فرص نجاح المحادثات باتت في عداد الأموات. بدليل ما يشاع بأن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى الرياض تمخضت عن إبرام صفقات لشراء سلاح وعربات مصفحة تركية بمليارات الدولارات.
ولئك العالقون في المنتصف هم الأكثر حيرة، يهدرون الكثير من لحظات حياتهم، يقعون تحت سلطة رمزية هي سلطة عشق المجهول أو تمثل الحرمان والوله بالكمال، ساهم في ذلك زمن سلطة الكلمة والصورة، الكلمات المرصوصة التي تحكي عن ملحمة نضالية ستحول البلاد إلى أرض العدل في بضعة مظاهرات وعدة أشهر، وانتصار مؤزر سيأتي من السماء. أو كسلطة الصورة التي اختزلت تفاصيل وأقنعت الشباب أن جميع المجندات في الجيوش الكردية ذوات شعر أصفر وأجسام رشيقة، وأقنعت الفتيات الريفيات أنهن يعِشن في حرمان من طبقات مظلمة لأنهن لم يستمتعن برشفة فنجان قهوة على ساحل البسفور كما تفعل كاتبة شابة تعيش مع أسرتها في جزر المالديف.
ننسى دائما تضحيات رواد تحولوا في أذهاننا إلى معالم مفقودة، ونحتاج من حين إلى آخر أن نتذكرها، أنا أندهش من كُتَّاب السير الذاتية في الدراما المصرية، متى سيتكلمون عن الفترة الذهبية لمناهضي الاستعمار، أحمد عرابي وعبد الله النديم ومحمود سامي البارودي وغيرهم، هؤلاء الذين نفاهم الاحتلال إلى جزر سيريلانكا ولم يعد عرابي إلى مصر إلا بعد 20 عاما لشدة مرضه، ومحمود سامي البارودي هو الآخر لم يعد إلا بعد 18 عاما بعد إصابته بالعمى، ننسى.. أو نتناسى لكن التاريخ لن ينساهم، ومصر لن تنساهم!
وبتقييم هذا الطرح للدكتور عبدالرزاق السنهوري، نجد أن هناك إشكالية حقيقية كانت سببا أساسيا - ربما - في عدم تفعيله، بالرغم من تدرجيتها ومعقوليتها، وهي أنها مبادرة نظرية لم تأخذ في حسبانها عنصر القوة، التي قد تكون داعما أو مانعا أمام الأفكار والرؤى لتتجسد على أرض الواقع. فلا الاستعمار الأوروبي ولا الحكام المستبدون في ذلك الوقت (الهاشميون في العراق والأردن، والسعوديون في الحجاز، والأسرة العلوية في مصر والسودان، والشاه في إيران) كانوا ليسمحوا ببروز هذا التنظيم الأممي، أو نصب خليفة يشاركهم سلطانهم - ولو في الشؤون الدينية فقط - داخل أقطارهم.
وأنت تتصفح سيرته وقصة زواجه من خديجة -رضي الله عنها- تحس فعلاً بالسلم والسلام الذي كانا يعيشان في كنفه. ففي يوم من الأيام، كان عليه أفضل الصلاة والسلام يخيط ثوبه، وكان وجهه يتصبب عرقاً، فقالت له السيدة عائشة: "لو رأى الشعراء جبينك لنظموا في وجهك شعرا"، عندئذٍ وضع الرسول الثوب جانباً وقبلّها بين عينيّها، وقال: "والله يا عائشة ما كافئتك مثل ما كافئتني".
لماذا تحسب السنين كما تشاء وليس كما نشاء؟ عليك ألا تضيف لأعمارنا، كل دقيقة ضاعت منا في زحام الطريق، في الظلام، في قضاء الأعمال المفروضة علينا، يجب أن تطرح أيام الحزن، والندم على ما سبق، أوقات الظلام، والقرارات الخاطئة، يجب ألا تحتسب سنوات الإخفاق، وساعات الانتظار لمن لم يأت.
