاق المحكومين بالقتل قصاصا في الوقت الذي ينفذون فيه احكام القتل تعزيرا مع ان حق العفو عن المحكومين بالقتل تعزيرا بيدهم علی اعتبار انها حق عام وليس حق خاص كأحكام القصاص قصاصا التي ليس لأحد حق التنازل عنها إلا ذوي الدم، ان من المأمول من ولاة الأمر ان يغلقوا هذا الباب الذي فتح انظار العالم علينا وان يوجهوا بإقفال ملف عقوبات القتل تعزيرا واستبدالها بعقوبة السجن اذا انها كلها احكام تعزيرية، الدين الإسلامي دين عدل ورحمة وليس دين قتل وعقوبات قاسية، وما دام ان بلادنا ترفع شعار تحكيم الشريعة فيجب ابراز محاسن الشريعة التي من أهمها الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الغلو والتطرف، اذ لا يعقل ان ندعوا للتسامح والوسطية والاعتدال ونحن نمارس مثل هذه العقوبات القاسية التي لا تدل إلا علی الغلو والتطرف، يجب ان تكون افعالنا متوافقة مع اقوالنا ليكون لنا مصداقية ونكسب احترام الجميع..

    الأربعاء 25 آذار 2015 6:18 م

     

مفتي المملكة يحذر من أكاذيب شبكات التواصل ويدعو إلى تحرّي المواقع الموثوقة  |  بتوقيت غرينتشتنفيذ حكم القتل قصاصاً في جانيين بجازان  |  بتوقيت غرينتش«أمانة جدة» تصنف 309 منشأة غذائية... وتكرم أصحاب المشاريع المتنقلة  |  بتوقيت غرينتشالكشافة تدعو إلى ترسيخ ثقافة الجودة في جميع قطاعاتها  |  بتوقيت غرينتش«مربط عذبة» يحقق بطولة العالم للأفحل في العاصمة الفرنسية  |  بتوقيت غرينتش«ابن الوزير» و «تسرب آرامكو» هل يخرجان «نزاهة» من الصمت المطبق  |  بتوقيت غرينتشسحب رعدية ممطرة على بعض مناطق المملكة  |  بتوقيت غرينتش80 في المئة من الزيجات السعودية تنتهي بالطلاق... واتجاه إلى إلزامية الدورات التأهيلية  |  بتوقيت غرينتشصندوق الاستثمارات العامة يستثمر في مجموعة «أمريكانا»  |  بتوقيت غرينتش«الإسكان» توقع اتفاقاً لتطوير وتصميم 2800 وحدة سكنية في الأحساء  |  بتوقيت غرينتش