الأرشيف
عن وفا | اتصل بنا | البريد

Wafa Images
Wafa Images
Wafa Images
  09 حزيران 2014    الساعة 17:09 بتوقيت القدس
Youtube
facebook
Twitter
RSS

الزحف إلى الأعلى
تصغير الخطتكبير الخط   تعديل حجم الخط تجهيز نسخة للطباعة
Get the Flash Player to see this player.

27- 4- 2014 – رام الله – عميد شحادة

في فناء بيت قديم وسط بلدة السيلة الحارثية غرب جنين، كانت أمها تمسك طرف منديلها بأسنانها وتبكي بصوت مكتوم، فيما مريم تضحك وتسأل ساخرة: 'ما رأيك يا أمي بسيارتي الليموزين؟'

سيارة الليموزين هي 'وسادة' كانت مريم تضعها تحت ركبتيها لتعينها على الزحف.

'كنت في السابعة عشرة من عمري، أصعد هذا الدرج زحفا، لأنني لا أُحب البقاء تحت، أنا أرتاح في العلية فوق'، قالت مريم وهي تعيد عَدّ الدرجات الأربع عشرة المؤدية إلى العلية التي تحب.

ولدت مريم زيود قبل أربعة وثلاثين عاما، وعند السادسة عشر من عمرها سرى الخدر في أطرافها، وفقدت القدرة على المشي إثر مشاكل في نخاعها الشوكي.

'مرض مريم غريب من نوعه. لدي انحناء في العمود الفقري، ومشكلة أخرى في النخاع الشوكي'، قالت مريم، وتابعت أمها: 'بعد الفحوصات والصور والتقارير قال لنا الطبيب إنها تعاني من ازدواج في النخاع الشوكي، وتحتاج عملية في الأردن'.

عادت مريم من عمان إلى بيتها بهمة عالية بعد عملية جراحية ناجحة، ومارست حياتها الطبيعية من جديد، وعلى بعد بضعة كيلو مترات من بلدتها السيلة الحارثية، ذهبت لتدرس في جنين، وهناك كانت الانتكاسة الثانية، إذ انزلقت على درج المدرسة وأصيبت بالشلل.

'الطبيب في عمّان قال لأبي لا أمل .. عودوا إلى فلسطين، واعملوا موائمة للبيت، فمريم لن تمشِ ثانية'.

آنذاك صارت الحياة محرقة بحق، وسكب الناس وقودهم على نار مريم بقصد أو دون قصد، فالمصيبة بنظر المجتمع صارت مصيبتين: أولا لأن مريم 'أنثى'، وثانيا 'ذات إعاقة'.

تقول زيود 'عائلة جاءت تطلب أختي للزواج، فقال ابنهم على مسمعي، لا نريد أن تنجب لنا أولادا مشوهين مثل مريم'. وتستطرد: 'ذات مرة كنت في جنين على كرسي متحرك، بجانبي امرأة كبيرة في السن قالت لي: الناس الذين مثلك لازم يقعدوا في الدار، أنت بنت'.

لم تكن مريم تعلم أن سلك المذياع الذي ربطت به قدميها لتتدرب، أو الكرسي البلاستيكي الذي كانت تطلب من أختها وضعه بجانبها في الليل، سيساعدانها على الوقوف.

'تسألني أختي لماذا الكرسي؟ أقول لها ضعيه بجانبي ونامي، وحين كانت تستغرق هي في النوم كنتُ أُجرب الوقوف متكأة عليه. أول يوم سقطت. ثاني وثالث ورابع يوم أُحاول وأسقط. ثم بدأت أقف دقيقة ودقيقتين وثلاثة. شعرت بأن شيئا يتغير'.

تغيرت لهجة مريم. صارت أكثر سعادة وهي تتذكر كيف وقفت على قدميها، 'بدأت ابتكر أساليب جديدة. أربط قدماي بسلك المسجل وأتمرن. كنت لنفسي معالجاً طبيعياً'.

مشت مريم، وصارت ترفع سقف أمل المتعبات من الإعاقة والناس، وتنظر إلى الحياة من شباك عريض مرتفع.


جميع الحقوق محفوظة لوكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية – وفا تم انشاء هذا الموقع بمساعدة من اليونسكو. المواضيع والآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي اليونسكو