الخصوصية.. من الأشياء التي ضربت في مقتل.. صارت شبابيك حياتك وأبوابها مفتوحة ع البحري للجميع.. فالجميع في العالم الافتراضي يعلم ماذا تعمل وماذا تأكل وكيف تنام وهل تفضل النوم على جانبك الأيمن أم الأيسر وما آخر كتاب قرأته (غالبا قرأته أونلاين).. ومن مطربك، وحتى حماتك اللي تنشك هي وبنتها ضايقوكِ إزاي آخر زيارة.
التغييرُ لنْ يكون سهلًا والتضحياتُ ستكونُ قاسيةً بل مُرَّة أحيانًا؛ لذلك كان الثمنُ رضا الله والجنَّة التي عجزت عقولُ الناسِ عن تحديد ماهيتها أو استنتساخها.. أدرك الصحابةُ الأوائلُ مع النبيِّ محمدٍ أنَّ فراق الأرض والأهل والمال والعصبةِ والقبيلة حتميٌّ مع تهديد دولة المصالح والمنافع، كما علَّم النبيُّ أصحابه أنَّ الهدف هو العمقُ وليس السطحُ أبدًا..
تأتي نقطة التحول في الفيلم عندما يحضر إلى المعتقل دفعة جديدة من "أعداء الوطن" فينهال عليهم المجندون بعصيانهم، ويشارك معهم أحمد سبع الليل في النيل من الأعداء، وإذا به يفاجأ بحسين وهدان أمامه فيثبت في مكانه للحظات ثم يصرخ بأعلى صوته "وقف منك ليه، ده حسين أفندي ابن عم وهدان، ده لا يمكن يكون من أعداء الوطن أبدا.. أبدا" ويدافع عنه ويحميه بجسده. ومن هنا يفيق سبع الليل من وهمه، ويبكي بحرقة لأنه قتل واحدا منهم، في مشهد أداه ببراعة كل من أحمد زكي وممدوح عبد العليم ومحمود عبد العزيز.
وبين هذا وذاك جاءت إعدامات السعودية لتجدد الفرصة الذهبية أمام أعين السيسي وبخاصة بعدما بدأ للداني والقاصي أن الرجل يفقد جزءا كبيرا من شعبيته المصنوعة على أعين آلته الإعلامية بالإضافة إلى فقدانه أي تجاوب عالمي بعد رأي الجميع أن ما يسوق به نظامه عالميا من فكرة محاربة الإرهاب ما هي إلا أداة لتثبيت أركان حكمه التي تهتز بشدة.
يفترض، ونحن نتعاطى مع معنى الانتخابات المحلّية، ألا نتكلّم عن برنامج انتخابي سياسي حزبيّ، بل عن برنامج يطرح تصورّات وحلولاً وبدائل للأوضاع الصعبة والمشاكل التي تشكو منها المنطقة التي يتمّ الترشّح فيها. ومن المحبّذ أن يتضمّن برنامج الترشّح أفكارًا مفصّلة يقع نقاشها قبل وأثناء الحملة الانتخابية مع المواطنين بشكل مباشر. كما يفترض أن يتضمّن برنامج الترشّح اقتراحات حول طرق إنتاج الثروات، محلّيا، وسُبل توزيعها والاستثمار فيها وفقا لمصلحة المنطقة أو الدائرة البلديّة وبحسب احتياجات أبنائها.
يحدث أن ما سمي بخارطة الطريق قد شارفت على الانتهاء بعد إتمام الانتخابات النيابية، ودعك يا عزيزي من أن الأمر برمته باطل، وأن كل الإجراءات التي اتخدت في الوقت ما بعد الثالث من يوليو/تموز كانت على دماء وأشلاء. دعنا نقرُّ أنه في نهاية المطاف استطاع الجنرال أن يحرز تقدما بقوة الأمر الواقع، وينفذ ما أراد بفضل أخطاء معارضيه لا دهاء نظامه، وكان حقا على مناهضي الانقلاب أن يعملوا جاهدين لعرقلة إتمام هذه العبثيات بدلا من شغل ساحة الثورة بأمور ليست ذات بال، وليست من أولويات المرحلة.
لم تسجل أي هجمات إرهابية وقعت في ألمانيا منذ بدء ظهور الجماعات المتطرفة كالقاعدة أو الدولة الإسلامية المعروفة بداعش، إلا أن التوجس من وقوع أي هجمات تلاحق الألمان، واستدعى الأمر في بعض الأوقات إلى إلغاء أنشطة أو رفع حالة التأهب في مناطق معينة بالرغم من عدم وجود أي مؤشر بنية تلك الجماعات في تنفيذ مخططاتها الإرهابية في ألمانيا إلا أن التوجس الدائم من تلك الهجمات ما زال قائما.
وبعدها دخلت في رحلة على مدار ثلاثة أشهر في عالم ريادة الأعمال التي بدأت بحوالي 800 فكرة ريادية ليفوز في النهاية منها 20 فكرة ريادية بتمويل 4000$ لكي تتحول إلى واقع بعدما حصلت فرق المشاريع على تدريبات مكثفة في مجال خطط الأعمال.
تعلمت.. قد كانت 2015 سنة الإجازة الإجبارية بسبب أزمة الحرب في مدينتي، ولست بصدد أن أحدثكم عن ظروف القلق والتوتر، ولا الاضطراب الأمني والمعيشي، لأن مقالتي تتناول الجانب التفاؤلي المعطاء للحياة، كل ما يمكنني قوله إن تجربة الضيق والشدة، يمكن أن تستثمر في صناعة أشياء قريبة من النفس، وقد تعلمت صناعة الخيط Crochet فكانت تجربة أنثوية، ناعمة، ومسلية، إنها ببساطة تبعث رسالة قصيرة مفادها "إن الخيوط المعقدة والمتشابكة يمكن أن تنجم عن جمال أبيض بهيج يزين رفوف بيتنا". هكذا أنجزت في عامي هذا قطعة كروشيه مميزة، وفريدة ليس لأنها الأولى فحسب، بل لأنها مهرت بالإتقان الذي هو قيمة لا تقدر بثمن في أيما تجربة.
رغم ما أنجزه دستور 2012 من حقوق وحريات ووضع أسس الإصلاح الاقتصادي والسياسي والعدالة الاجتماعية ، فإنه في كثير من جوانبه، يبقى تسوية بين الأطراف السياسية والمؤسسية والأمنية والقضائية والشبابية، لكن هذه التسوية لم تعد مقبولة من أبناء الشعب الآن بعد انقلاب مؤسسات الدولة القضائية والأمنية والإعلامية على هذا المسار الإصلاحي.
ألا وقد انقضت خمسة أعوام على انطلاقة ثورات الربيع العربي، على الأغلب، ستعمل الأطراف الإقليمية والدولية المتأثرة من نجاح ثورات الربيع العربي، خاصة الأطراف الغربية، على تكثيف التعاون فيما بينها وتوزيع الأدوار (إعادة تموضع سياسي وعسكري)، بشكل أو بآخر، من أجل إطالة أمد هيمنتها على المنطقة، من خلال تنفيذ بعض السياسات أو المخططات المحتملة في المديين القريب والمتوسط، منها على سبيل المثال:
ولنأخذ بلداً عربياً كبيراً مثل مصر كمثال تتباهى فيه وسائل الإعلام -ربما عن جهل أو غيبة عقل- بأنها تحتل الصدارة العالمية في عدد العلماء الذين يعملون خارجها، والذين يقدر عددهم وفقاً لعدة مصادر بما يزيد على ستة وثمانين ألف عالِم، منهم ما يصل إلى ألفي عالم في تخصصات نادرة مثل التطبيقات النووية، والفيزياء والكيمياء الحيوية، وعلوم الحاسب الدقيقة وغيرها.. هؤلاء وعشرات الآلاف غيرهم داخل وخارج الدول العربية يمكن أن يمثلوا طاقة دفع هائلة لعملية تنمية للأقطار العربية واحداً تلو الآخر. في إطار مشروع تنموي وطني وإقليمي شامل.
ستتراءى لك الآيات في الخريف وتحاتت ورق شجر الطرقات.. كيف أن هذا الزهوَ والاكتمال قد انتهى وآل على الأرصفة تحطمه الأقدام! وكيف أن بعض القطرات عليها تكفيها لتعيد فيها الحياة وتنعم ببعض غضاضتها بعض الشيء! فتعود لقوتها برهةً من الزمن، تمنّي نفسها أنها لم تسقط عن أمها، وأن الغصن ما زالَ موصولاً بها؟